أُعلنت، مساء أمس السبت، نتائج المسابقة الرسمية للدورة الـ69 (7 ـ 17 فبراير/ شباط 2019) من "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، في احتفال أُقيم في "قصر البرليناله"، بدأ باستعراض سريع لأفلام المسابقة، وعددها 16 فيلمًا.
وألقت رئيسة لجنة التحكيم، الفرنسية جولييت بينوش، كلمة مقتضبة، عبّرت فيها عن حزنها لعدم وجود "ثانية واحدة" للصيني زانغ ييمو في المسابقة، بعد اعتذار إدارة المهرجان عن عرضه لـ"أسباب فنية"، تبيّن لاحقًا أن السبب كامنٌ في منع الحكومة الصينية عرضه.
يُذكر أن لجنة التحكيم مؤلّفة من الناقد الأميركي جاستن تشانغ، والممثلة الألمانية ساندرا هولر، والمخرج التشيلي سيباستيان ليلو، والممثلة البريطانية ترودي ستايلر، والمبرمج الأميركي راجندرا روي.
وفاز "مترادفات"، للإسرائيلي ناداف لابيد، بجائزة "الدب الذهبي" لأفضل فيلم، عن عمل انقسمت الآراء حوله بشدّة.
أما جائزة "الدب الفضي"، أو جائزة لجنة التحكيم الكبرى، فمُنحت للفرنسي فرانسوا أوزون، عن "بفضل الرب"، ويرى مراقبون أن الفيلم يستحق الجائزة نظرًا إلى الجهد المبذول في توثيق موضوعه وتدقيق معطياته، وتسليطه الضوء على الاعتداء الجنسي بحق الأطفال، من قبل قساوسة إحدى الكنائس الفرنسية، خلال ثلاثين عامًا.
ونالت الألمانية نورا فنغشايدت جائزة "الدب الفضي"، وألفريد باور لأفضل فيلم يمتلك فنيات جديدة، عن "محطّمة النظام". وهو فيلم متميّز بفنيته السينمائية، ويتمحور حول بيني (هيلينا زنجيل)، التي تعاني مشاكل عصبية. هنا، يكمن الجانب المتميز، أي الاهتمام بصبية تبلغ 12 عامًا، وتعيش اضطرابات مختلفة. هي عدوانيّة، ونشاطها مفرط، وتكره الآخرين، وترغب بشدّة في أن تكون لها أسرة ما حيث الدفء، أو العودة إلى أحضان والدتها، والابتعاد عن الملاجئ.
جائزة "الدب الفضي" لأفضل مخرج فازت بها ألمانية ثانية هي أنجيلا شانليك، عن "لقد كنت في المنزل، لكن". لوهلة أولى، يُخيّل للمُشاهد أن حبكته تتناول حكاية فيليب (13 عامًا)، العائد إلى المنزل بعد غياب غير مُبرّر، والمُقيم في صمت غير مفهوم. لكن المسألة متعلّقة بأستريد (مارين إيغيرت)، التي تعاني قسوة غياب الزوج، فتذهب غالبًا إلى قبره للبكاء على فراقه. عبر ذلك، يرصد الفيلم قسوة الحياة المادية، والضغوط العصبيّة التي تفرضها على الأفراد.
هناك ممثلون وممثلات جيدون في أفلام مختلفة في المسابقة الرسمية، لكن اللجنة تجاهلتهم بشكل غريب، ومنحت جائزتي "الدب الفضي" لأفضل ممثل وممثلة، إلى وانغ ينغشان ويونغ ماي، عن دوريهما في "طويلاً جدًا، يا بُني" للصيني وانغ كسياوشوواي. جائزة سياسية بامتياز، من دون شك. فالفيلم، بطريقة ما، يدين السياسة المتّبعة في الصين بخصوص إنجاب طفل واحد، ويرصد الآثار المترتبة على ذلك، من خلال عائلة تعاني آلامًا مختلفة. الجائزتان رسالة وتحية إلى السينما الصينية من ناحية أولى، وإلى زانغ ييمو من ناحية ثانية، بسبب منع الحكومة الصينية عرض فيلمه "ثانية واحدة" في المهرجان.
جائزة "الدب الفضي" لأفضل سيناريو نالها موريتزيو براوتشي وكلاوديو جيوفانيزي وروبيرتو سافيانو، عن "أسماك بيرانا المفترسة" (أو "أطفال أسماك بيرانا"، بحسب التسمية الإيطالية) لجيوفانيزي. وهو فيلم "يدقّ ناقوس الخطر" بخصوص الجيل الجديد من عصابات المراهقين، التي تتشكّل مؤخرًا في نابولي. مجموعة شبان، لا تتجاوز أعمارهم الـ15 عامًا. والفيلم مأخوذ من رواية بالعنوان نفسه لروبيرتو سافيانو، الصحافي والروائي وكاتب السيناريو المعروف، صاحب "غومورا". وهذه كلّها عوالم معروفة عند سافيانو، المهتمّ بعصابات القتل والمافيات في نابولي. الجديد في هذا الفيلم المُشوِّق، أن أفراد العصابات شبان صغار السنّ.
جائزة "الدب الفضي" لأفضل مساهمة فنية ممنوحة هذا العام في مجال التصوير، وكانت من نصيب راسموس فيدبيك، مُصوّر "سرقة الخيول"، للنرويجي هانزل بيتر مولاند. اللافت للانتباه أن هذه الجائزة مُنحت إلى تصوير هذا الفيلم، وليس إلى المونتاج الخاص به، مع أن المونتاج أساسيّ فيه.
أما في ما يتعلّق بالجوائز الفرعية، فقد نال "مترادفات" نفسه جائزة "الاتحاد الدولي لنقّاد السينما (فيبريسكي)"، الممنوحة أيضًا لـ"أطفال الموت" للسلوفاكي بافول ليسكا والأميركية كيلي كوبر، والمعروض في قسم "المنتدى". وفي قسم "بانوراما، نالها "دافني" للإيطالي فيدريكو بوندي. في القسم نفسه، مُنح الفيلم الياباني المؤثّر "37 درجة" لهيكاري جائزة الجمهور كأفضل فيلم روائي، والفيلم السوداني الجميل "التحدّث إلى الأشجار" لصهيب جاسم البري كأفضل فيلم وثائقي. وهذا عمل سياسي ـ اجتماعي ـ نقدي ـ فكاهي، يرصد جهود أعضاء "جمعية الفيلم السوداني" لتقديم عروض مجانية للجمهور في دار خربة ومغلقة.