أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أنّ هناك ارتفاعاً كبيراً في محاكمات التعبير في تونس، مشيرةً إلى أنّها محاكمات عسكريّة ومدنيّة بتهمة "الإساءة للرئيس".
وفي تقرير لها، اليوم الخميس، قالت "هيومن رايتس ووتش" إنّ السّلطات التونسيّة تحاكم المواطنين في المحاكم العسكريّة والمدنيّة، وتسجنهم، بسبب انتقادات عامّة للرئيس قيس سعيّد ومسؤولين آخرين. من بين هؤلاء أعضاء في البرلمان، ومعلّقون على مواقع التواصل الاجتماعي، ومقدم برامج تلفزيونيّة. هم سليم الجبالي وياسين العياري وعامر عيّاد وعبد اللطيف العلوي وأمينة منصور.
بحسب المنظمة، تستخدم النيابة العامة التونسية قوانين قمعيّة سُنّت قبل الثورة التونسية لملاحقة منتقدي قيس سعيّد ممن يصفون تولّيه لسلطات استثنائية منذ 25 يوليو/تموز 2021 بـ "الانقلاب". من بين خمس قضايا متعلقة بحرية التعبير راجعتها "هيومن رايتس ووتش"، هناك شخص يقضي حالياً عقوبة في السجن بتهمة الإساءة للرئيس، من بين تهم أخرى، وثلاثة آخرون قيد المحاكمة بتهمة التشهير بالجيش والإساءة للرئيس، وشخص خامس قيد التحقيق الجنائي باتهامات مماثلة.
تونس: ارتفاع كبير في محاكمات التعبير https://t.co/buthJXKO1w
— هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) December 23, 2021
قال إريك غولدستين، مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإنابة في "هيومن رايتس ووتش": "الاعتراض العلنيّ على الرئيس واستحواذه على سلطات واسعة قد يؤدّي بصاحبه إلى المحاكمة. يُعتبر إسكات المعارضين خطراً مضاعفاً عندما يكون الرئيس منشغلاً بتركيز الكثير من السلطات في يده".
وبينما أيّد سعيّد بشكل علني، وفي مناسبات عدّة، محاكمة التونسيين الذين يمارسون "الثلب والكذب، بدلاً من ممارسة حقهم في حريّة التعبير"، أشارت المنظمة إلى التهم المنسوبة للذين يحاكمون في تونس. ففي المحاكم المدنيّة، تشمل التُهم "من يرتكب أمراً موحشاً ضدّ رئيس الدولة" بموجب الفصل 67 من "المجلّة الجزائية"، و"من ينسب لموظف عمومي... أموراً غير قانونية متعلّقة بوظيفته دون أن يُدلي بصحة ما يُثبت ذلك" (الفصل 128)، ومن يرتكب "اعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا بالسلاح" (الفصل 72، وهي تهمة تصل عقوبتها إلى الإعدام).
أمّا في المحاكم العسكريّة، فشملت التهم "تحقير الجيش" بموجب الفصل 91 من قانون القضاء العسكري، المعروف أيضاً بـ"مجلّة المرافعات والعقوبات العسكريّة". قد يؤدّي انتقاد الرئيس إلى المحاكمة بموجب قانون القضاء العسكري لأنّ الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلّحة وفق الدستور. يفرض قانون القضاء العسكري عقوبة تصل إلى السّجن ثلاث سنوات على من يتعمد "تحقير العلم أو تحقير الجيش والمسّ من كرامته أو سمعته أو معنوياته أو يقوم بما من شأنه أن يُضعف في الجيش روح النظام العسكري والطاعة للرؤساء أو الاحترام الواجب لهم".
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إنّ السماح بمحاكمة مدنيّين أمام محكمة عسكرية فيه انتهاك للحق في المحاكمة العادلة وضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، إذ تنصّ "المبادئ المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية في أفريقيا" على أنّ "الغرض من المحاكم العسكريّة هو تحديد الجرائم ذات الطبيعة العسكريّة فقط التي يرتكبها أفراد لهم صفات عسكريّة فقط".
وأشارت إلى أنّ ثورة 2010-2011 التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي، حققت للتونسيين حرّية أكبر لانتقاد السلطات، لكن هذه السلطات حاكمت منذ 2012 العديد من الصحافيين، والمدوّنين، والفنانين، والمثقفين بسبب انتقادات سلميّة للرئيس ومسؤولين آخرين، بموجب فصول المجلة الجزائية المتعلقة بـ"التحقير"، و"الإساءة لمسؤولي الدولة" و"تهديد النظام العام"، وجميعها يمكن أن تؤدي إلى أحكام سجنيّة.