أحدث نبأ إطلاق منصّة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، للتواصل، بنسخة تجريبيّة، الشهر الماضي، ضجّةً واسعة في عالمي الإعلام والتكنولوجيا، فيما تزاحم المستخدمون لتنزيل هذا التطبيق ومعرفة ماهيّته، قبل موعد الإطلاق الرسمي أواخر هذا الشهر. لكنّ البداية كانت صعبة لشبكة "تروث سوشال" الجديدة، مع مشاكل تقنيّة بالجملة واجهت المستخدمين، وبروز احتمالاتٍ بالمقاضاة، كون التطبيق يستنسخ ميزاتٍ متعددة من تطبيقات أخرى.
بدأ تشغيل "تروث سوشال" (Truth Social) تدريجياً، على أن يكون "جاهزاً للتشغيل بشكل كامل" بحلول نهاية آذار/ مارس. كان التطبيق متوفرًا بنسخته التجريبية في متجر تنزيل تطبيقات الأجهزة المحمولة "آبل ستور" ومُستخدمًا من جانب أنصار الملياردير.
تصدّر التطبيق قائمة متجر "آبل" بعدها بيومين، بالرغم من المشاكل التقنيّة التي واجهت مستخدميه. فبحسب صحيفة "ذا غارديان"، انتظر المستخدمون أكثر من 20 دقيقة محاولين إنشاء حساباتٍ، لكنّ رسائل بوجود خلل ظلّت تظهر لهم. وحتى الذين استطاعوا إنشاء حساب، طُلب منهم الانتظار كون هناك أكثر من 100 ألف مستخدم يريدون إنشاء حسابات.
على الرغم من ذلك، أظهرت بيانات من شركة "أبتوبيا" للأبحاث أنه تم تنزيل "تروث سوشال" 170 ألف مرة على متجر تطبيقات "آبل" منذ إطلاقه، وفق ما نقلت "رويترز". وقالت "أبتوبيا" إنه من المحتمل أن يكون ارتفاع سقف التوقعات والطلبات المسبقة لتنزيل التطبيق هو السبب في هذا العدد الكبير من التنزيلات.
أعلن ترامب عن خططه لمنصة التواصل الاجتماعي الجديدة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين وعد بمنافسة شركات التكنولوجيا التي منعته من استخدام منصاتها بعد اقتحام مناصريه الكابيتول في العاصمة الأميركيّة، بعد فوز جو بايدن بالرئاسة. وبعد أكثر من عام على منع الرئيس الأميركي السابق من استخدام منصات التواصل الاجتماعي الكبيرة، يقدم دونالد ترامب "تروث سوشال" كبديل من منصات "فيسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" التي حظرت حساباته بعد اقتحام أنصار له مبنى الكونغرس في 6 كانون الثاني/ يناير 2021، وهو المتهم بالتحريض على أعمال العنف. وقبل حظر حسابه على "تويتر"، كان هذا الموقع المنصة المفضلة لترامب وكان يستخدمه كثيرًا للقيام بإعلانات رئاسية ومهاجمة أخصامه السياسيين. وكان لدى ترامب 89 مليون متابع على تويتر، وفق "فرانس برس"، علمًا أنه كان يخاطبهم بتغريداته يوميًا.
من جانبه، قال ديفن نونيز، وهو برلماني سابق ترك الكونغرس في وقت سابق كي يترأّس "مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا" الشركة الأم للشبكة الجديدة، لتلفزيون "فوكس نيوز": "أعتقد أن بحلول نهاية آذار/ مارس، سنكون جاهزين للعمل بشكل كامل، على الأقل في الولايات المتحدة". وقال ديفن نونيز "إنه لأمر مؤثر بالنسبة إليّ أن أرى الأشخاص الذين تم إسكاتهم يستخدمون المنصة". وأكد "أننا نريدهم أن يقولوا لنا أي محتوى يريدون أن يروا على المنصة"، مضيفاً: "خلافاً للقلّة المجانين في سيليكون فالي الذين يقولون للناس ما يريدونهم أن يفكّروا ويقررون من يمكنه أن يكون أو ألا يكون على شبكات" التواصل الاجتماعي.
ونقلت "فرانس برس" عن المسؤولة الجمهورية في مجلس النواب إليز ستيفانيك قولها على "تويتر": "الحقيقة آتية". ونشرت لقطة من الشاشة لتغريدتها على منصة "تروث بيتا" أي النسخة التجريبية من موقع التواصل الاجتماعي وكتبت "أنا مسرورة جدًا لكوني على تروث! شكرًا للرئيس دونالد ترامب لصفاته القيادية. معًا سينقذ الوطنيون الأميركيون الأوائل الولايات المتحدة، سيهزمون عمالقة التكنولوجيا ويحمون حرية التعبير!". وغرّد دونالد ترامب جونيور، نجل الرئيس السابق، "حان وقت الحقيقة"، مع لقطة من الشاشة لرسالة من والده على المنصة الاجتماعية الجديدة جاء فيها "استعدوا! سيستقبلكم رئيسكم المفضل قريباً".
لكنّ الشبكة مهدّدة منذ الآن بدعاوى قضائيّة، إذ إنّ الشبكة تبدو استنساخاً صارخاً لتطبيق "تويتر"، والذي كان مفضّلاً لدى ترامب، إذ إنّها تستبدل الـ"تغريدة" بـ"حقيقة"، لكنّها في الشكل وطريقة الاستخدام تعتمد نهج "تويتر" نفسه. وليس ذلك فحسب، بل إنّ الشركة اقتبست شعاراً (لوغو) تستخدمه شركة بريطانية لتوليد الطاقة الشمسية تسمى Trailar. وكتبت الشركة على "تويتر" ساخرةً: "من الرائع أن نرى دونالد ترامب يدعم مشاريع التنمية المستدامة، ربما في المرة المقبلة، اسأل أولاً؟".
ولا يزال هناك الكثير من الغموض بشأن التطبيق، بما في ذلك تاريخ إطلاقه المحدد. وهناك أيضًا أسئلة حول ما إذا كان هدف التطبيق المتمثل في "حرية التعبير" يمكن أن يتعايش مع سياسات متجر تطبيقات "آبل" و"غوغل".
ووفق تقارير صحافية مختلفة نقلتها "فرانس برس"، تمتلك مجموعة ترامب الجديدة حوالى 1,25 مليار دولار للمنافسة في السوق المزدحمة للشبكات الاجتماعية التي يستخدمها كثيرًا المحافظون المتشددون على غرار منصة "غيتر" (Gettr) التي أطلقها المستشار السابق لترامب جيسون ميلر إضافة إلى منصتَي "بارلر" (Parler) و"غاب" (Gab). وفي كانون الأول/ديسمبر، أعلنت "مجموعة ترامب للإعلام والتكنولوجيا" أنها أنشأت شراكة مع منصة "رامبل" الكندية للفيديوهات، مشيرةً إلى أن النسخة التجريبية سبق أن أُطلقت باستخدام خدمتها السحابية. وحتى الآن، لم تقترب أي من الشركات الجديدة، ومنها منافسون لـ"تويتر"، مثل "غيتر" و"بارلر" وموقع "رامبل" لمقاطع الفيديو، من مضاهاة شعبية نظرائها من المواقع الشهيرة.