استمع إلى الملخص
- الإعلام المصري، عبر شخصيات مثل أحمد موسى، اتهم السنوار وحماس بالعنف في سيناء، مما أثار انتقادات من مؤيدي المقاومة الذين يرونها دعاية رسمية ضد حماس، بينما تجنبت وزارة الأوقاف الحديث عن المقاومة.
- يرى محللون أن صمت مصر يعكس خوفاً من ردود أفعال دولية أو انسجاماً مع الموقف العربي، معبرين عن أسفهم لعدم اتخاذ موقف قوي ضد الإجرام الصهيوني.
بينما كان المصريون ينعون رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، أطلّ المذيع أحمد موسى لتكرار ادعاءات حول مسؤولية الحركة، والسنوار نفسه، عن مجموعة من الأحداث الأمنية التي شهدتها سيناء، وسقط فيها ضباط وجنود في الجيش المصري بين عامي 2011 و2019.
كلام موسى، المقرّب من الأجهزة الأمنية المصرية، جاء رداً على بيان للأزهر نعى فيه "شهداء المقاومة الفلسطينية (الذين) لم يكونوا إرهابيين كما يحاول العدو تصويرهم كذباً وخداعاً، بل كانوا مرابطين مقاومين متشبثين بتراب وطنهم، حتى رزقهم الله الشهادة وهم يردون كيد العدو وعدوانه".
كما نشرت صحيفة الأزهر الرسمية غلافاً بصورة السنوار الأخيرة وهو يلقي عصاه على الطائرة المسيّرة، من دون أن تسميه صراحة. الغلاف أثار غضب مؤيدي المقاومة ومناهضيها، إذ انتقدها البعض لعدم تسمية السنوار صراحة، بينما انتقدها الإعلام الرسمي لأنها اعتبرت قادة المقاومة شهداء.
شهدت مصر تبايناً واضحاً بين موقف بعض المؤسسات والنقابات (الأزهر ونقابتا الصحافيين والمحامين) والموقف الحكومي الرسمي. طرح هذا التناقض تساؤلات حول طبيعة التحولات التي تشهدها الساحة المصرية في التعامل مع رموز المقاومة الفلسطينية، ودلالات هذا الانقسام الواضح بين السلطة ومؤسسات المجتمع.
إلى جانب موقف الأزهر سبق أن نعت نقابة المحامين السنوار وتقدمت بالعزاء للشعب الفلسطيني، معتبرةً أن "المقاومة هي الشرف"، وهو ما فعلته كذلك نقابة الصحافيين في نعيها السنوار، داعية إلى "قطع العلاقات مع العدو".
رغم أن هذه الخطوات تشكل نوعاً من التضامن المعنوي، فإنها بقيت محدودة. في المقابل، غاب عن الساحة الرسمية أي نعي أو موقف حكومي، فالبيانات الرسمية، سواء من وزارة الخارجية أو المؤسسات الحكومية الأخرى، التزمت الصمت، وهو ما يعكس نهجاً متحفظاً في التعامل مع ملف المقاومة الفلسطينية ورموزها.
خلافاً للأزهر، اختارت وزارة الأوقاف، المسؤولة عن صياغة وتوجيه خطب الجمعة، الابتعاد عن الحديث عن السنوار أو حتى قضية المقاومة الفلسطينية ككل، مفضلةً أن تكون الخطبة حول تحريم الخمر. وخالف خطباء بعض المساجد في المناطق النائية الخط المرسوم، وأقاموا صلاة الجنازة على روح السنوار، رغم تعليمات وزارة الأوقاف المشددة بمنع الصلاة عليه أو حتى ذكره في الخطبة.
يرى الناشط السياسي المصري هشام قاسم، أن عدم صدور أي بيان إدانة لقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، أمر طبيعي وينسجم مع موقف القاهرة الذي يتبع نهجاً معيناً ولا يؤيد مواقف "حماس"، بل يعتبرها في المجمل خصماً له، تماماً كما ينظر إلى أي معارض سياسي في نفس الإطار، رغم أن العديد منهم يعملون وفق إطار الدولة.
يتابع لـ "العربي الجديد": "لو صدر بيان نعي للسنوار أو إدانة لاغتياله، لكان هذا أمراً غير عادي، فالموقف لم يختلف عن حالة الصمت التي تعاملت بها الدولة مع جميع الحالات المشابهة التي شهدناها خلال الفترة الماضية، حيث التزمت أجهزة الدولة الصمت". ونبّه قاسم إلى أن من حمّل السنوار مسؤولية أعمال العنف في سيناء هو جزء من آلة الدعاية، ويعمل وفق توجهات رسمية لا تبدي ارتياحاً لنهج السنوار أو لحركة حماس، ولا تبدي تعاطفاً معها.
من جهته يلفت المؤرخ السياسي الفلسطيني، عبد القادر ياسين، إلى أن عدم إصدار مصر بياناً يدين قتل السنوار، موقف يصعب تفسيره ويفتح الباب لاجتهادات مختلفة، فإما أن هذا الموقف يأتي خوفاً من ردود أفعال أميركية وصهيونية، أو أنه انسجام مع الموقف العربي العاجز عن اتخاذ أي موقف يدين جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين أو اللبنانيين، إن لم يكن قادراً على ردعها.
وأشار ياسين إلى أن هذا الموقف يتسق مع حالة الصمت المصرية تجاه جميع الشهداء، بدءاً من صالح العاروري وفؤاد شكر وإسماعيل هنية وصولاً إلى حسن نصر الله، ممن اغتالتهم يد الغدر الصهيونية.
وأبدى المتحدث أسفه الشديد لعدم تبني القاهرة موقفاً يدين هذا الإجرام الصهيوني، مشيراً إلى أنها تملك أوراقاً عديدة لردع هذا الإجرام، ولكن لا أحد يدري سبب عدم توظيفها لوقف هذه المجازر.
ورفض ياسين بشدة نغمة الإعلام المصري التي تحمّل السنوار مسؤولية العنف والإرهاب في سيناء، معتبراً أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي هما حركتان مقاومتان للكيان الصهيوني ولا تقاتلان غيره، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن الإرهاب في سيناء صناعة إسرائيلية بامتياز، واصفاً توجيه هذا الاتهام للسنوار بأنه خلط مفضوح للأوراق.