قبل أيام، أعلنت إدارة "مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية"، الذي يُعتبر المهرجان الدولي الأول للسينما الوثائقية، برنامج دورته الـ32، التي ستُقام بين 20 نوفمبر/ تشرين الثاني والأول من ديسمبر/ كانون الأول 2019، والتي ستُفتتح بـ"ظلال الشمس (Sunless Shadows)"، للمخرج الإيراني مهرداد أسكوي (1969)، المُشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة أيضًا. ويعمل أسكوي في صناعة الأفلام الوثائقية، ضمن السينما المستقلّة في بلده، إنتاجًا وإخراجًا وكتابة وتعليمًا. فيلمه الجديد هذا يُصوِّر موضوعه داخل مركز إيراني لاحتجاز الأحداث، متابعًا أحوال فتيات مراهقات "مُقيمات" فيه بتهم قتل ارتكبنها ضد أب أو زوج، أو ضد أحد أفراد العائلة من الذكور. معهنّ، يبني مهرداد اسكوبي علاقة لافتة بطيبتها وبساطتها، مُلتقطًا، في الوقت نفسه، محادثاتهنّ الصريحة، والتفاعلات المرحة بينهنّ، ومتابعًا معهنّ إدراكهنّ، ولو سرًا، أسباب أفعالهنّ وعواقبها. أحيانًا، يترك مهرداد أسكوي المراهقات لوحدهنّ مع الكاميرا، لإتاحة مساحة لهنّ كي يخاطبن ضحاياهنّ في الحياة الأخرى، علمًا أن ثلاث منهنّ متّهمات بقتل آبائهنّ وأمهاتهنّ في آن واحد، وهنّ ينتظرن تنفيذ عقوبة الإعدام بحقهنّ.
أما المُشاركة العربية في الدورة المقبلة هذه، فقليلة للغاية، تتمثّل فقط بفيلمين اثنين، وبمشاركة ناشطتين سينمائيتين في لجنتي تحكيم. أما الفيلمان، فهما "إحكيلي" (مصر، 2019) لماريان خوري، و"نَفَس" (لبنان، 2019) لريمي عيتاني. بينما تنضمّ اللبنانية ريما المسمار إلى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، التي يُشارك "إحكيلي" فيها، وتنضمّ مواطنتها زينة أبي عاصي إلى لجنة تحكيم خاصّة بمسابقة "دوك لاب" لسرد القصص بالوسائل الرقمية.
بالإضافة إلى هذا، اختير فيلم فرنسي بعنوان #387 لمادلين لورواييه، يتابع أحد الملفات الدولية الراهنة، للعرب فيه حضور قوي: الهجرة السرية. ففي 18 إبريل/ نيسان 2015، تغرق سفينة بركابها، الذين يفوق عددهم 800 شخص، أمام الساحل الليبي. بعد عام، يُنقل حطام السفينة إلى قاعدة عسكرية في صقلية، ويتولّى أطباء شرعيون الكشف على الجثث لتحديد هويات أصحابها. لكن، للضحية رقم 387 حضور مختلف، لأنّ كلّ ما تبقّى منها ملابسها، وصُور فوتوغرافية ورسائل، مُتحلّلة كلّها. كما أنّ بطاقة الهاتف الخلوي والأوراق النقدية المنقوعة وأنبوب معجون الأسنان، وهي أشياء بسيطة، تُصبح مروّعة للغاية.
وبحسب التعريف الرسمي، فإنّ هذا "الوثائقي الاستقصائيّ" يكشف كيف أنّ المعنيين بالموضوع يستخدمون أساليب خاصّة بهم للتعرّف على الموتى: باحث يزور المقابر حيث الضحايا يُصبحون أرقامًا، ثم يجتهد في التنقيب في الأرشيف عن معلومات ومعطيات. أما المتطوّع في الصليب الأحمر، فيتمنّى التواصل مع أفراد محتملين في عائلات الضحايا في القرى الأفريقية، لاكتشاف قصصهم، ولمنحهم أسماء. لذا، فـ"الرحلة السينمائية هذه، التي تتحرى المشاعر، تكشف كدح العمل الإنساني"، كما في التعريف الرسمي، الذي يُضيف أنّ الرحلة هي، قبل أي شيء آخر، "شهادة على قيمة الحياة البشرية".
من جهته، يروي "نَفَس" حكاية إبراهيم، الذي يعيش في أحد أفقر الأحياء السكنية في طرابلس، عاصمة شمال لبنان، التي تعاني تمزّقات وخلافات عميقة في المجتمع، بسبب حربين اثنتين، أولى قديمة (لبنانية) وثانية حالية (سورية). فرص العمل قليلة، إنْ لم تكن نادرة. لكنّها شبه منعدمة بالنسبة إلى إبراهيم، لأنّ لديه سجلاً إجراميًا. صديقته حامل، ويحلم بعيش حياة إسلامية متديّنة وورعة، وبالحصول على عمل، وبامتلاك منزل.
لكن إبراهيم يواجه تحدّيًا كبيرًا، يتمثّل بشعوره بتناقض فظيع في ذاته. فرغبته في حياة إسلامية متديّنة وورعة، تواجهها إغراءات تعاطي المخدرات واحتساء الكحول ولعب القمار. بهذا المعنى، هو يتخبّط بين قوّتين متناقضتين تعتملان فيه: "واجب التقوى، وإغواءات المتعة".
في التعريف الصحافي الموضوع على موقع المهرجان، فإنّ إبراهيم "أحد أولئك الشباب الضائعين، غير الممتلكين أي أفق في حياتهم، الذين يتسكّعون في الشوارع التي يحرسها الجيش اللبناني بحزم وتشدّد". لذا، فإنّ "العنف قابل للانفجار في أي دقيقة". هكذا، يتابع "نَفَس" يوميات إبراهيم وعائلته، خلال 6 أشهر، تُعتَبر الأكثر اضطرابًا وتوترًا.
اقــرأ أيضاً
أما ماريان خوري، فتعود إلى الإخراج بعد خمسة أعوام على آخر فيلمٍ لها كمخرجة، بعنوان "ظلال". فالمنتجة ومنظّمة تظاهرات سينمائية مختلفة في القاهرة، منها "بانوراما السينما العربية"، وبرمجة أفلامٍ مختلفة في صالة سينما "زاوية"، تلتقي ابنتها سارة، التي تُصبح مخرجة هي أيضًا، في "إحكيلي"، فتستكشف معها مسائل مختلفة، كالأمومة والهوية والأصول والأسلاف. والعلاقة بينهما نوع من تواصل بين خوري وجيل الـ"آي فون". لكن، عندما تقترح سارة إدارة الكاميرا لتصوير ماريان، فإنّ اللقاء بينهما يتّجه إلى حيّز آخر مختلف. إلى ذلك، وبعد أعوام من عملها كناقدة سينمائية في صحف لبنانية، تنتقل ريما المسمار إلى برنامج الدعم السينمائي في "الصندوق العربي للثقافة والفنون"، قبل أن تُصبح مديرته التنفيذية. في حين أنّ زينة أبي عاصي تُدير "البرامج التفاعلية" في "معهد ترايبيكا السينمائي"، علمًا أنّ لها خلفية فنية تتعلّق بـ"تصميم الغرافيك"، و"وسائل الإعلام الرقمية" والكتابة.
أما المُشاركة العربية في الدورة المقبلة هذه، فقليلة للغاية، تتمثّل فقط بفيلمين اثنين، وبمشاركة ناشطتين سينمائيتين في لجنتي تحكيم. أما الفيلمان، فهما "إحكيلي" (مصر، 2019) لماريان خوري، و"نَفَس" (لبنان، 2019) لريمي عيتاني. بينما تنضمّ اللبنانية ريما المسمار إلى لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، التي يُشارك "إحكيلي" فيها، وتنضمّ مواطنتها زينة أبي عاصي إلى لجنة تحكيم خاصّة بمسابقة "دوك لاب" لسرد القصص بالوسائل الرقمية.
بالإضافة إلى هذا، اختير فيلم فرنسي بعنوان #387 لمادلين لورواييه، يتابع أحد الملفات الدولية الراهنة، للعرب فيه حضور قوي: الهجرة السرية. ففي 18 إبريل/ نيسان 2015، تغرق سفينة بركابها، الذين يفوق عددهم 800 شخص، أمام الساحل الليبي. بعد عام، يُنقل حطام السفينة إلى قاعدة عسكرية في صقلية، ويتولّى أطباء شرعيون الكشف على الجثث لتحديد هويات أصحابها. لكن، للضحية رقم 387 حضور مختلف، لأنّ كلّ ما تبقّى منها ملابسها، وصُور فوتوغرافية ورسائل، مُتحلّلة كلّها. كما أنّ بطاقة الهاتف الخلوي والأوراق النقدية المنقوعة وأنبوب معجون الأسنان، وهي أشياء بسيطة، تُصبح مروّعة للغاية.
وبحسب التعريف الرسمي، فإنّ هذا "الوثائقي الاستقصائيّ" يكشف كيف أنّ المعنيين بالموضوع يستخدمون أساليب خاصّة بهم للتعرّف على الموتى: باحث يزور المقابر حيث الضحايا يُصبحون أرقامًا، ثم يجتهد في التنقيب في الأرشيف عن معلومات ومعطيات. أما المتطوّع في الصليب الأحمر، فيتمنّى التواصل مع أفراد محتملين في عائلات الضحايا في القرى الأفريقية، لاكتشاف قصصهم، ولمنحهم أسماء. لذا، فـ"الرحلة السينمائية هذه، التي تتحرى المشاعر، تكشف كدح العمل الإنساني"، كما في التعريف الرسمي، الذي يُضيف أنّ الرحلة هي، قبل أي شيء آخر، "شهادة على قيمة الحياة البشرية".
من جهته، يروي "نَفَس" حكاية إبراهيم، الذي يعيش في أحد أفقر الأحياء السكنية في طرابلس، عاصمة شمال لبنان، التي تعاني تمزّقات وخلافات عميقة في المجتمع، بسبب حربين اثنتين، أولى قديمة (لبنانية) وثانية حالية (سورية). فرص العمل قليلة، إنْ لم تكن نادرة. لكنّها شبه منعدمة بالنسبة إلى إبراهيم، لأنّ لديه سجلاً إجراميًا. صديقته حامل، ويحلم بعيش حياة إسلامية متديّنة وورعة، وبالحصول على عمل، وبامتلاك منزل.
لكن إبراهيم يواجه تحدّيًا كبيرًا، يتمثّل بشعوره بتناقض فظيع في ذاته. فرغبته في حياة إسلامية متديّنة وورعة، تواجهها إغراءات تعاطي المخدرات واحتساء الكحول ولعب القمار. بهذا المعنى، هو يتخبّط بين قوّتين متناقضتين تعتملان فيه: "واجب التقوى، وإغواءات المتعة".
في التعريف الصحافي الموضوع على موقع المهرجان، فإنّ إبراهيم "أحد أولئك الشباب الضائعين، غير الممتلكين أي أفق في حياتهم، الذين يتسكّعون في الشوارع التي يحرسها الجيش اللبناني بحزم وتشدّد". لذا، فإنّ "العنف قابل للانفجار في أي دقيقة". هكذا، يتابع "نَفَس" يوميات إبراهيم وعائلته، خلال 6 أشهر، تُعتَبر الأكثر اضطرابًا وتوترًا.
أما ماريان خوري، فتعود إلى الإخراج بعد خمسة أعوام على آخر فيلمٍ لها كمخرجة، بعنوان "ظلال". فالمنتجة ومنظّمة تظاهرات سينمائية مختلفة في القاهرة، منها "بانوراما السينما العربية"، وبرمجة أفلامٍ مختلفة في صالة سينما "زاوية"، تلتقي ابنتها سارة، التي تُصبح مخرجة هي أيضًا، في "إحكيلي"، فتستكشف معها مسائل مختلفة، كالأمومة والهوية والأصول والأسلاف. والعلاقة بينهما نوع من تواصل بين خوري وجيل الـ"آي فون". لكن، عندما تقترح سارة إدارة الكاميرا لتصوير ماريان، فإنّ اللقاء بينهما يتّجه إلى حيّز آخر مختلف. إلى ذلك، وبعد أعوام من عملها كناقدة سينمائية في صحف لبنانية، تنتقل ريما المسمار إلى برنامج الدعم السينمائي في "الصندوق العربي للثقافة والفنون"، قبل أن تُصبح مديرته التنفيذية. في حين أنّ زينة أبي عاصي تُدير "البرامج التفاعلية" في "معهد ترايبيكا السينمائي"، علمًا أنّ لها خلفية فنية تتعلّق بـ"تصميم الغرافيك"، و"وسائل الإعلام الرقمية" والكتابة.