فيما يبدو أنه تمهيد لخصخصة مواقع التراث في مصر، وتنظيم عملية طرح إدارة تلك المواقع أمام القطاع الخاص، وشركات أخرى خليجية، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً بتشكيل لجنة عليا لإدارة مواقع التراث العالمي بمصر، برئاسة مساعده للمشروعات القومية والإستراتيجية، الجمعة، وذلك عقب أيام قليلة من فضيحة تسريب مقطع إباحي لسائحين دنماركيين فوق هرم خوفو بمنطقة أهرامات الجيزة.
وحسب القرار، تضم اللجنة في عضويتها وزراء الآثار، والسياحة، والتنمية المحلية، والبيئة، ومستشاري رئيس الجمهورية لشؤون الأمن القومي، والتخطيط العمراني، وممثلين عن وزارات الدفاع (الجيش)، والإسكان، والخارجية، والداخلية، والاستثمار والتعاون الدولي، والنقل، وجهاز الاستخبارات العامة، ورئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، على أن يكون مقر اللجنة داخل وزارة الآثار.
وتختص اللجنة بوضع رؤية إستراتيجية لإدارة وحماية مواقع التراث العالمي، والحفاظ عليها، وتنميتها، وتطويرها، وتعظيم إمكاناتها، والاستفادة منها في خطط التنمية المستدامة، وتختص كذلك بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية المحلية والدولية داخل وخارج مصر، في ما يتعلق بإدارة وحماية مواقع التراث العالمي، والبيئة المحيطة بها.
ويكون للجنة، وفقاً للقرار، أن تستعين - إذا اقتضى الأمر - بمن تراه من المسؤولين والخبراء الفنيين المصريين، والأجانب، في سبيل أداء مهامها، وأن تطلب من الجهات الرسمية المعلومات والمستندات التي تحتاجها، وأن تشكل لجاناً فرعية، وأمانة فنية، بما يعينها على أداء أعمالها، إيذاناً برفع تقاريرها النهائية، وما تنتهي إليه، إلى رئيس الجمهورية للبت فيها.
ورشحت لجنة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مواقع التراث العالمي في مصر، بغية إدراجها ضمن برنامج مواقع التراث الدولية، والذي يهدف إلى تصنيف وتسمية والحفاظ على المواقع ذات الأهمية الخاصة للجنس البشري، سواء كانت ثقافية أو طبيعية. وتحصل المواقع المدرجة في هذا البرنامج على مساعدات مالية تحت اشتراطات معينة.
وتضم مواقع التراث العالمي في مصر منطقة "أبو مينا" الأثرية بمحافظة الإسكندرية، والتي تقع عند الحافة الشمالية للصحراء الغربية، وكانت فيما مضى قرية صغيرة خصصت كمدفن للقديس مينا. ومثلت المنطقة أهم مركز مسيحي للحج في مصر حتى العصور الوسطى المبكرة، واكتشفت في عام 1905 على يد عالم الآثار الألماني (كوفمان)، وتمثل واحدة من أهم الأماكن التاريخية بمصر.
وتضم القائمة مدينة طيبة القديمة بمحافظة الأقصر، وهي إحدى عواصم مصر القديمة إبان المملكتين الوسطى والحديثة أيام قدماء المصريين، ويوجد بها حوالي 14 من أهم المعابد المصرية، وتلقب بمدينة الشمس، وتقع على ضفاف نهر النيل الذي يقسمها إلى شطرين (البر الشرقي والغربي)، وتبعد عن العاصمة القاهرة حوالي 670 كم، وعن شمال مدينة أسوان بحوالي 220 كم.
وتضم كذلك القاهرة الإسلامية بمحافظة القاهرة، والتي تأسست في القرن العاشر الميلادي، وتعتبر إحدى أقدم المدن الإسلامية بما تحتويه من جوامع وقصور، ومن أشهرها: جامع الأقمر، ومسجد الحاكم بأمر الله، وقصر الأمير بشتاك، وباب زويلة، وباب النصر، وحارة برجوان، والأزهر الجامع، والقبة الفاطمية بشارع الجمالية، ومسجد اللؤلؤة بجبل المقطم، وقبة أبو الغضنفر بالدراسة، وقبة الجعفري بشارع الأشراف.
وتضم مواقع التراث العالمي مدينة ممفيس ومقبرتها (منطقة الأهرام من الجيزة إلى دهشور)، والتي تعد مدينة مصرية قديمة أسسها الملك نارمر عام 3200 قبل الميلاد، وكانت عاصمة لمصر في عصر الدولة القديمة (الأسرات 3 - 6)، غير أن قرية "ميت رهينة" الأهم في المنطقة لا تزال تعاني من إهمال متعمد يُهدد وجود معبد (بتاح) أحد أهم المعابد المصرية القديمة.
وتشمل المنطقة ثلاثة أهرامات تمثل إحدى عجائب الدنيا السبع، وهي خوفو، وخفرع، ومنقرع، والتي أنشئت كمقابر ملكية كل منها يحمل اسم الملك الذي بناه، ودفن فيه. وتلتها محاولتان للملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة لبناء شكل هرمي كامل، ولكن ظَهر الهرمان غير سليمي الشكل، وهما يقعان في دهشور، وأحدهما مفلطح القاعدة، والآخر اتخذ شكلاً أصغر يقارب نصف حجم الأول.
وتضم مواقع التراث منطقة النوبة من أبو سمبل حتى معبد فيلة بمحافظة أسوان، وهي منطقة أثرية مميزة المعالم، وتضم معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل، ودار عبادة إيزيس في جزيرة فيلة، وتقع على الضفة الغربية لبحيرة ناصر بنحو 290 كم جنوب غرب أسوان، بعد نقل المعابد من أماكنها الأصلية خلال إنشاء بحيرة ناصر تجنباً لتعرضها للغرق.
وتضم مواقع التراث العالمي منطقة القديسة كاترين بمحافظة جنوب سيناء، والتي تقع في منطقة جبلية تضم العديد من المواقع التراثية. ويعود تأسيس دير سانت كاترين (بالقرب من جبل موسى) إلى القرن السادس الميلادي، وأنشئت جدرانه على أسلوب العمارة البيزنطية، ويضم عدداً من المخطوطات والأيقونات المسيحية القديمة.
وتضم أخيراً منطقة وادي الحيتان بمحمية وادي الريان في محافظة الفيوم، والتي تتضمن بقايا أحفورية متحجرة عن فصيلة الحيتان القديمة والمنقرضة، كانت تعج بها المنطقة قبل 40 مليون سنة، وتمثل تطور الحيتان من ثدييات برية إلى بحرية، وتغطي مساحة 1759 كيلومتراً بمحافظة الفيوم على بعد 150 كيلومتراً من العاصمة القاهرة.