يشهد سوق ألعاب الفيديو نمواً كبيراً يجعل منه قوة صاعدة، خصوصاً في ثلاث دول عربية هي السعودية والإمارات ومصر، حيت يتركز اللاعبون والأرباح. وهي مساحة تتيح للعرب تقديم نفسهم بصورة مختلفة، كما تظهر فيها المرأة لاعباً قوياً.
ويستمر عدد اللاعبين في المنطقة العربية في الارتفاع، إذ أصبحت الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر ومنصات اللعب متاحة لعدد أكبر من السكان.
العالم العربي… مستهلك كبير لألعاب الفيديو
بلغ عدد اللاعبين في الإمارات والسعودية ومصر أكثر من 65 مليوناً في عام 2021، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى ما يقارب 86 مليوناً في عام 2025، بحسب أرقام "غوغل". بينما بلغت إيرادات الدول الثلاث 1.76 مليار دولار في عام 2021، مع توقعات بأن ترتفع إلى 3.14 مليارات دولار في عام 2025، وفق شركة ريسيرش إند ماركيتس.
وتنقل مجلة فاست كومباني عن المدير السابق لشركة Activision Blizzard، راين وارد، أن سوق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يضم لاعبين أكثر نشاطاً من الولايات المتحدة أو أوروبا الغربية. وبرأيه، فإن هذا الإقبال على ألعاب الفيديو في المنطقة سببه الشريحة الشابة الكبيرة، إلى جانب الدخل الإضافي الذي تؤمنه.
وتعتبر السعودية مركز الألعاب في الدول الناطقة باللغة العربية، وقد بلغت قيمة السوق عام 2021 في المملكة مليار دولار. وتجمع السعودية بين عدد السكان المرتفع وقوة إنفاق عالية تحقق أعلى الإيرادات، وفق "ريسيرش أند ماركيتس".
بينما من المتوقع أن تصل إيرادات الإمارات في قطاع ألعاب الفيديو إلى 288.10 مليون دولار عام 2022. وتعتبر الإمارات أيضاً سوقاً كبيراً ومتنوعاً، إذ تضم لاعبين عرباً لكنها تضم كذلك غالبية من المقيمين الأجانب.
أما في مصر، فبحسب الترجيحات، سيحقق قطاع ألعاب الفيديو 681.30 مليون دولار أميركي في عام 2022، على أن يرتفع الرقم ليصل إلى 815.50 مليون دولار بحلول 2027. ومن المتوقع أن يصل عدد اللاعبين إلى 44.8 مليوناً بحلول 2027. وتعتبر مصر سوق ألعاب ناشئاً ذا مجتمع ألعاب نشط وتنافسي، وهي أكبر سوق بين الدول الثلاث من حيث عدد اللاعبين.
ولا يكتفي العرب بممارسة الألعاب، بل يقضون وقتاً لا بأس به في مشاهدتها عبر مختلف منصات البث والفيديو.
وتُظهر بيانات "غوغل" أن المستخدمين في مصر والإمارات والسعودية شاهدوا مقاطع فيديو ألعاب "يوتيوب" في عام 2021 أكثر من أي عام آخر.
ألعاب الموبايل
تتميز السعودية والإمارات ومصر بجماهير الألعاب المحبة للموبايل. وتظهر الأبحاث أن أكثر من 65 في المائة من السكان في كل من هذه البلدان يحبون ممارسة ألعاب الموبايل، ويقضون أكثر من أربع ساعات على أجهزتهم المحمولة كل يوم.
ونسبة السكان الذين يمارسون ألعاب الموبايل هي 76 في المائة في السعودية، 69 في المائة في الإمارات، و68 في المائة في مصر.
وبحسب أرقام موقع ستاتيستا، فإن حجم سوق ألعاب الموبايل في 2022 بلغت قيمته 521 مليون دولار في مصر، و951.70 مليون دولار في السعودية، و164.30 مليون دولار في الإمارات.
صورة العربي في ألعاب الفيديو
مثل غيرها من الصناعات الترفيهية، غالباً ما ترتكب ألعاب الفيديو الخطأ المألوف المتمثل في تقديم صورة نمطية مشوهة عن العرب. ولطالما أظهرت الألعاب النساء العربيات راقصات والرجال مجرد عازفين على الناي لسحر ثعبان أو يركبون الجمال، والمدن والشوارع العربية بدائية وشبيهة بالصحراء.
من الأمثلة على ذلك، ألعاب مثل Arabian Fight وAladdin وسلسلة Metal Slug. على الرغم من أنها ألعاب كلاسيكية، إلا أنها تستعيد شعبيتها حالياً. أما الألعاب الأخرى، خصوصاً ألعاب التصويب والأسلحة، فتنطلق من عدسة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول التي تصور الشخصيات العربية حصرياً إرهابيين، ويجب قتلهم.
ومع ذلك، بدأت الأمور تتغير. نظراً لأن الأفلام والبرامج التلفزيونية باتت تتبنى نظرة أكثر عالمية، فإن ألعاب الفيديو كذلك تعيش هذا التغيير، مع ظهور تمثيل أفضل للعرب في الألعاب الرئيسية، بحسب "بي بي سي".
وبدأ التمثيل العربي الأكثر واقعية في الظهور في ألعاب الفيديو الشعبية. مثلاً الطائر بن عمر بن لا أحد، الشخصية الرئيسية لسلسلة Assassin's Creed، أصبح بطلاً عربياً. وظهرت صور إيجابية أخرى للشخصيات العربية مثل فريدة مالك من سلسلة Deus Ex، وهي طيّارة ماهرة وأول بطلة عربية معروفة في اللعبة.
وقدمت سلسلة Street Fighter شخصية راشد باعتباره "شخصاً هادئاً ومريحاً، وهو الابن الأكبر لعائلة ثرية من الشرق الأوسط"، بينما قدمت لعبة الفيديو Tekken زافينا، وهي مقاتلة بارعة.
المرأة العربية في ألعاب الفيديو
لا يزال الرجال يهيمنون على الألعاب، لكن الكفة تتغير لصالح المرأة. تقول "غوغل" إن النساء مثّلن أكثر من ثلث اللاعبين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العام الماضي، مع حوالي 40 في المائة من هذه المجموعة فوق سن الـ35.4.
وتزيد صانعات الألعاب من المنافسة على "يوتيوب". فجمعت اللاعبة من السعودية، مشاعل، أكثر من 400 ألف مشترك منذ انضمامها إلى المنصة في عام 2019. وهي تلعب مجموعة متنوعة من الألعاب، بينها "ماينكرافت" و"فورتنايت" و"كول أوف ديوتي".
وتبقى Valkyrae أشهر اللاعبات التي نقلت مكانة المرأة في عالم الألعاب إلى مستوى جديد. ووقّعت اللاعبة الأميركية عقد بث حصري على "يوتيوب"، وقفزت قاعدة المشتركين لديها إلى 3.6 ملايين مشترك. وتظهر الأبحاث أن 59 في المائة من النساء يستخدمن هوية غير جنسانية أو هوية ذكورية عند ممارسة الألعاب عبر الإنترنت لتجنب التمييز الجندري.
وأسوة بالرجال، تفضل النساء في العالم العربي ألعاب الموبايل، في الإمارات مثلاً تلعب 44 في المائة من النساء عبر الموبايل.
مستقبل واعد لألعاب الفيديو في العالم العربي
من المتوقع أن يرتفع عدد اللاعبين من السعودية والإمارات ومصر إلى 85.76 مليوناً بحلول 2025. ومع توقع زيادة حجم سوق الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى أكثر من 5 مليارات دولار بحلول عام 2025، أصبحت المساحة التنافسية كبيرة.
يقول مؤسس شركة eSports Middle East، سعيد شرف، لـ"فاست كومباني": "مع تزايد عدد اللاعبين والفرق في المنطقة، يتجه المستثمرون إلى هذا القطاع". ويوضح أن "الشركات بدأت في الظهور من أجل استغلال الفرص المتاحة داخل الرياضات الإلكترونية، من أكاديميات التدريب والرياضات الإلكترونية إلى فعاليات ومهرجانات الرياضات الإلكترونية".
من جهته، يقول المسؤول في شركة الألعاب The 4 Winds Entertainment، نزيه فارس، لـ"فاست كومباني" أيضاً، إن "سوق الألعاب هنا قوة لا يستهان بها، وغنائم المعركة تذهب إلى المستخدمين الأوائل".
ويوضح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة MAGNiTT، فيليب بحوشي، أنه "حتى الآن، في عام 2022، جمعت شركات الألعاب الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 16 مليون دولار من سبع صفقات، أي أعلى من 15 مليون دولار في عام 2021 بأكمله".
وهذا بدوره سيشجع ويسهل على أعداد متزايدة من المتخصصين الموهوبين في الصناعة للانتقال إلى العالم العربي. ما يعني أن المحترفين سوف يحضرون معهم ثروة من المعرفة ويلعبون دوراً حيوياً في المساعدة في بناء وتطوير صناعة ألعاب الفيديو في العالم العربي.