كانت مدينة أبيدوس العامرة ترقد على ضفة النيل أيام الفيضان، لكنها الآن، وبعد تراجع ماء النيل كثيراً، أصبحت تقع على بعد عشرة كيلومترات من مجرى النيل حالياً، بالقرب من مدينة البلينا، بمحافظة سوهاج.
لعبت أبيدوس دوراً محورياً مهمّاً في الحياة الدينية المصرية القديمة، ويُعتقد أن ملوك مصر الأوائل بمن فيهم ملوك الأسرة الأولى في تاريخ مصر الفرعونية (3000 – 2890 قبل الميلاد)، قد دُفنوا فيها، وأنّ أضرحتهم ومعابدَهم الجنائزية قد تكون الخطوة الأولى في رحلة العمارة القديمة التي ظهرت آثارها ونتائجها على الأهرامات الكبرى التي شيدت بعد قرون لاحقة.
في أوقات متأخرة، أصبحت أبيدوس مقر عبادة أوزوريس إلى العالم السفلي، وازدهر المعبد المكرس له في أبيدوس، وكل عام كان يقام له موكب كبير لنقل صورة تمثل أوزوريس من معبده إلى قبر كان يظن المصريون أنه له؛ ولكنه في الواقع قبر يعود إلى ملك من الأسرة الأولى يدعى "خنت دجر". يقول عالم الآثار جوزيف ويجنر، في مقال له مدوّن في موسوعة أكسفورد لمصر القديمة: إن مدينة أبيدوس كانت تغطي حوالي خمسة أميال مربعة (8 كيلومترات مربعة تقريباً)، وبالرغم من اكتشاف الكثير من المواقع الأثرية بالمدينة، إلا أن الرمال ما زالت تُخفي مواقع أكثر وأكبر. وهذه الحقيقة يدل عليها الاسم العربي للبلدة الحديثة "عرب المدفونة" أو العرابة المدفونة، في دلالة على المدينة الكبيرة المطمورة تحت الأرض.
في أبيدوس، اكتشِفَت أقدم القوارب الجنائزية التي كان المصريون يؤمنون بأن الفرعون الملك يركبها في رحلته إلى العالم الآخر، وكانت مدفونة في الرمال، ويعود تاريخها إلى 3000 عام قبل الميلاد في عهد الأسرة الفرعونية الثانية، ويبلغ عدد المكتشف منها حتى الآن 14 مركباً، وتراوح أطوالها بين عشرين إلى ثلاثين متراً، في المقابر الموجودة إلى الغرب من معبد سيتي الأول، ابن الفرعون رمسيس الأول، مؤسس الأسرة التاسعة عشرة، والتي سمي الكثير من ملوكها باسم رمسيس تيمناً باسم مؤسس الأسرة. واستخرجت تلك المراكب وأجزاءها بعثات وباحثون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية.
بالإضافة إلى الملوك المدفونين في أبيدوس، دفن أيضاً بالقرب منهم الوزراء والمساعدون الذين كان يبلغ عددهم قرابة مائتي شخص، ثم تناقصت أعداد أولئك في المقابر الملكية مع انتهاء عهد الأسرة الأولى. وكان المعبد الأول الذي تمارس فيه طقوس التجهيز والتحنيط وتوديع الموتى مُشيّداً بالقرب من الأراضي الزراعية (رمال حالياً)، ومصنوعاً من الخامات المحلية كالأخشاب والخوص المضفر؛ لذلك تآكل بمرور الوقت واندثرت بقاياه في الرمال. ولم يتم التعرف على ذلك المعبد الأول إلا من خلال صفوف المقابر التي كانت تحيط به والمخصصة لحاشية الملك ورجال البلاط الملكي.
معبد أوزوريس الموجود في المنطقة كان في الأصل مقبرة للملك بيبي الأول، ثم تطورت المقبرة مع الوقت وأصبحت معبداً لا تزال آثاره باقية حتى اليوم، وبالرغم من المنازعات التي جرت في العاصمة طيبة قديماً، وإقدام الملك "مري كا رع" على إصدار الأمر ببدء عمليات الهدم وتدمير المقابر والمباني في أبيدوس، إلا أن المنطقة احتفظت بموقعها باعتبارها جبانة تحوي مومياوات ملوك مصر ورفاتهم، بل أصبحت مكاناً مقدساً للمصريين الراغبين في الدفن قرب الملوك والآلهة، فكان كثير من رجال الدولة والأثرياء يحرصون على أن يُدفنوا فيها وتكون لهم لوحة تسجل أسماءهم، بنفس العادة التي لا يزال المصريون يحتفظون بها عند دفن الموتى أياً كانت ديانتهم.
اقــرأ أيضاً
لعبت أبيدوس دوراً محورياً مهمّاً في الحياة الدينية المصرية القديمة، ويُعتقد أن ملوك مصر الأوائل بمن فيهم ملوك الأسرة الأولى في تاريخ مصر الفرعونية (3000 – 2890 قبل الميلاد)، قد دُفنوا فيها، وأنّ أضرحتهم ومعابدَهم الجنائزية قد تكون الخطوة الأولى في رحلة العمارة القديمة التي ظهرت آثارها ونتائجها على الأهرامات الكبرى التي شيدت بعد قرون لاحقة.
في أوقات متأخرة، أصبحت أبيدوس مقر عبادة أوزوريس إلى العالم السفلي، وازدهر المعبد المكرس له في أبيدوس، وكل عام كان يقام له موكب كبير لنقل صورة تمثل أوزوريس من معبده إلى قبر كان يظن المصريون أنه له؛ ولكنه في الواقع قبر يعود إلى ملك من الأسرة الأولى يدعى "خنت دجر". يقول عالم الآثار جوزيف ويجنر، في مقال له مدوّن في موسوعة أكسفورد لمصر القديمة: إن مدينة أبيدوس كانت تغطي حوالي خمسة أميال مربعة (8 كيلومترات مربعة تقريباً)، وبالرغم من اكتشاف الكثير من المواقع الأثرية بالمدينة، إلا أن الرمال ما زالت تُخفي مواقع أكثر وأكبر. وهذه الحقيقة يدل عليها الاسم العربي للبلدة الحديثة "عرب المدفونة" أو العرابة المدفونة، في دلالة على المدينة الكبيرة المطمورة تحت الأرض.
في أبيدوس، اكتشِفَت أقدم القوارب الجنائزية التي كان المصريون يؤمنون بأن الفرعون الملك يركبها في رحلته إلى العالم الآخر، وكانت مدفونة في الرمال، ويعود تاريخها إلى 3000 عام قبل الميلاد في عهد الأسرة الفرعونية الثانية، ويبلغ عدد المكتشف منها حتى الآن 14 مركباً، وتراوح أطوالها بين عشرين إلى ثلاثين متراً، في المقابر الموجودة إلى الغرب من معبد سيتي الأول، ابن الفرعون رمسيس الأول، مؤسس الأسرة التاسعة عشرة، والتي سمي الكثير من ملوكها باسم رمسيس تيمناً باسم مؤسس الأسرة. واستخرجت تلك المراكب وأجزاءها بعثات وباحثون من جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأميركية.
بالإضافة إلى الملوك المدفونين في أبيدوس، دفن أيضاً بالقرب منهم الوزراء والمساعدون الذين كان يبلغ عددهم قرابة مائتي شخص، ثم تناقصت أعداد أولئك في المقابر الملكية مع انتهاء عهد الأسرة الأولى. وكان المعبد الأول الذي تمارس فيه طقوس التجهيز والتحنيط وتوديع الموتى مُشيّداً بالقرب من الأراضي الزراعية (رمال حالياً)، ومصنوعاً من الخامات المحلية كالأخشاب والخوص المضفر؛ لذلك تآكل بمرور الوقت واندثرت بقاياه في الرمال. ولم يتم التعرف على ذلك المعبد الأول إلا من خلال صفوف المقابر التي كانت تحيط به والمخصصة لحاشية الملك ورجال البلاط الملكي.
معبد أوزوريس الموجود في المنطقة كان في الأصل مقبرة للملك بيبي الأول، ثم تطورت المقبرة مع الوقت وأصبحت معبداً لا تزال آثاره باقية حتى اليوم، وبالرغم من المنازعات التي جرت في العاصمة طيبة قديماً، وإقدام الملك "مري كا رع" على إصدار الأمر ببدء عمليات الهدم وتدمير المقابر والمباني في أبيدوس، إلا أن المنطقة احتفظت بموقعها باعتبارها جبانة تحوي مومياوات ملوك مصر ورفاتهم، بل أصبحت مكاناً مقدساً للمصريين الراغبين في الدفن قرب الملوك والآلهة، فكان كثير من رجال الدولة والأثرياء يحرصون على أن يُدفنوا فيها وتكون لهم لوحة تسجل أسماءهم، بنفس العادة التي لا يزال المصريون يحتفظون بها عند دفن الموتى أياً كانت ديانتهم.