شنت الأذرع الإعلامية للنظام المصري هجوماً حاداً على رئيس تحرير صحيفة "الأهرام" الحكومية السابق الكاتب عبد الناصر سلامة، على وقع مطالبته الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه للمحاكمة، جزاءً على ما اقترفته يداه من تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، وحقول الغاز في البحر المتوسط، ومياه النيل بتوقيعه على وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة الإثيوبي.
وسرعان ما تقدم المحامي المدفوع من النظام طارق محمود ببلاغ إلى النائب العام برقم 84258 لسنة 2021، الثلاثاء، يتهم فيه سلامة بـ"التحريض على قلب نظام الحكم في مصر، وتعمد نشر أخبار كاذبة عن مؤسسات الدولة وملف السد النهضة الإثيوبي، بغرض نشر الفوضى والاضطرابات في البلاد".
وزعم البلاغ أن سلامة معروف بتوجهاته الموالية لجماعة "الإخوان"، ويتشارك معها في تحقيق أغراضها "الإجرامية"، مدعياً أن مقاله المنشور على صفحته الشخصية بموقع "فيسبوك" يحرض على مؤسسات الدولة، ورئيس الجمهورية، في ظل ما "تتعرض له البلاد من مؤامرات ومخططات خارجية تستهدف زعزعة استقرارها، وتهديد أمنها القومي، بما يستوجب إصدار قرار فوري بضبطه وإحضاره، وإحالته للمحاكمة الجنائية العاجلة"، بحسب تعبيره.
فيما قال عضو "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" نشأت الديهي، مقدم برنامج "بالورقة والقلم" في قناة TEN الفضائية، إنه "لا يمكن لأي مواطن مصري أن يقبل بإهانة رمز الدولة، وهو رئيس الجمهورية"، مطالباً نقابة الصحافيين بالنظر في مسألة تجميد عضوية سلامة، لما تضمنه مقاله من "سفالة وحقارة وأكاذيب وأباطيل وأفكار ودعوات يعاقب عليها".
وشدد الديهي على ضرورة إحالة سلامة للتحقيق بواسطة الجهات القضائية بتهمة "الخيانة"، بوصفه يمثل خطراً على الأمن القومي المصري بـ"مفرداته الوقحة، ونداءاته التي تساهم في زعزعة ثقة المواطن في دولته، في مقال للسب والقذف، وليس لإبداء الرأي"، على حد تعبيره.
وفي مقال بعنوان "افعلها يا ريس"، كتب سلامة قائلاً: "لماذا لا تكون لدى الرئيس السيسي الشجاعة الأدبية والأخلاقية، ويعلن مسؤوليته المباشرة عن الهزيمة الثقيلة أمام إثيوبيا، وإضاعة حق مصر التاريخي في مياه النيل، عندما منح الشرعية للسد بالتوقيع على اتفاقية 2015 المشؤومة، وكان يدرك حينها عواقب ما يفعل، ولاحقاً بمنحه الشرعية مرة أخرى باللجوء إلى مجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، من دون إعداد جيد".
وأضاف سلامة: "السيسي تغاضى عن بناء جسم السد الإثيوبي، وعجز عن اتخاذ قرار عسكري يعيد القيادة الإثيوبية المتآمرة إلى صوابها، كما فشل في حشد التأييد الدولي لقضية مصر العادلة، على الرغم من إنفاق المليارات من الدولارات، من أموال القروض الخارجية، على شراء السلاح وغير السلاح من الدول المؤثرة عالمياً".
وزاد قائلاً: "الأمانة والشجاعة تقتضيان خروج الرئيس المصري إلى الشعب بإعلان تنحيه عن السلطة، وتقديم نفسه لمحاكمة عادلة، لا سيما بعد إهداره ثروات مصر على تسليح لا طائل من ورائه، وتكبيل البلاد بديون باهظة لن تستطيع أبداً سدادها، وإشاعة حالة من الرعب والخوف بتهديد المصريين بنشر الجيش خلال 6 ساعات، وتقسيم المجتمع طائفياً ووظيفياً وفئوياً بخلق حالة استقطاب غير مسبوقة، وسجن واعتقال عشرات الآلاف من المواطنين، وتحويل سيناء إلى مقبرة للجنود والضباط، نتيجة إدارة بالغة السوء لأزمة ما كان لها أن تكون، ناهيك عن عشرات الاتهامات التي ستتكشف في أوانها".
وفرضت التطورات المتلاحقة لأزمة سد النهضة نوعاً من الارتباك في المشهد السياسي المصري، خصوصاً بعد فشل التحركات المصرية الأخيرة في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي، إثر تلقي مصر إخطاراً من أديس بابا ببدء الملء الثاني للسد، الذي تخشى القاهرة من أن يؤثر على حصتها من مياه النيل.