انطلق على منصة شاهد عرض مسلسل "الثمن"، المأخوذ عن العمل التركي "ويبقى الحب" (2006)، وهو رابع الأعمال العربية المقتبسة من الأعمال الدرامية التركية التي تقدمها MBC، عبر شاشتها الرئيسية ومنصة شاهد، بعد الانتهاء من عرض مسلسل "ستيليتو" (90 حلقة)، وعالحلوة والمرة (60 حلقة) وعروس بيروت (90 حلقة)، وسيتبع "الثمن" ثلاثة أعمال أخرى، هي: "حرب الورود"، و"الخائن"، و"في الداخل"، جميعها مقتبسة من مسلسلات تركية سيتم إخراجها وإعادة تصويرها بالمحكية العربية (السورية واللبنانية) لتقدم للجمهور العربي.
سيضم "الثمن" عدداً من النجوم السوريين واللبنانيين، باسل خياط، ورزان جمّال، ونيكولا معوض، وسارة أبي كنعان، ورفيق علي أحمد، وصباح الجزائري، فيما سيخرجه فكرت قاضي. يتخذ العمل إيقاع التشويق والرومانسية ضمن إطار الدراما الاجتماعية، ليروي معاناة سارة (رزان جمّال)، الشخصية الرئيسية في المسلسل، التي فقدت زوجها بحادث سيارة بعد أن ترك لها طفلاً لم تعترف به عائلة الزوج المصنفة بين العائلات الثرية، وسيصاب الطفل لاحقاً بمرض سرطان الدم، ليتعين على سارة بدء رحلة شاقة لجمع المال لعلاج ابنها وإنقاذ حياته.
مختصر القصة يشي بتقديم حكاية عادية ومألوفة في الدراما العربية أو التركية، لكن يبقى للعرض والانتقال بين أحداث المسلسل كلاما آخر، قد يفيد برفع أو خفض تقييم العمل.
ويبقى السؤال الأبرز: لماذا تلجأ MBC بإمكاناتها الضخمة لتعريب الأعمال التركية، وإعادة طرحها في السوق العربية، التي شهدت أخيراً زخماً بالكوادر، ولا سيما من حيث الكتاب ومقدمو الأفكار والنصوص، من دون التطرق لنوعيتها وجودتها حالياً؟
في الأعوام الأخيرة، حاولت MBC وعديد المنصات والشركات التي تدور في فلكها، تنظيم ورشات لاكتشاف المواهب في الكتابة تحديداً، وتطوير الكثير من النصوص المقدمة، ولا سيما من قبل المواهب الشابة، بعضها تم الاستفادة منها في أعمال وجدت الطريق إلى الشاشة والمنصات الرقمية، والكثير أهمل وبقي رهين الإفراج عنه من الدروج والخزائن.
وما يفهم عن مسعى MBC تعريب الأعمال التركية، هو وجود أزمة نصوص حادة تدفعها لهذا الخيار، طالما أن الكادر الفني والمخرجين والممثلين سيكونون عرباً، باستثناء النص والسيناريو، وهذا ما ينتقده الكثير من الكتاب بالقول إن التسرع في الإنتاج وتحقيق الغزارة هو ما يجعل الكثير من الشركات لا تهتم بتقديم نصوص من الواقع العربي المليء بالأفكار والطروحات الجديرة بالعرض.
وجود أزمة نصوص حادة تدفعها لخيار تعريب السيناريوهات الأجنبية
سابقاً، انتهت "شاهد" من عرض مسلسل "ستيليتو"، المأخوذ عن المسلسل التركي "جرائم صغيرة". حقق العمل مبدأ الإثارة والتشويق في قالب العرض الاجتماعي الرومانسي. وأحسنَ نجوم العمل، وفي مقدمتهم كاريس بشار وقيس الشيخ نجيب وديمة قندلفت وسامر المصري وندى أبو فرحات وريتا حرب وبديع ابو شقرا وغيرهم، تأدية أدوارهم في قصة العمل بكل كفاءة.
لكن الأسئلة دارت حول القصة ذاتها، والاقتباس من الأصل، فطالما القصة لم تكن خارجة عن المألوف، لم يكن هناك معنى للاقتباس والاجترار من الثقافات الأخرى، وهذا ما ركز عليه النقاد خلال عرض العمل.
كثير من الكتاب الذين سألتهم "العربي الجديد" عن فكرة استنساخ الأعمال وتعريبها، لم يعطوا رأياً خاصاً، لكنهم تحدثوا جميعاً عن استسهال جميع شركات الإنتاج وليس الشركات المتعاونة مع MBC. فبحسبهم، الجميع بات يبحث عن الأعمال التي تحقق أرباحاً فورية ورواجاً على الشاشات والمنصات، وجميعها تتناول الخيانة، وعلاقات الحب المعقدة، والبحث عن مفقود وغيرها من المواضيع التي وصفوها بالمطروقة والسطحية.
وأجمعوا كلهم، على أن الكاتب بات يعدّ للمئة قبل تقديم أي فكرة لشركة إنتاج أو منصة أو قناة، فتقديم فكرة جديدة قد يضعه في مكان المهمش نظراً لأن بحثها وإقرار تنفيذها من عدمه سيستغرق وقتاً، وفي حال رفضها سيضع على اسمه إشارة X، ما سيمنعه من تقديم أفكار لأعمال أخرى حتى وإن كانت أقل جودة وتعقيد. أحد الكتاب الذين تحدثنا معه قال: "نريد أن نعيش، هذه مهنتنا، وليس لنا مدخول غيرها، علينا تقديم ما يريدون (أي شركات الإنتاج والمنصات) أو سنبقى مع عائلاتنا بلا مال ومعيشة".