على الرغم من قربها من أوروبا، ومساحتها الواسعة التي تعادل تقريباً مساحة ألاسكا وتكساس مجتمعتين، وإطلالتها على الساحل الشمالي لأفريقيا، لا تزال المعالم السياحية للجزائر غير معروفة لعدد كبير من السيّاح.
تقول مجلة ناشونال جيوغرافيك في تقرير أفردته للتعريف بالسياحة الجزائرية: "بالنسبة للمستعدين لخوض العقبات البيروقراطية للوصول إلى هنا، يمكن القول إن الجزائر هي واحدة من أكثر الوجهات متعة ويمكن الوصول إليها عبر رحلة قصيرة من أوروبا".
وتعد الجزائر أيضاً آمنة ومستقرة نسبياً. إذ تنصح معظم الحكومات الأجنبية فقط بعدم السفر إلى حدودها مع ليبيا والنيجر.
الجزائر بلد العجائب السياحية
تقول المجلة إن المفاجآت عند المجيء إلى الجزائر كثيرة، "فهي من نواحٍ عدة عملاق يختبئ من الجميع". ففي نطاق الأراضي الخصبة التي تعانق ساحل البحر الأبيض المتوسط توجد مدن تاريخية مثل قسنطينة ووهران والعاصمة الجزائر.
والبؤر الرومانية القديمة مثل موقعي جميلة وتيمقاد (كلاهما من مواقع التراث العالمي لليونسكو) هي من بين أفضل الوجهات الأثرية المحفوظة في شمال أفريقيا.
وفي الجنوب، في المناطق الداخلية الصحراوية، يتصادم بحر من الكثبان الرملية في العرق الشرقي الكبير مع كتل الحجارة الرملية في هقار وطاسيلي ناجر.
وتنقل المجلة عن عمر الزحافي من شركة فانسي يالو السياحية قوله: "كان لدينا عدد قياسي من السياح، لكن رغم هذا الإقبال لا يزال بإمكان الفرد قضاء أيام في الجزائر من دون رؤية سائح آخر". ولعل المثال الأمثل على ما سبق هو مدينة غرداية التي تجسد المفارقة بين انعزال الجزائر وإمكاناتها السياحية.
وغرداية موطن أجداد المزابيين، رابع أكبر قبيلة أمازيغية في الجزائر، وهي واحة مترامية الأطراف، 380 ميلاً جنوب الجزائر العاصمة عبر الصحراء الكبرى. وقد شبهتها الكاتبة الفرنسية سيمون دي بوفوار ذات مرة بـ"لوحة تكعيبية مشيدة بشكل جميل".
ومثل معظم الوجهات في الجزائر، من الأفضل استكشاف غرداية مع مرشد سياحي. وتسمح القواعد التي وضعتها المجالس الدينية، والتي تدعم شكلاً صارماً من الإسلام الإباضي، بدخول الغرباء فقط في أوقات معينة من اليوم، وفقط بصحبة أحد المرافقين المحليين.
وترتدي بعض النساء المتزوجات الحيك، وهو ثوب أبيض ملفوف حول الجسم والرأس، ولا يترك سوى عين واحدة مكشوفة، كما أن النقل الآلي محظور وتعوضه الحمير.
عبر الأزقة الهادئة، في منتصف النهار، عندما يأخذ معظم سكان الوادي قيلولة، تكون الممرات مأهولة فقط بأعداد كبيرة من الأطفال الخجولين.
ويعود التناسق المعماري للقلعة إلى معايير قديمة في التصميم والديكور. عن قرب يمكن أن تُرى الجدران مصنوعة من الطين، نُقشت بسعف النخيل لتشتيت حرارة الشمس.
لكن لماذا الجزائر غير مشهورة سياحياً رغم جمالها؟
يقول أندرو فاران من المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث للشؤون الخارجية: "الجزائر هي من أصعب الأماكن في العالم للدخول إليها ومن أقلها زيارة". ويوضح أنه "من بين مليوني سائح رسمي يصلون كل عام، معظمهم من المغتربين الجزائريين العائدين إلى الوطن لزيارة الأسرة، عدد قليل فقط من الزوار الأجانب". فالحصول على تأشيرة منهك، كما أن الترويج السياحي غير موجود، بحسب "ناشونال جيوغرافيك".
يجادل العديد من المراقبين بأن عدم اهتمام الحكومة بالسياحة يرجع إلى الهيمنة الاقتصادية للهيدروكربونات.
ويشكل قطاع النفط والغاز الجزائري 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. على النقيض من ذلك، تمثل السياحة بالكاد 0.1 في المائة.