فوجئ مستخدمون فلسطينيون على موقع فيسبوك برسالة تحذيرية عند وضع اسم الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي وأحد أسرى "نفق الحرية" زكريا الزبيدي في الخانة المخصصة للبحث. ويتضمّن نص الرسالة "المصطلح الذي بحثت عنه يقترن أحياناً بنشاطات أفراد خطيرين ومنظمات خطرة، وهو أمر غير مسموح به على فيسبوك".
وفي حال اختار المستخدم المتابعة، فإن رسالة أخرى تحول دون إظهار النتائج التي يريد الوصول إليها في البحث، إذ تظهر نافذة أخرى تحتوي على تحذير آخر: "ربما يقترن هذا البحث بنشاط عنيف أو بغيض أو إجرامي، لدينا معايير مجتمع من شأنها منع النشاط العنيف والبغيض والإجرامي وتعطيله، في حال عدم اتباع الأشخاص المعايير، نقوم بإزالة المحتوى أو تقييد حسابهم أو تعطيله". وفي حال إصرار المستخدم على البحث عن الاسم، فإن النتائج ستظهر لكن هذه المرة مع تحذير ثالث، إذ يطلب فيسبوك من المستخدم التبليغ عما يسميه "نشاطاً عنيفاً أو بغيضاً أو إجرامياً".
في استمرار لمسلسل شركة "فيسبوك" بالتضييق على الفلسطينيين، صنّفت الشركة الأسير #زكريا_الزبيدي ضمن "الأفراد الخطرين"، وتطلق تحذيرات عند البحث عن اسمه. pic.twitter.com/QiBjMEPFuS
— مركز صدى سوشال - Sada Social Center (@SadaSocialPs) May 22, 2022
وتزامن هذا الإجراء مع محاكمة الاحتلال، أمس الأحد، الزبيدي وزملائه الآخرين من الأسرى الستة الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، قبل إعادة اعتقالهم من قبل قوات الاحتلال، حيث حكموا بإضافة 5 سنوات من السجن إلى أحكامهم السابقة وغرامة مالية.
من شوية فتت أبحث، لقيت فيسبوك مصنف الأسير زكريا الزبيدي كشخص خطير ويُمنع البحث عن اسمه كأمر غير مسموح به. pic.twitter.com/s8ipVTuybi
— الغزاوي (@Ehabhelou) May 22, 2022
كما يأتي ذلك بعد أيام من استشهاد داود، شقيق زكريا الزبيدي، متأثراً بإصابته برصاص الاحتلال خلال اقتحام مخيم جنين وحصار أحد المنازل في المخيم، ووقوع اشتباكات بين قوات الاحتلال ومقاومين.
بدوره، قال إياد الرفاعي، مدير مركز "صدى سوشال" (مبادرة شبابية)، لـ"العربي الجديد": "إن (فيسبوك) وضع اسم زكريا الزبيدي على اللائحة التي تصنف على أنها غير مرحب باستخدامها في المنصة على مستوى المنشورات المختلفة سواء المكتوبة أو الصور أو الفيديو، وكان ذلك منذ عملية (نفق الحرية)، حيث تعرض العديد من المستخدمين الفلسطينيين للتقييدات على خلفية استخدام أسماء أسرى النفق بمن فيهم الزبيدي".
لكن وحسب الرفاعي، فإن إشارات معينة أصبحت تظهر خلال الـ48 ساعة الماضية بعد البحث عن اسم الزبيدي، إضافة إلى ارتفاع عدد البلاغات التي يتلقاها المركز بوجود عقوبات معينة بعد استخدام اسم الزبيدي، تحديداً خلال الفترة التي استشهد فيها شقيقه داود، مشيراً إلى أن رسائل التحذير تظهر أمام عدد كبير من المستخدمين خلال عملية البحث عن اسمه، قائلاً: "إن مركزه راسل (فيسبوك) حول ذلك وينتظر الرد، لكنه توقع أن لا تختلف الإجابة عن حالات سابقة بأن المحتوى مرتبط بما يصنف بالإرهاب وفقاً للقوانين الأميركية".
وفي هذا السياق، يؤكد الرفاعي أن فيسبوك بشكل عام يستجيب عادة لطلبات الحكومة الإسرائيلية حول المحتوى الفلسطيني، التي تتزامن مع أحداث طارئة على الساحة الفلسطينية، لمنع استخدام وسوم معينة أو حتى أسماء قيادات فلسطينية ومنها لشهداء وأسرى، مشيراً إلى أن تلك المتابعات تحصل بشكل مستمر، وتقوم بها وحدات مخصصة في حكومة الاحتلال، ويتم إرسالها إلى إدارات مواقع التواصل الاجتماعي وتحديداً "فيسبوك" للتعامل معها.
وترصد مراكز حقوقية ورقمية فلسطينية انتهاكات للمحتوى الرقمي الفلسطيني واستهدافاً للرواية الفلسطينية بشكل شبه دائم، فقد رصد مركز "صدى سوشال" (مبادرة شبابية فلسطينية) 172 انتهاكاً خلال شهري مارس/آذار، وإبريل/نيسان الماضيين، معظمها من قبل منصة فيسبوك بواقع 55 في المائة تقريباً، فيما توزعت باقي الانتهاكات على منصات: واتساب، وإنستغرام، ويوتيوب، وتيك توك، وتويتر...
ويُعتبر الأسير زكريا الزبيدي (مواليد 1976)، أحد مؤسسي كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة فتح، في الضفة الغربية، وقائدها في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية، في انتفاضة الأقصى الثانية، وهو الوحيد الذي لم يسلّم سلاحه ضمن التفاهمات الأمنية الفلسطينية الإسرائيلية التي قضت بإنهاء المقاومة المسلحة لحركة "فتح" في انتفاضة الأقصى عام 2005، كجزء من البرنامج السياسي للرئيس محمود عباس، والذي دخل حيّز التنفيذ عام 2007.
وطارد الاحتلال الزبيدي على مدار تسع سنوات، وخلال محاولات الإمساك به استشهدت والدته وشقيقه خلال الاقتحام الكبير الذي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمخيم جنين في العام 2002، في عملية سمّتها إسرائيل بـ"السور الواقي"، وجُرح الزبيدي بالرصاص نحو سبع مرات، وتعرض لست محاولات اغتيال فاشلة، وهدم بيته في مخيم جنين ثلاث مرات.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2011، ألغت الحكومة الإسرائيلية قرار العفو عن الزبيدي من دون إعطاء تفسير، ومنذ ذلك الحين، ظل الزبيدي على لائحة المطلوبين في إسرائيل، وبقي يتنقل في الاحتجاز في مقرات السلطة الفلسطينية حتى عام 2017.
وتعرض الزبيدي للاعتقال عدة مرات من قبل السلطة الفلسطينية، كانت إحداها عام 2012 بتهمة إطلاق النار على محافظ جنين قدورة موسى، حيث قضى الأخير بنوبة قلبية، وكان هناك اعتقال آخر للزبيدي، لكن المحاكم الفلسطينية برأته من التهم التي وُجهت إليه.