على مدار الأيام القليلة الماضية، شهدت الجماعة الصحافية في مصر حالةً من الجدل، بسبب ما نشر عن اعتزام مصلحة الضرائب المصرية فرض "ضريبة دخل" قيمتها 10 في المائة على بدل التدريب والتكنولوجيا المخصص لأعضاء نقابة الصحافيين المصريين، الأمر الذي دفع نقيب الصحافيين المصريين، ضياء رشوان، إلى إصدار بيان رسمي أكد فيه استمرار صرف البدل من دون خصم، معلناً اعتزامه إقامة دعوى عاجلة بالقضاء الإداري لحسم الخلاف المثار حول هذه المسألة.
الصحافيون أبدوا تخوفهم من استقطاع جزء من بدل التدريب والتكنولوجيا في صورة ضرائب، قبل حتى أن يصدر نقيب الصحافيين بيانه، الذي وعد فيه بأن يتحدث مجلس النقابة مباشرةً مع وزير المالية المصري، محمد معيط لحل هذه المشكلة. وقال ضياء رشوان في بيانه إنه "بالعودة إلى الكتاب الدوري الداخلي لمصلحة الضرائب المصرية بوزارة المالية رقم (18) لسنة 2010، يتبين أن هناك خلافاً حول خضوع البدل للضريبة من عدمه".
وفسر رشوان "على الرغم من انحياز الكتاب الدوري المشار لخضوع البدل للضريبة على المرتبات، إلا أن أحد عشر عاما مرت منذ صدوره، ولم يتحول خلالها هذا الكتاب لقرار من مصلحة الضرائب يبلغ لجهتي صرف البدل وهما نقابة الصحافيين والمؤسسات الصحافية القومية، فلم تتلق أي منهما أي مخاطبة بهذا الشأن طوال تلك الفترة. وتكرر انحياز مصلحة الضرائب المصرية لرأي إخضاع البدل للضريبة على المرتبات في مذكرة داخلية أخيرة بتاريخ 2021/5/6 مرفوعة للسيد رئيس المصلحة، وأيضا لم يصدر بناء عليها أي قرار تخاطب به الجهتان ذاتا الصفة المشار إليهما سابقا، أي نقابة الصحافيين والمؤسسات الصحافية القومية حتى اللحظة". وقال رشوان "حيث إن الخلاف حول خضوع البدل للضريبة من عدمه لا يزال قائما، فإن نقابة الصحافيين سوف تتبنى وتعلن رأيها استنادا إلى أحكام القضاء الإداري النهائية في شأن البدل وقانون الضريبة على الدخل، بأن البدل لا يخضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها؛ بناءً عليه تستمر النقابة في صرف البدل وفق نفس القواعد المطبقة عليه منذ بدء إقراره، والتي تعتبره غير خاضع للضريبة على المرتبات".
ودعت النقابة المؤسسات الصحافية القومية، إلى مواصلة كل منها تطبيق ما استقرت عليه من قواعد لصرف البدل خلال الفترات الماضية، وأن تنحاز لرأي النقابة بأنه غير خاضع للضريبة على المرتبات وما في حكمها. كما قرر نقيب الصحافيين المصريين، استنادًا للمادة رقم (52) من قانون النقابة التي تخوله تمثيل النقابة أمام الجهات القضائية والإدارية، رفع دعوى مستعجلة أمام القضاء الإداري للمطالبة بتطبيق صحيح لتفسير أحكام القضاء الإداري الباتة في شأن البدل ونصوص قانون الضريبة على الدخل، بعدم خضوع البدل للضريبة على المرتبات وما في حكمها.
يعتمد صحافيون على بدل التدريب والتكنولوجيا في ظلّ تدني مرتباتهم
يرى صحافيون أن أزمة فرض الضرائب على بدل التدريب والتكنولوجيا تمس قطاعا عريضا من الصحافيين المصريين، المعتمدين على البدل كمصدر أساسي لدخلهم، في ظل مرتبات متدنية وأوضاع اقتصادية صعبة للصحف ووسائل الإعلام.
وفي هذا السياق، يعتزم صحافيون ونقابيون سابقون وحاليون إصدار بيان لجمع التوقيعات عليه، لإعلان رفض المساس بالبدل، انطلاقًا من أنه لا يوجد أي سند قانوني لفرض ضريبة على هذا البدل الذي لا يعامل ضريبيًا معاملة الأجر، ولمطالبة مجلس النقابة بالدعوة لعقد اجتماع طارئ لأعضاء الجمعية العمومية، يخصص جدول أعماله لبحث مشكلة الأجور المتدنية، والأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للصحافيين وسبل حلها، وكذلك مواجهة محاولات النيل من بعض هذه الحقوق.
يعتزم صحافيون إصدار بيان يرفض المسّ بالبدل ودعوة نقابتهم إلى بحث مشكلة الأجور المتدنية
وفي هذا السياق، انخرط نقيب الصحافيين السابق، يحيى قلاش، في الأزمة، وقال إنه ما زال يتعجب ولا يعرف من الذي اخترع قضية فرض ضريبة على بدل الصحافيين المقرر لهم من أوائل الثمانينيات في هذا التوقيت. وكتب قلاش عبر حسابه الخاص على "فيسبوك"، منشورًا تساءل فيه "من وراء هذا الفيلم الهابط، خاصة والجميع يعلم أن هذا البدل لا يدخل في الوعاء الضريبي وأنه لا يعامل معاملة الدخل؟ ومن الذي استيقظ بعد أربعين عاما ونبش جراح الظروف الصعبة لأوضاع الصحافيين ليزيدها ألمًا بدلا من تضميدها؟ وهل قيادات المؤسسة التي تعنتت وخصمت الضريبة واستقطعت أموالًا و-مازالت- من جيوب الزملاء الخاوية بقرار منفرد منها هي التي وراء ما يحدث؟ وهل هؤلاء المتحمسون لجلب الضرر للصحافيين الآن قد ورّدوا من قبل مليمًا واحداً لمصلحة الضرائب".
يشار إلى أنه على مدار العقود الماضية شهد البدل عدة زيادات اقترنت بانتخابات النقابة، حيث تضاعف إلى 20 جنيها فى عهد النقيب الراحل إبراهيم نافع، ثم 100 جنيه في أوائل التسعينات في عهد مكرم محمد أحمد، وتوالت الزيادات حتى وصل إلى 290 جنيها عام 2003، ثم 330 جنيها، وعام 2007 وصل إلى 530 جنيها، ثم 610 ثم 760 وأخيرا 900 جنيه عام 2011. وارتفع إلى 1200 جنيه عام 2013، بعدها أصبح 1380 جنيهاً، ثم 1680 جنيهاً، ثم 2100، وفي مارس/آذار الماضي قرر مجلس الوزراء زيادته بقيمة 420 جنيهاً، ليصبح 2520 جنيها في يوليو/تموز 2021. (الدولار يساوي حوالى 15.6 جنيهاً مصرياً).