قبل خمس سنوات، عرض الكاتب السوري هوزان عكو قصة مسلسل "الهيبة" على شركة صادق الصبّاح، لتبدأ رحلة العمل الطويلة، وتتحول إلى مجموعة من الأجزاء، يُعرض حاليًا الأخير منها بعنوان "الهيبة: جبل". لم يكن الكاتب السوري هوزان عكو يدرك أن المسلسل سيتحول مع الوقت إلى "سلسلة"، بل تنصل من المشروع بعد الجزء الأول، وحذف اسمه ككاتب وصاحب الفكرة في الجزء الثالث.
اعتمد هوزان عكو في فكرة "الهيبة" على الرابط التاريخي والجغرافي بين لبنان وسورية. ومن خلال هذا الأمر، استعان بمجموعة من الشخصيات الجديدة، لتؤدي هذه الدراما التشويقية المؤثرة، ما دفع بشركة الإنتاج (الصبّاح) إلى استثمار النجاح من خلال أجزاء جديدة، رغم كل الانتقادات الشديدة التي واجهت السلسلة. انتقادات لم تعرها شركة الإنتاج ولا "أبطال" القصة أي اهتمام، بل كان الجميع يعمل على القاعدة التجارية ذاتها، لكسب المزيد من نسبة المشاهدة والترويج فقط.
الواضح أن التبادل "الدرامي" التجاري بين تركيا وشركات الإنتاج العربية بدأ منذ فترة لا بأس بها، وتحديداً قبل خمس سنوات. كما أن إصرار المحطات العربية على عرض المسلسلات التركية، رغم الأزمات السياسية، والدعوة إلى المقاطعة، لم يؤثر على حسن العلاقة الناشطة بين العرب والأتراك، حتى لاحت في الأفق فكرة أخرى، وهي "تعريب" بعض المسلسلات التركية، وتحويلها إلى أعمال عربية مع ممثلين عرب من "الصف الأول"، وكسب سوق آخر في المنافسة.
هكذا، تلقفت تركيا العرض العربي، شرط تصوير معظم هذه المسلسلات "المُباعة" داخل تركيا، وإعادة توظيف فريق العمل التركي من مخرجين وتقنيين ضمنها.
اليوم، بعد التجارب التي اجتاحت سوق العرض العربي، تعي تركيا تمامًا ضرورة التبادل "التجاري" القائم على المنافسة في الأعمال الدرامية. واختارت لهذا الغرض مسلسل "الهيبة"، لعله الأشهر الذي تصدر قائمة المسلسلات العربية ونسبة المشاهدة في السنوات الأخيرة. وكسبت مع ذلك شركة صادق الصبّاح الخطوة الأولى على هذا الطريق، ما سيفتح أمامها الباب للدخول براحة تامة إلى تركيا، ومنافسة شركات إنتاج سبقتها إلى إسطنبول، ونفذت "أجندة" العمل الخاصة بتعريب المسلسلات التركية الأصلية، وتحويلها إلى دراما عربية مشتركة. أعمال تحقق أعلى نسبة متابعة في سوق الخليج العربي، وتعود بالربح المالي الوفير من خلال عرضها الحصري، خصوصاً على المنصّات البديلة.
تطورات كثيرة شهدتها الدراما العربية المشتركة في السنوات الأخيرة، لم تكن بعيدة عن تصور وأفكار صنّاع الدراما التركية الذين كانوا يراقبون من بعيد "المنافس" العربي، وينتظرون تطور هذا التعاون، وكيفية الدفع بالإنتاج العربي المشترك نفسه إلى المراتب الأولى من خلال نسبة المشاهدات التي حققها خلال عقد كامل.
هذا كله، ما أفضى إلى النتيجة أعلاه، وتحويل الدراما العربية إلى مسلسلات تركية، وأول الغيث "الهيبة": فهل تنجح التجربة العربية (الأولى) القائمة على السيطرة والحروب والتهريب مع الأتراك؟