هل فُقدت الأفكار الخاصة بالبرامج التلفزيونية؟ أم نحن أمام أزمة إنتاج ما زالت تلقي بثقلها على عالم الترفيه؟ وهل ينتصر القائمون على المحطات التلفزيونية العربية في تقديم محتوى أو برامج تغذّي بالدرجة الأولى المواقع البديلة، وتُساهم في نسبة زيادة المشاهدين، وبتكاليف مختصرة؟
ربما الإجابة نعم. لكن سؤالاً آخر يُطرح في مثل هذه الحال: هل انتهى زمن الميزانيات الضخمة للبرامج الفنية، بعد أزمة كورونا؟ الإجابة، أيضاً، لا بد أن تكون نعم. والحقيقة أن معظم الإنتاجات الخاصة بالبرامج خُفضت ميزانيتها إلى ما دون النصف، وكذلك، تم اختصار فريق العمل وإبقاء على الأساسيين منه فقط، وهذا ما دفع المسؤولين إلى إنتاج برامج بحلقات قليلة لزوم التجديد، والعرض على المحطة أولاً، ثم على المنصّات التابعة لها.
بدأت فضائية MBC السعودية بعرض برنامج "أغنيات من عمري" قبل أسبوعين، وهو برنامج يروي تفاصيل عن مسيرة الفنانين ومناسبات بعض الأغاني الشهيرة التي كرست حضورهم. البرنامج بعنوانه ليس جديداً؛ عام 2011، قدمت LBCI اللبنانية برنامجاً حمل اسم "أغاني عمري"، تنفيذ المنتجة رولا سعد التي اصطادته من زميلتها سناء خاتشريان، بعد سنوات من تقديم الأخيرة لفكرة البرنامج الذي تملك حقوق ملكيته، وصورت حلقة تجريبية منه مع الصحافي اللبناني الراحل جبران تويني، تحت اسم "نغم في حياتي". حاولت خاتشريان عام 2011 اللجوء إلى القضاء للدفاع عن حقها واسترداد برنامجها، لكنها لم تُفلح. غيرت المنتجة رولا سعد الاسم، وصورت منه تسع حلقات فقط، مستعينة كل مرة بمقدمة من المحطة.
هكذا، طورت MBC اليوم الفكرة التي مضى على عرضها 10 سنوات، وحجزت أحد الملاهي الليلية في لبنان، وفرقة موسيقية، لتترك الحوار للفنان نفسه في رواية تفاصيل من بعض الأغاني التي طرحها ولاقت نجاحاً كبيراً. في الحلقة الأولى، روى الفنان وائل كفوري حكايات عن مجمل أغانيه، بداية من "ما وعدتك بنجوم الليل" التي قدمها له راعي مسيرته المخرج الراحل سيمون أسمر. واستعان كفوري في "أغاني من عمري" بفرقة موسيقية قادها ميشال فاضل ومجموعة من "الكورال" التي ساندته في أداء أبرز الأغاني التي شكلت بصمة في تاريخه الفني.
وكذلك، تبدأ المحطة نفسها بتقديم برنامج "بصراحة مع"، في حوار عفوي تختار في كل حلقة منه مغنياً أو مغنية، وأحد الإعلاميين أو المحاورين المعروفين. هكذا، اختارت المحطة بداية المغنية اللبنانية نوال الزغبي، إلى جانب مقدم البرامج نيشان، ما يُذكرنا ببرنامج قدم قبل 20 عاماً على محطة تلفزيون "الجديد"، وكان من إعداد المخرج مكرم حنوش، بعنوان "سهرية".
إذاً هو "الإفلاس" بعيداً عن التجديد في طرح أفكار تتماشى والواقع اليومي من خلال وسائل الإعلام التي تصب كلها في خانة حث "المشاهير" على التصريحات، والتصريحات المُضادة، مقابل سوق التداول المفتوح على المواقع البديلة.