جامع "عمرو بن العاص"... أول مساجد أفريقيا
يُعد جامع عمرو بن العاص أول مساجد أفريقيا قاطبةً، إذ أنشأه ذلك الصحابي حين دخل بجنوده فاتحاً ومؤسساً مدينته الجديدة بالفسطاط. ومن ثم تبرز أهمية هذا المعلم التاريخي رغم أنه لم يتبق من أثر الجامع القديم الذي بناه عمرو سوى موقعه واسمه. وقد أطلق عليه الناس والمؤرخون أسماء عديدة مثل: الجامع العتيق وتاج الجوامع ومسجد الفتح ومسجد النصر وجامع مصر.
وجامع عمرو هو اللبنة الأولى التي تأسست عليها مدينة القاهرة الإسلامية، وسرعان ما صار جامعةً إسلامية ومنارة للعلم ومقصداً للدارسين، سابقاً بذلك جوامع الأزهر والزيتونة والقيروان. وقد تعددت الأسماء الشهيرة التي قعدت للتدريس في ذلك الجامع مثل الإمام الشافعي والليث بن سعد والعز بن عبد السلام وابن حجر العسقلاني وغيرهم.
لم تكن المساجد في صدر الإسلام أكثر من مكان للصلاة يؤدي دوراً وظيفياً بسيطاً، ولم تكن العمارة الإسلامية الحضارية قد تشكلت معالمها بعد. لذلك عندما اختار عمرو بن العاص موقعه على الضفة الشرقية من نهر النيل آنذاك لم تؤثر البداية المعمارية الساذجة سلباً على تاريخ الجامع الذي اختلفت عليه توسعات الحكام والخلفاء، وبدأت عمارته في التطور ومساحته في الاتساع حتى وصل حالياً إلى 13556.25 متراً (112.5 × 120.5 مترا)، وكان ذلك سنة 212هـ/ 827م في عهد الخليفة العباسي المأمون وواليه على مصر عبدالله بن طاهر. وكانت أول محاولة جريئة لتوسعة المسجد سنة 93هـ/ 710م في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وواليه على مصر قرة بن شريك، الذي هدم المسجد وزاد في مساحته وأنشأ فيه محراباً مجوفا، ومنبرا خشبياً ومقصورة، وجعل له سبعة أبواب. ويقال أيضاً إن معاوية قد سبق إلى ذلك سنة 673م بواسطة واليه على مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، الذي قام بتوسعة الجامع وأقام فيه أربع مآذن.
وفي العصر الفاطمي بلغ الجامع شأنا عظيماً، حتى وصفه الرحالة الفارسي "ناصر خسرو" أيام المستنصر الفاطمي؛ فقال: "إنه قائم على أربعمائة عمود من الرخام، والجدار الذي عليه المحراب مغطى كله بألواح الرخام الأبيض التي كتب عليها آيات من القرآن بخط جميل. وتحيط بالمسجد الأسواق من جهاته الأربع، وعليها تفتح أبوابه".
ويضيف خسرو متحدثاً عن نشاط الجامع بأنه "كان يوقد في ليالي المواسم أكثر من سبعمائة قنديل، ويفرش بطبقات من الحصير الملون بعضها فوق بعض، ويضاء كل ليلة بأكثر من مائة قنديل. وهو مكان اجتماع سكان المدينة الكبيرة، ولا يقل من فيه في أي وقت عن خمسة آلاف من طلاب العلم والغرباء، والكتاب الذين يحررون الصكوك والعقود وغيرها".
وفي تاريخه الطويل تعرض المسجد لنكبات مثل الحرائق والزلازل والإهمال، كما أعيد ترميمه مرات عديدة، وجاء صلاح الدين الأيوبي فقام بترميمه وجدد بعض أجزائه مثل صدر الجامع والمحراب وأعاد بياض جدرانه. وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون أعيد إعمار الجامع بعد أن تضررت جدرانه بسبب زلزال سنة 702هـ.
أما علاقة جامع عمرو بشهر رمضان؛ فتعود إلى أيام الفاطميين الذين اختصوه بصلاة آخر جمعة في الشهر (الجمعة اليتيمة). كما أن مراد بك والي مصر العثماني، أمر في عهده بإصلاح المسجد، بعد أن مالت أعمدته وسقطت أواوينه. وفي عصره شيدت منارتان، منهما المنارة الباقية الآن، وهي ذات تصميم بسيط، ولها قمة مخروطية. وتم الفراغ من إصلاحات مراد بك في أواخر شهر رمضان سنة 1212هـ/ 1797م، فصلى الوالي به آخر جمعة من رمضان، واستمر الولاة العثمانيون على ذلك من بعده.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح جامع عمرو بن العاص أشهر الجوامع التي تقام فيها صلاة التراويح كل ليلة من رمضان، إذ يحرص آلاف المصلين على الذهاب للمسجد، وختم القرآن خلف قارئهم المفضل الشيخ محمد جبريل مع نهاية الشهر الفضيل، حيث يبلغ الزحام ذروته مع ليلة السابع والعشرين (ليلة القدر).
اقــرأ أيضاً
وجامع عمرو هو اللبنة الأولى التي تأسست عليها مدينة القاهرة الإسلامية، وسرعان ما صار جامعةً إسلامية ومنارة للعلم ومقصداً للدارسين، سابقاً بذلك جوامع الأزهر والزيتونة والقيروان. وقد تعددت الأسماء الشهيرة التي قعدت للتدريس في ذلك الجامع مثل الإمام الشافعي والليث بن سعد والعز بن عبد السلام وابن حجر العسقلاني وغيرهم.
لم تكن المساجد في صدر الإسلام أكثر من مكان للصلاة يؤدي دوراً وظيفياً بسيطاً، ولم تكن العمارة الإسلامية الحضارية قد تشكلت معالمها بعد. لذلك عندما اختار عمرو بن العاص موقعه على الضفة الشرقية من نهر النيل آنذاك لم تؤثر البداية المعمارية الساذجة سلباً على تاريخ الجامع الذي اختلفت عليه توسعات الحكام والخلفاء، وبدأت عمارته في التطور ومساحته في الاتساع حتى وصل حالياً إلى 13556.25 متراً (112.5 × 120.5 مترا)، وكان ذلك سنة 212هـ/ 827م في عهد الخليفة العباسي المأمون وواليه على مصر عبدالله بن طاهر. وكانت أول محاولة جريئة لتوسعة المسجد سنة 93هـ/ 710م في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك وواليه على مصر قرة بن شريك، الذي هدم المسجد وزاد في مساحته وأنشأ فيه محراباً مجوفا، ومنبرا خشبياً ومقصورة، وجعل له سبعة أبواب. ويقال أيضاً إن معاوية قد سبق إلى ذلك سنة 673م بواسطة واليه على مصر مسلمة بن مخلد الأنصاري، الذي قام بتوسعة الجامع وأقام فيه أربع مآذن.
وفي العصر الفاطمي بلغ الجامع شأنا عظيماً، حتى وصفه الرحالة الفارسي "ناصر خسرو" أيام المستنصر الفاطمي؛ فقال: "إنه قائم على أربعمائة عمود من الرخام، والجدار الذي عليه المحراب مغطى كله بألواح الرخام الأبيض التي كتب عليها آيات من القرآن بخط جميل. وتحيط بالمسجد الأسواق من جهاته الأربع، وعليها تفتح أبوابه".
ويضيف خسرو متحدثاً عن نشاط الجامع بأنه "كان يوقد في ليالي المواسم أكثر من سبعمائة قنديل، ويفرش بطبقات من الحصير الملون بعضها فوق بعض، ويضاء كل ليلة بأكثر من مائة قنديل. وهو مكان اجتماع سكان المدينة الكبيرة، ولا يقل من فيه في أي وقت عن خمسة آلاف من طلاب العلم والغرباء، والكتاب الذين يحررون الصكوك والعقود وغيرها".
وفي تاريخه الطويل تعرض المسجد لنكبات مثل الحرائق والزلازل والإهمال، كما أعيد ترميمه مرات عديدة، وجاء صلاح الدين الأيوبي فقام بترميمه وجدد بعض أجزائه مثل صدر الجامع والمحراب وأعاد بياض جدرانه. وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون أعيد إعمار الجامع بعد أن تضررت جدرانه بسبب زلزال سنة 702هـ.
أما علاقة جامع عمرو بشهر رمضان؛ فتعود إلى أيام الفاطميين الذين اختصوه بصلاة آخر جمعة في الشهر (الجمعة اليتيمة). كما أن مراد بك والي مصر العثماني، أمر في عهده بإصلاح المسجد، بعد أن مالت أعمدته وسقطت أواوينه. وفي عصره شيدت منارتان، منهما المنارة الباقية الآن، وهي ذات تصميم بسيط، ولها قمة مخروطية. وتم الفراغ من إصلاحات مراد بك في أواخر شهر رمضان سنة 1212هـ/ 1797م، فصلى الوالي به آخر جمعة من رمضان، واستمر الولاة العثمانيون على ذلك من بعده.
وفي السنوات الأخيرة، أصبح جامع عمرو بن العاص أشهر الجوامع التي تقام فيها صلاة التراويح كل ليلة من رمضان، إذ يحرص آلاف المصلين على الذهاب للمسجد، وختم القرآن خلف قارئهم المفضل الشيخ محمد جبريل مع نهاية الشهر الفضيل، حيث يبلغ الزحام ذروته مع ليلة السابع والعشرين (ليلة القدر).
المساهمون
المزيد في منوعات