وحازت الفعالية دعم الجمعيات المدنية الداعمة للاجئين، مثل جمعية "ثيار" و"أكثم"، "الصليب الأحمر الإسباني"، و"منظمة أكنور"، وحملة إعلامية واسعة تبنتها "منظمة العفو الدولية". وحظيت بحشد واسع قامت به الأحزاب اليسارية في البلاد ممثلة بـ"حزب اليسار الاشتراكي" و"بوديموس" و"اتحاد اليسار"، بالإضافة إلى جمعيّات أخرى، مثل "جمعيّة العمل الإغاثي" و"جمعية دعم الشعب السوري في مدريد".
ورحب المواطنون الإسبان بالفعالية ترحيباً واسعاً، خاصة بعد إعلان المؤسسة الإسبانية Fundéu عن اختيارها كلمة "لاجئ" كـ"كلمة العام" في إسبانيا، علماً أن المؤسسة استاءت من أن "الشعب الإسباني يتحدث عن اللاجئ أكثر من أي أمر آخر، في حين أن الحكومة الإسبانية هي من أسوأ الحكومات الأوروبية في تعاملها مع ملف اللجوء".
وقدمت إحدى المنظِمات، الشاعرة والمغنية غارثيا ننيثت، الاحتفالية بالكلمات التالية "بالموسيقى والغناء نتحدى الموت الذي يتربص بآلاف اللاجئين السوريين العالقين على الحدود. بالفن نحارب الحرب التي هجّرت الشعب والمجتمع السوري الذي يحمل في دمه إرث أقدم حضارات الأرض. بالحب والشعر نقاتل الحدود التي أُغلقت في وجوه إخوتنا السوريين الضعفاء الأبرياء. بالعزف نصارع لحن الخراب الذي هيمن على كل تفاصيل حياتهم".
وأضافت "بأصواتنا وكلماتنا وأصابعنا وأجسادنا نحاول أن نقول كفى للسياسيين وللحكومات التي تتحكم في حياة ومصير السوريين الأبرياء والمدنيين؛ ضحايا التخاذل العالمي وعنف الطاغية. إنهم ضحايا الدكتاتوريات التي تخرّب كل ما بناه الإنسان على وجه الأرض. نحن نعرف هذا، ولقد جرّبنا نحن الأوروبيين بشكل عام، والإسبان بشكل خاص، وفهمنا ماذا تعني الحرب، وماذا يعني حكم السلطة الديكتاتورية. نعم، بألحاننا وأغانينا سنحاول أن نضغط على حكومتنا، وأن نوصل رسائلنا الى المجتمع الإسباني والمجتمع الأوروبي ولكل مجتمعات العالم؛ رسائل السلام، رسائل استقبال كل الهاربين بأطفالهم من الحرب، كلهم إخوتنا وبهم نصير أفضل".
وألقى الشاعر المستعرب، لزستين جانسكون، قصائد أندلسية، ما عبّر عن احترام الشعب الإسباني للتراث الفكري والأدبي الإبداعي الذي تركه العرب الأمويّون القادمون من دمشق، ثم غنت القصائد باللغة الإسبانية المغنية استريا مورينو، تلاها إلقاء الشاعرة والمترجمة الإسبانية كارمين ميرو قصيدة "هذي دمشق" للشاعر السوري نزار قباني، باللغتين العربية والإسبانية، ثم غناء القصيدة نفسها بصوت مورينو.
بعد ذلك، عادت غارثيا ننيثت إلى المسرح مع غيتارها لتؤدي أغنية من كلمات الشاعر الإسباني أنتونيو ماتشادو تتحدث عن أحاسيس ومعاناة طفل هارب من الحرب.
استمرت الفعالية بقراءة شعراء إسبان حديثين لعشرة مقاطع للشاعر الإسباني لوركا الذي أعدمه الدكتاتور فرانكو، حيث خاطبوه على أنه اليوم مثال لكل الشعراء وأصحاب الرأي والفكر السوريين الذين قتلهم الدكتاتور بشار الأسد، أو الذين لا يزالون مغيّبين في سجون الموت.
اختُتمت الفعالية بعزف على العود قدمه الشاب السوري اللاجئ من حلب، عمر شمعون، ولاقى عزفه المتقن الكثير من التصفيق والتفاعل، ما أجبره على إعادة عزف مقطوعة "يا مال الشام"، تحت إصرار الحضور.
وحمل الحاضرون طيلة الفعالية عدداً كبيراً من اللافتات كُتب على أكبرها "لاجئون نعم، سياح لا... لاجئون نعم، تسليح لا... لاجئون نعم، نازيون لا... لاجئون أكثر، وعنصرية أقل". كما كُتب على أخرى "الحكومات الأوروبية هي المسؤولة... كل طفل يموت على الطريق هو ضحيتكم"، وهو الشعار الذي صدحت به حناجر الحاضرين طوال الفعالية التي انتهت بما يشبه الرقص على إيقاع هتاف آخر: "إسبانيا بلد التعايش... أين اللاجئين الذين وعدت باستقدامهم؟".