نستطيع القول إنَّ مسلسل "أسود فاتح"، من بطولة اللبنانية هيفا وهبي والسوري معتصم النهار، ومجموعة من الممثلين المصريين، هو واحدٌ من أفضل الأعمال التي قدمتها شركة صادق الصبّاح هذا الموسم.
يسابق المخرج كريم العدل الأحداث الخاصة في "أسود فاتح" من اللحظة الأولى لبدء قصة عائلة "خطاب" المعروفة بنفوذها المالي والتجاري، "رانية" (هيفا وهبي) متزوجة من "عمر" (معتصم النهار)، وتكتشف خيانته لها من الحلقة الأولى مع "نجلاء سعيد" (روجينا) التي تلعب دور مقدمة برامج شهيرة، "ومؤثرة" على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تطلب "رانية" الطلاق على الفور من الزوج الخائن والمرتبط بها، ليس بوصفه زوجها فقط، بل شريكًا بمصالح تجارية ووكالات خاصة باستيراد السيارات، لتبدأ من هنا القصة التي تعتمد على ارتفاع وتيرة الأحداث بين المحيطين بـ "رانية" للانتقام منها، بعدما فُضحت العلاقة بين الإعلامية "نجلاء" ورجل الأعمال "عمر" عبر فيديو مُسرب بث عمداً ضمن برنامج الإعلامية نفسها كاد يطيح مستقبل "نجلاء" الإعلامي، من أجل إنهائها والقضاء عليها، بموافقة زوجها "زاهر" (ناصر سيف) الذي اكتشف خيانة زوجته صدفة.
تجتمع المصالح دفعة واحدة، "سيف" (شريف سلامة) هو شقيق "رانية" الذي طرده والده بعدما وقف إلى جانب شقيقته الثانية، بسبب إصرارها على الزواج من رجل لا يريده الأب الحاكم بأمر الإمبراطوية التجارية، والرجل هو "خطاب بدر الدين" (نبيل نور الدين) ، ما يثير أزمة بين أفراد العائلة، خصوصاً بعد وفاة الشقيقة الثالثة لعائلة "خطاب"، وهي تضع مولودتها الأولى "لي لي"، ليبدأ "سيف" بالانتقام من والده وشقيقته رانية. استطاع الكاتب أن يدير حواراً شيقًا ضمن أحداث المسلسل، وتبني حالات من الشك تسيطر على الجميع، وكل ذلك يدور في فلك "رانية" التي يصل بها الحال وحياكة المؤامرات، لدخول السجن بسبب قضية تسميم أطفال في بعض المدارس بعد تناولهم مأكولات فاسدة دخلت عن طريق شركة "خطاب".
كل ذلك يحصل في الحلقات العشر الأولى التي أظهرت قدرة لدى المخرج على دقة توجيه المَشاهد والكاميرات، وتحريك الممثلين، خصوصاً أن هوية المسلسل مصرية، لكنه صُور في بيروت، بطريقة تستوفي شروط الإقناع، بأن ما يحصل هو في القاهرة. بدت هيفا وهبي أكثر ثقة هذه المرة في أدائها التمثيلي، وأصبحت متمكنة في الدور المحوري المنسوب إليها، خصوصاً خلال وجودها في سجن النساء، وردة فعلها أمام المؤامرة التي تُحاك خلفها، وتعرضها لضرب على يد سجينتين، ما يؤدي إلى إسقاطها جنينها الأول. المشاهد مؤثرة جداً من دون الاعتماد على "نجومية" هيفا وهبي وتفاعل المشاهد لمتابعتها إلى الآخر في سياق دارمي يبتعد هذه المرة عن حالات التطويل والملل التي تعترض معظم الأعمال الدرامية الخاصة بالموسم الرمضاني، كونها مؤلفة من 30 حلقة، في حين أظهر معتصم النهار ضعفًا في طريقة كلامة باللهجة المصرية مع فريق العمل المصري، لكنه يتكلم بلهجته العادية لدى وجوده في بيروت، وهذا بالطبع ما أوقع معتصم في فخ اللهجات التي لا علاقة لها بالمحيط كون هويته في المسلسل سورية.
محاولة جيدة تعتمد على الدقة والسرعة في مرمى أحداثٍ، بدت تفاصيلها أقرب إلى الواقع المعاش.