لعل الملفت للانتباه في المهرجانات الصيفية التونسية هذه السنة العودة القوية للعروض المسرحية، خاصةً في مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين. تلاقت هذه العودة مع حضور الجمهور بكثافة إلى هذه العروض، ممّا أعاد للمسرح التونسي ألقه الذي ميّزه في القرن العشرين.
تتواصل العروض المسرحية في المهرجانات التونسية، وآخرها "ياقوتة" للمخرجة والممثلة المسرحية ليلى طوبال، والذي عُرض ليل الإثنين الماضي في مهرجان الحمامات الدولي.
تُعرف ليلى طوبال في تونس بكونها من الوجوه النسوية المعروفة في البلاد بدفاعها المستميت عن حقوق المرأة، وبالتالي لا يمكن أن يخرج سياق المسرحية التي كتبتها ومثلتها وأخرجتها عن الإطار الذي آمنت به ودافعت عنه لسنوات، وهو حقّ النساء في العيش بكرامة في مجتمع يحترم حقوقهن وينبذ العقلية الذكورية.
هذا على الرغم من أنّ القوانين التونسية منحت منذ العام 1956 تاريخ الإعلان عن مجلة الأحوال الشخصية العديد من الحقوق للمرأة التونسية لكنّ الرواسب الثقافية لم تغيّرها القوانين، فبقيت الممارسة محكومة بعقلية ذكورية فيها استنقاص من المرأة واستعلاء في النظرة إليها.
في "ياقوتة" عملت طوبال على كشف هذه الممارسات الاجتماعية ضدّ المرأة من خلال ياقوتة، وهي شخصية ترمز إلى المرأة بشكل عام، وإلى المرأة التونسية بشكل خاص، حاولت من خلالها تفكيك المسكوت عنه عبر الجمع بين الدراما والفكاهة، فتفاعل الجمهور بالضحك أحياناً وبالدموع في أحيانٍ أخرى.
انطلاقاً من إيمانها بأنّ مسار الدفاع عن حقوق المرأة صيرورة متواصلة، فقد اختارت طوبال أن تكرّم في عرضها نسويات تونسيات وعربيات غادرن عالمنا بعدما ناضلن من أجل نصرة قضايا المرأة، فأهدت العرض إليهن ووضعت صورهن عند مدخل المسرح، من المدونة والناشطة الحقوقية الراحلة لينا بن مهني مروراً بالناشطة والمسرحية الراحلة زينب فرحات، وصولاً إلى الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة التي اغتالها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مايو/ أيّار الماضي.
يذكر أنّ ليلى طوبال كاتبة وممثلة ومخرجة مسرحية تونسية، تمتد تجربتها في المسرح إلى عقود سابقة. وكانت أبرز تجاربها في مسرح الحمراء مع المخرج المسرحي الراحل عزّ الدين قنون، حيث قدما العديد من الأعمال المسرحية التي دافعت عن حقّ التونسيين في الحرية والحياة الكريمة.
وجدير بالذكر أنّ طوبال تعتبر من أوائل الفنانين الذين ساندوا الثورة التونسية في العام 2011.