تعمل ثلاث من كبريات الشركات في عالم منتجات التجميل، "شانيل" و"ريفلون" و"لوريال"، بهدوء، على التخلّص من استخدام مسحوق التلك في بعض المنتجات، مع تزايد الدعاوى القضائية التي يرفعها مرضى السرطان في الولايات المتحدة ومخاوف المستهلكين.
وتظهر وثائق قضائية اطلعت عليها وكالة "رويترز" أن شركة "شانيل" لأدوات التجميل الفاخرة أزالت مادة التلك من مسحوق للعناية بالوجه، وتخلّصت من استخدامها في مسحوق للعناية بالجسم، بسبب الآراء السلبية المنتشرة عن هذه المادة. واستبعدت شركة "ريفلون" مسحوق التلك من منتجات العناية بالجسم، كما أن "لوريال" تستكشف بدائل لهذه المادة، وفقاً لما قالته الشركتان لـ "رويترز".
تأتي هذه التحرّكات ضمن إعادة تقييم لاستخدام تلك المادة في مساحيق الجسم وأدوات التجميل من جانب المستهلكين والسلطات المعنية وشركات التصنيع. وتستخدم مادة التلك في آلاف من منتجات التجميل والعناية الشخصية لامتصاص الرطوبة ومنع تصلب البشرة وزيادة النعومة. وتوجد المادة، وهي من الأملاح الطبيعية، في الصخور نفسها التي يوجد فيها الأسبستوس، وهو مادة مسرطنة قوية.
وشهدت المحاكم الأميركية آلاف القضايا التي رفعها مرضى السرطان، وبعضها يرجع إلى عام 2013، على شركة "جونسون أند جونسون" رائدة صناعة مساحيق العناية بالجسم. وبدأت ادعاءات بأن التلوث بالأسبستوس تسبب في إصابة المدعين في تلك القضايا بالسرطان في 2017.
وتبيّن وثائق إفصاح للبورصات وسجلات قضائية أن شركات أخرى تنتج مساحيق التلك تواجه دعاوى قضائية، منها "ريفلون" و"شانيل" و"أفون".
واشتدّ تسليط الضوء على منتجات التلك بعد أن نشرت "رويترز" عام 2018 تحقيقاً صحافياً كشف أن شركة "جونسون أند جونسون" كانت تعلم منذ عشرات السنين أن مادة الأسبستوس تكمن في منتجاتها من التلك والمساحيق. واعترضت الشركة على تقرير "رويترز"، وهي تصر على أنّ مساحيقها مأمونة وخالية من الأسبستوس.
والشهر الماضي أعلنت "جونسون أند جونسون" أنها ستتوقف عن بيع مسحوق التلك للأطفال الرضع في الولايات المتحدة وكندا، وعزت القرار إلى انخفاض المبيعات والدعاية السلبية. وفي مارس/ آذار كشفت مندوبة عن شركة "شانيل"، في إقرار قضائي، أن الشركة توقفت عام 2017 عن صنع مسحوق للجسم تمثل مادة التلك مكوناً أساسياً فيه ومعطر بعطر "رقم 5" الشهير الذي تصنعه منذ عام 1924.
وجاء هذا الإقرار في قضية رفعتها في لوس أنجليس، عام 2018، امرأة من كاليفورنيا ادعت فيها أنها أصيبت بورم المتوسطة لأسباب منها استخدام مساحيق ملوثة بالأسبستوس من إنتاج "شانيل" و"جونسون أند جونسون" على مدى عشرات السنين.
والأسبستوس هو السبب الوحيد المؤكد لهذا النوع من الأورام، وهو نوع نادر من السرطان يصيب الأغشية المبطنة للرئة وأعضاء أخرى، وهو مرض عضال لا شفاء منه.
وقالت مندوبة "شانيل"، إيمي وايت، في الإقرار، إن أول مرة رُفعت فيها دعوى قضائية على الشركة بسبب مسحوق التلك كانت في 2016، ونفت أن منتجاتها تحتوي على الأسبستوس. وأوضحت في الإقرار "نعلم أنه منتج مأمون"، لكن "قررنا انطلاقاً من التصور الشائع استبعاده من السوق". وأضافت أن "شانيل" استبعدته أيضاً من مسحوق الوجه، لكنها قالت إنها لا تعلم متى ستطرح التركيبة الجديدة على وجه التحديد في الأسواق. ولم تذكر المادة التي ستحل محل التلك.
وأفادت متحدثة باسم الشركة لـ "رويترز"، في رسالة بالبريد الإلكتروني، بأن الشركة تحدّث منتجاتها بصفة منتظمة، "لضمان استمرارنا في تلبية احتياجات المستهلكين وتوقعاتهم المتغيرة". وقالت "شانيل" إن كل التلك الذي تستخدمه يخضع لمعايير "نقاء صارمة تلتزم بالكامل باللوائح العالمية الحالية ومأمون في ظل ظروف الاستخدام العادي للتجميل".
وقال متحدث باسم "ريفلون" لـ "رويترز" إن الشركة استبعدت التلك من منتجات العناية بالجسم، وامتنع عن ذكر السبب أو توقيت حدوث ذلك أو التعليق على الدعاوى القضائية. أما شركة "لوريال" فقالت إنها تبحث عن بديل للتلك، لكنها لم تعثر على مادة لها المفعول نفسه.
كذلك توقّفت شركات أخرى لمنتجات العناية الشخصية عن بيع مسحوق التلك. فقد قالت شركة "بايرسدورف" الألمانية إنها تحولت إلى استخدام نشا الذرة في مسحوق نيفيا للأطفال في 2018. وقالت "بوش هيلث" إنها غيرت تركيبة مسحوق "شاور تو شاور" في 2018، "لإبقاء المنتج متفقاً مع اتجاهات السوق وتفضيلات المستهلكين" لا بسبب مخاوف السلامة، على حد قول متحدثة باسم الشركة. وورد اسم "بوش هيلث" في 165 دعوى قضائية، منها 12 قضية منظورة، وفقاً لما تظهره وثائق الإفصاح.
وقالت "أفون" في بيان إفصاح إن 128 دعوى قضائية مرفوعة على منتجاتها لا تزال منظورة أمام القضاء. وقالت شركة "سانوفي"، منتجة مسحوق "غولد بوند"، لـ "رويترز"، إنها متمسكة بسلامة مسحوق التلك الذي تنتجه.
وعلى المستوى العالمي تقول "يورومونيتور إنترناشيونال" إن من المتوقع أن يشتري المستهلكون 139350 طناً من التلك هذا العام، بانخفاض 0.6 في المائة عن العام السابق.
والعام الماضي توصلت إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، خلال تحليل 52 منتجاً تجميلياً تحتوي على التلك، إلى وجود الأسبستوس في تسعة منتجات، بما في ذلك ثلاثة منتجات تبيعها شركة "كليرز" ومنتج لشركة "جونسون بيبي بودر". وسُحبت هذه المنتجات كلها طوعاً.
وقالت متحدثة إن "كليرز" توقفت عن استخدام التلك، وأبدلته بمادة الميكا في معظم منتجاتها. وتعمل إدارة الأغذية والعقاقير على تحليل 50 عينة أخرى هذا العام، وتدرس اعتماد أسلوب قياسي في اختبار الأسبستوس.
وكانت وزارة الصحة الكندية قد توصّلت مبدئياً في 2018 إلى أن مادة التلك نفسها قد تسبب بعض المشاكل في الرئة إذا استُنشقت وسرطان المبيض إذا استخدمت في منطقة الأعضاء الجنسية. وربما يؤدي قرار نهائي يتوقع صدوره العام المقبل إلى حظر استخدام التلك أو تقييده في منتجات معينة في كندا.
(رويترز)