حتى الآن، ثمة فرق شاسع بين حصيلة الوباءين: قبل قرن، توفي ملايين الناس في القارات الخمس، في حين يعد ضحايا وباء كورونا بالآلاف. وهناك اختلاف في طبيعة الفيروسين، الأول إنفلونزا صنف "أ" (H1N1)، والثاني من فصيلة كورونا.
ويشير المتخصص في الجغرافيا في جامعة بول فاليري بمونبيلييه الفرنسية فريدي فينيه إلى اختلاف "السياقات" التي ظهر فيها الفيروسان.
وسبق أن نشر فينيه عام 2018 مؤلفاً حول تاريخ الإنفلونزا الإسبانية بعنوان "الإنفلونزا العظيمة" (منشورات فانديميار). وثمة فرق أساسي آخر: كانت الإنفلونزا الإسبانية "على الهامش الإعلامي" للحرب العالمية الأولى.
ويقول المختص في الكوارث والمخاطر الطبيعية "احتلت الحرب العناوين الكبرى للصحف، والعكس صحيح في حالة فيروس كورونا".
هناك تباين أيضاً في رد فعل الدول: يقول فينيه إنه خلال الموجة الأولى للفيروس في أيار/ مايو ويوليو/ تموز 1918 في أوروبا "كانت السلطات منشغلة بقضايا أخرى ولم تقدر حجم المشكل".
في فرنسا، لم يبرز وعي حقيقي بجدية الوضع إلا في خريف 1918 مع بلوغ الوباء ذروته عملياً. حينها، طبقت إجراءات غلق للأماكن العامة لكن بدرجات متفاوتة.
ويشرح فينيه "كان عدد المرضى كبيراً إلى درجة لم يعد يوجد عمال، ولا أدوات عمل لتطبيق إجراءات على غرار تعقيم الأماكن العامة".
تأثر الجيش الفرنسي بشدة بالوباء، لكن اتفقت جميع الدول على اعتبار أن الوباء لم يكن له تأثير حاسم على مجرى الحرب.
جرت عمليات الحجر الفعالة الوحيدة في الجزر البعيدة مثل ساموا الشرقية، وقد أشرفت عليها البحرية الأميركية، وهو أحد الأماكن القليلة التي لم تتضرر من الفيروس.
ويبقى أصل الوباء غير معلوم رغم رصده أول مرة في الولايات المتحدة في مارس/ آذار 1918.
يحتمل أن يكون مصدره الصين، على غرار كوفيد-19، لكن لم يعثر على أي دليل لإثبات هذه الفرضيّة. سمي الفيروس بالإنفلونزا الإسبانية لأن الصحافة الإسبانية كانت بين أول من تحدث عن المرض في أوروبا في مايو/ أيار 1918.
(فرانس برس)