استمع إلى الملخص
- **حفلة الشامي تثير الجدل**: في 30 يوليو، قصف الاحتلال الإسرائيلي ضاحية بيروت الجنوبية، وفي نفس الليلة أقيمت حفلة المغني الشامي وسط بيروت، مما أثار استنكاراً واسعاً وانتقادات للجهة المنظمة.
- **استمرار الانقسامات**: رغم انتهاء حفلة الشامي، يستمر لبنان في مواجهة يوميات الحرب والقلق، مما يعكس صورة مختلفة للوطن في أذهان المواطنين، مرشحة لانقسام أكبر.
يعيش اللبنانيون منذ عقود على وقع الانقسامات، طائفية كانت أم سياسية أو مناطقية. لكن في الأشهر الأخيرة تجلت صورة دراماتيكية لهذا الانقسام، وتحديداً منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي وعملية طوفان الأقصى مع ما تلاها من إبادة إسرائيلية متواصلة للفلسطينيين في قطاع غزة، إذ انقسم اللبنانيون بين من أيّد فتح جبهة الجنوب اللبناني إسناداً للقطاع، ومن رفض ذلك تحت شعارات مختلفة.
إلا أن المشهد الأكثر وضوحاً لهذا الانقسام ظهر مساء 30 يوليو/ تموز الماضي. إذ قصف الاحتلال الإسرائيلي ضاحية بيروت الجنوبية، مستهدفاً القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر. ونتيجة هذا القصف استشهد مدنيون أيضاً كانوا في محيط المكان. في تلك الليلة نفسها، وبعد وقت قصير جداً من الاعتداء الإسرائيلي، أقيمت حفلة المغني السوري، الشامي، وسط بيروت، أي المنطقة التي تبعد عن مكان الاستهداف ربع ساعة فقط.
ورغم أن أغلب متعهدي الحفلات في لبنان أعلنوا تأجيل أو إلغاء الحفلات المقررة في الأيام المقبلة، بما فيها حفلتا الفنان المصري تامر حسني والفنانة السورية أصالة نصري، إلا أن منظمي حفلة الشامي ــ ضمن حفلات مهرجان أعياد بيروت ــ أصروا على إقامتها ليلة العدوان نفسه. لكن هذا الإصرار بدا بائساً، اذ غاب الجمهور المفترض، ما اضطر القائمين على الحفلة لتكليف موظفين لديها بضرورة الإسراع في ملء الكراسي الفارغة. وبدأت الاتصالات بين فريق العمل لتوزيع الدعوات، ما أدى إلى تأخير انطلاق الحفلة.
سريعاً انتشرت فيديوهات عرض الشامي في بيروت على مواقع التواصل الاجتماعي، ورسّخت الانقاسم اللبناني. عدد من اللبنانيين استنكروا إقامة الحفل وانتقدوا الجهة المنظمة، أي جهاد غابرييل المرّ، نجل النائب السابق غابرييل المر وشقيق رئيس مجلس إدارة قناة MTV ميشال المر (لا يزال الخلاف القضائي والمالي بينهما قائماً).
تعاقد جهاد المرّ مع المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترنشونال، وأعطاها حقوق تصوير حفلات مهرجانات أعياد بيروت التي ستعيد عرض الحفل في وقت لاحق، وخصوصاً أن المنافسة تبدو شديدة بين MTV والـLBCI، التي كانت أقرب هذه المرة إلى أعمال جهاد المر الفنية وإنتاجاته. وقد عرف هذا الأخير فعلياً كيف يحيي وسط بيروت مجدداً من خلال حفلات أعياد بيروت، التي أُطلقت للمرة الأولى عام 2013، فعمل هذا العام مع أيمن أبي ياغي (مدير أعمال إليسا السابق)، على إقامة مجموعة من حفلات لبنان.
انتهت حفلة الشامي، ولا يزال لبنان يعيش يوميات الحرب في جنوبه، وقلق ولا يقين في كل مناطقه الأخرى. ولعل هذا اللايقين ينسحب بشكل مباشر على صورة لبنان التي يختلف عليها المواطنون حتى اليوم. فماذا كانت الجهة المنظمة لحفل الشامي ستخسر لو أنها أجلته بضعة أيام ريثما ينتهي تشييع المدنيين وتهدأ النفوس، ولو قليلاً؟ لكن في كل الأحوال فإن الخلاف اللبناني يتجاوز حفل الشامي وكل الحفلات التي ستقام أو التي ألغيت. فكل ما سبق مجرد تجليات للصورة المختلفة التي بناها كل طرف لبناني في ذهنه عن وطنه، صورة مرشّحة لانقسام أكبر، في ظل تواصل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، سواء في الجنوب أو بيروت أو البقاع.