اكتسبَ دير القديس سمعان، اسمه من قبل بعض علماء الآثار والمسافرين، بينما تذكره المصادر التاريخية العربية والقبطية باسم دير الأنبا حتر (هدرا، هادري، هادرا). وهو أكبر الأديرة القبطية وأهمها تاريخياً، إذ كان له دورٌ كبير في إيواء أعداد كبيرة من الرهبان، عندما انتشرت المسيحية بين أهل ممالك النوبة، فكان يتسع لحوالى ألف راهب، كما تمثل النقوش والرسوم الباقية على جدرانه قيمة تاريخية وفنية كبرى.
يقع الدير في مدينة أسوان جنوب مصر، وقد شُيّد في القرن السادس على قمة تل جنوب جزيرة إلفنتين بالضفة الغربية للنيل. كما شهد الدير حركة إعمار كبيرة في منتصف القرن الحادي عشر. وتحيطه منطقة رمال صحراوية، تجعل الطريقة الوحيدة في الوصول إليه، هي السير على الأقدام، أو بواسطة الجِمال.
وحكاية بناء الدير الشائعة بين الأقباط، أن الأنبا حتر في الثامنة عشرة من عمره، وفي اليوم التالي لحفل زفافه، شاهد موكباً جنائزياً ألهمه أن يعيش السنوات المتبقية من حياته ناسكاً. وبعد ثماني سنوات من ممارسة الزهد والنسك، عاش في الصحراء، وبدأ في تأسيس الدير.
وفقاً للمؤرخ القبطي، أبو المكارم سعد الله بن جرجرس بن مسعود، صاحب كتاب "تاريخ الأديرة والكنائس في مصر"، إن الدير تعرّض، خلال القرن الثاني عشر (1173م)، لهجوم عنيف وأضرار جسيمة بشكل خاص، عندما قامت قوات صلاح الدين بحملاتها إلى النوبة. وربما يكون ذلك خوفاً من أن يستغل النوبيون المسيحيون الدير ليشنّوا الغارات على جنوب مصر.
ووفقاً لأبي المكارم نفسه، فإن ذلك لم يكن دأب صلاح الدين مع الأقباط، بل يقول: "إن الفرنجة حرموا الأقباط من زيارة القبر المقدس، إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي 1187م وفتح أبواب كنيسة القيامة لزيارة جميع الطوائف المسيحية، ومنهم الأقباط".
مع نهاية القرن الثالث عشر، تمّ التخلي عن واحدة من أكبر الأديرة في مصر، لسببين رئيسين، هما نقص المياه، والغارات المتكررة من قبل لصوص الصحراء والبدو.
على الرغم من أنّ الخراب حلّ بالدير؛ فإن العديد من معالمه الرئيسية محفوظة إلى الآن بشكل جيد. كما أن البرج الذي كان يعد مجمّعاً سكنيّاً، هو الأكثر تطوراً من نوعه. كما أن عدداً كبيراً من شواهد القبور، تُعدّ مصادر مهمة لدراسة أوائل أشكال القبور المسيحية في وادي النيل. هناك منحدر يفصل الدير إلى اثنين من المدرجات الطبيعية على مستويين، وجدار شبه منحرف يبلغ طوله ستة أمتار يحيط بالمدرجات. وقد تم بناء هذا الجدار مع الجزء السفلي من الحجر الخام، والعلوي من الطوب اللبن، وإلى اليوم فإن القسم الحجري من الجدار ما زال سليماً.
لا تزال الكهوف الصخرية الأصلية للقديسين، والكهوف التي كانت سكناً للحجاج، على حالتها. وفي الداخل توجد القباب مثمّنة الشكل، وأكبر قبتين تقسمان الصحن، وممرات صحن الكنيسة تنتهي إلى الشرق على طول الحرم. كان هذا الترتيب غير عادي في الأديرة القبطية، وقد تم إلغاء المداخل في وقت لاحق. وهناك أيضاً مغارة في الطرف الغربي من الممر الشمالي للكنيسة، حيث يقع الهيكل، وهو ضريح صخري قديم استخدمه الرهبان ملاذاً، وربما كان هذا الضريح هو السكن الأصلي للأنبا حدرة نفسه. ووراء الكنيسة تقع بطانة الجدار الشرقي، وفيها بضعة غرف للرهبان، لكل منها ثلاث أسرّة حجرية.
في الدير، العديد من اللوحات الجدارية، ولكن للأسف تضرر معظمها بشدة. وفي القبة الشبيهة بالقبة الشمالية، يظهر نقش يصور المسيح وهو على ركبة واحدة يحمل كتاباً في يده اليسرى، في حين يرفع يده اليمنى لمنح البركة، خارج حافة الهالة المحيطة بالرسم. بينما تظهر شخصية إنسان يصلي في أقصى يمين اللوحة.
على الجدار الشمالي للمنطقة المقدسة، لا تزال هناك لوحة فيها شخصيات تجلس متجاورة، يمثلون 24 كاهناً من شيوخ الوحي. وعلى الجانب الغربي من الكنيسة، هناك لوحة تصور مريم العذراء واقفة بين اثنين من الملائكة الخاضعين لها. وفي الطرف الغربي من الممر، كانت الجدران مزينة بسلسلة من صور الأشخاص يرجح أنهم بعض تلاميذ المسيح. وربما يعود تاريخ اللوحة إلى القرن السادس أو السابع.
اقــرأ أيضاً
يقع الدير في مدينة أسوان جنوب مصر، وقد شُيّد في القرن السادس على قمة تل جنوب جزيرة إلفنتين بالضفة الغربية للنيل. كما شهد الدير حركة إعمار كبيرة في منتصف القرن الحادي عشر. وتحيطه منطقة رمال صحراوية، تجعل الطريقة الوحيدة في الوصول إليه، هي السير على الأقدام، أو بواسطة الجِمال.
وحكاية بناء الدير الشائعة بين الأقباط، أن الأنبا حتر في الثامنة عشرة من عمره، وفي اليوم التالي لحفل زفافه، شاهد موكباً جنائزياً ألهمه أن يعيش السنوات المتبقية من حياته ناسكاً. وبعد ثماني سنوات من ممارسة الزهد والنسك، عاش في الصحراء، وبدأ في تأسيس الدير.
وفقاً للمؤرخ القبطي، أبو المكارم سعد الله بن جرجرس بن مسعود، صاحب كتاب "تاريخ الأديرة والكنائس في مصر"، إن الدير تعرّض، خلال القرن الثاني عشر (1173م)، لهجوم عنيف وأضرار جسيمة بشكل خاص، عندما قامت قوات صلاح الدين بحملاتها إلى النوبة. وربما يكون ذلك خوفاً من أن يستغل النوبيون المسيحيون الدير ليشنّوا الغارات على جنوب مصر.
ووفقاً لأبي المكارم نفسه، فإن ذلك لم يكن دأب صلاح الدين مع الأقباط، بل يقول: "إن الفرنجة حرموا الأقباط من زيارة القبر المقدس، إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي 1187م وفتح أبواب كنيسة القيامة لزيارة جميع الطوائف المسيحية، ومنهم الأقباط".
مع نهاية القرن الثالث عشر، تمّ التخلي عن واحدة من أكبر الأديرة في مصر، لسببين رئيسين، هما نقص المياه، والغارات المتكررة من قبل لصوص الصحراء والبدو.
على الرغم من أنّ الخراب حلّ بالدير؛ فإن العديد من معالمه الرئيسية محفوظة إلى الآن بشكل جيد. كما أن البرج الذي كان يعد مجمّعاً سكنيّاً، هو الأكثر تطوراً من نوعه. كما أن عدداً كبيراً من شواهد القبور، تُعدّ مصادر مهمة لدراسة أوائل أشكال القبور المسيحية في وادي النيل. هناك منحدر يفصل الدير إلى اثنين من المدرجات الطبيعية على مستويين، وجدار شبه منحرف يبلغ طوله ستة أمتار يحيط بالمدرجات. وقد تم بناء هذا الجدار مع الجزء السفلي من الحجر الخام، والعلوي من الطوب اللبن، وإلى اليوم فإن القسم الحجري من الجدار ما زال سليماً.
لا تزال الكهوف الصخرية الأصلية للقديسين، والكهوف التي كانت سكناً للحجاج، على حالتها. وفي الداخل توجد القباب مثمّنة الشكل، وأكبر قبتين تقسمان الصحن، وممرات صحن الكنيسة تنتهي إلى الشرق على طول الحرم. كان هذا الترتيب غير عادي في الأديرة القبطية، وقد تم إلغاء المداخل في وقت لاحق. وهناك أيضاً مغارة في الطرف الغربي من الممر الشمالي للكنيسة، حيث يقع الهيكل، وهو ضريح صخري قديم استخدمه الرهبان ملاذاً، وربما كان هذا الضريح هو السكن الأصلي للأنبا حدرة نفسه. ووراء الكنيسة تقع بطانة الجدار الشرقي، وفيها بضعة غرف للرهبان، لكل منها ثلاث أسرّة حجرية.
في الدير، العديد من اللوحات الجدارية، ولكن للأسف تضرر معظمها بشدة. وفي القبة الشبيهة بالقبة الشمالية، يظهر نقش يصور المسيح وهو على ركبة واحدة يحمل كتاباً في يده اليسرى، في حين يرفع يده اليمنى لمنح البركة، خارج حافة الهالة المحيطة بالرسم. بينما تظهر شخصية إنسان يصلي في أقصى يمين اللوحة.
على الجدار الشمالي للمنطقة المقدسة، لا تزال هناك لوحة فيها شخصيات تجلس متجاورة، يمثلون 24 كاهناً من شيوخ الوحي. وعلى الجانب الغربي من الكنيسة، هناك لوحة تصور مريم العذراء واقفة بين اثنين من الملائكة الخاضعين لها. وفي الطرف الغربي من الممر، كانت الجدران مزينة بسلسلة من صور الأشخاص يرجح أنهم بعض تلاميذ المسيح. وربما يعود تاريخ اللوحة إلى القرن السادس أو السابع.