استمع إلى الملخص
- تعرض منزل مديرة متحف بروكلين وأعضاء مجلس الإدارة لاعتداءات بطلاء أحمر وكتابات معادية للسامية، مما أثار ردود فعل قوية من حاكمة نيويورك وعمدة المدينة.
- احتلت مجموعة داعمة لفلسطين مؤسسة الفنون المعاصرة بجامعة غولد سميث في بريطانيا، مما أدى إلى إغلاقها وإثارة سجال إعلامي حول اتهامات التخريب والعنف.
ما أن تتعالى وتيرة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين حتى ترتفع في المقابل حدة الانتقادات الموجهة لها، ووصف المشاركين فيها بممارسة العنف والتحريض ضد اليهود أو معاداة السامية. التهمة الأخيرة جاهزة دائماً لكل من يوجّه نقداً لإسرائيل أو سياستها، حتى لو كان يهودياً. وسط هذه التجاذبات، غالباً ما يُسلّط الضوء على حوادث بعينها في مقابل تهميش أحداث أخرى، وهي سياسة مُتبعة في وسائل الإعلام والصحف الغربية منذ بداية العدوان على قطاع غزة.
من بين الحوادث الأخيرة التي عُوملت بهذه الطريقة، هناك حادثان مهمان كان لهما نصيب في السجال المحتدم بين داعمي فلسطين والمعارضين للاحتجاجات. الحادث الأول هو الاعتداء على منزل آن باسترناك، مديرة متحف بروكلين، وعدد من أعضاء مجلس إدارة المتحف. أما الحادث الآخر، فهو إغلاق مؤسسة الفنون المعاصرة التابعة لجامعة غولد سميث في لندن بعدما احتلّها المحتجون.
في منتصف الشهر الماضي، تعرض منزل آن باسترناك إلى هجوم شنّه مجهولون. الخبر الذي تم تداوله على نطاق واسع في وسائل الإعلام يقول: اعتُدي على منزل مديرة المتحف ليلاً باستخدام الطلاء الأحمر وكتابات وُصفت بالمعادية للسامية. في الصور المتداولة، تظهر عبارات مكتوبة على واجهة المنزل. لم يقتصر الاعتداء على مديرة المتحف وحدها، ففي اليوم التالي لوقوع هذا الاعتداء تكرر الأمر بالطريقة نفسها على عدد من بيوت أعضاء مجلس إدارة المتحف، في عملية يبدو أنها منسقة. وصرّحت مصادر في شرطة نيويورك بأنه يجري البحث عن نحو 15 شخصاً، وأن مجموعة المعتدين شوهدت آخر مرة في شاحنة بيضاء مستأجرة.
تظهر الصور واجهات المنازل ملطخةً باللون الأحمر، في محاكاة للون الدم، إلى جانب العديد من العبارات والكلمات. كثير من العبارات التي وجدت مكتوبة على واجهات هذه المنازل يرفعها المحتجون الداعمون لفلسطين في مسيراتهم. على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على هذه الاعتداءات، إلا أن الشرطة الأميركية لم تتوصل حتى اللحظة إلى الجناة، مثل العشرات من الحوادث المُشابهة. هذا الاعتداء كان خبراً رئيسياً في كافة القنوات التلفزيونية الأميركية، ولم تخل صحيفة أو موقع إخباري من الإشارة إليه أو التعرض له بالتحليل والمتابعة وربطه بحوادث أخرى مشابهة.
على صفحتها على موقع إكس، وصفت حاكمة ولاية نيويورك كاثي هوتشوك هذا الاعتداء بأنه "عمل مقيت معاد للسامية ولا مكان له في نيويورك أو في أي مكان آخر." أضافت هوتشوك: "نحن نقف مع الجالية اليهودية في مواجهة الكراهية وسنواصل محاربة معاداة السامية أينما أطلت برأسها القبيح".
وبالمثل، أدان عمدة مدينة نيويورك إريك آدامز أعمال التخريب في منشور له على المنصة نفسها. كتب آدامز: "هذا ليس احتجاجاً سلمياً أو حرية تعبير، بل هو جريمة، ومعاداة صريحة للسامية". تجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يصدر عن حاكمة نيويورك أو عمدتها أي تصريح من قبل يدعو حتى إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة. لكن يبدو أن الطلاء الأحمر الذي تركه معتد مجهول على منزل آن باسترناك أغضبهم بشدة.
لم تنته بيانات الإدانة والشجب عند حدود عمدة نيويورك وحاكمتها، إذ لم تفوت إدارة متحف بروكلين من جانبها الفرصة. وصف بيان المتحث باسم المتحف هذه الاعتداءات بـ"الفظيعة"، واستطرد البيان بأن "المتحف يعمل دائماً على تعزيز التفاهم المتبادل من خلال الفن والثقافة، ودعم الاحتجاج السلمي والحوار المفتوح والمحترم، وليس العنف والتخريب".
يذكر أن الهجمات التي تعرض لها منزل باسترناك وعدد من أعضاء مجلس الإدارة في المتحف، جاءت بعد أقل من أسبوعين من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في متحف بروكلين، وهي المُظاهرة التي قوبلت بعنف مارسته شرطة نيويورك، وأسفر عن اعتقال أكثر من 30 شخصاً.
لا يختلف الأمر كثيراً في ما يتعلق بمؤسسة الفنون المعاصرة التابعة لجامعة غولد سميث البريطانية، وهي مؤسسة تتمتع بسمعة طيبة في مشهد الفنون المُعاصرة. بعد اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي رفح لم تجد المجموعة الداعمة لفلسطين في جامعة غولد سميث وسيلة للضغط من أجل قطع علاقات الجامعة مع إسرائيل سوى احتلال مؤسسة الفنون المعاصرة في الجامعة.
أعلنت المجموعة حينها عن اعتصام مفتوح في حرم مؤسسة الفنون المُعاصرة، ولخصت مطالبها في قطع علاقات الجامعة بعدد من الشخصيات والمؤسسات المرتبطة بإسرائيل. بعد نحو أسبوعين من هذا الاعتصام، أعلنت الجامعة إغلاق مؤسسة الفنون التابعة لها إلى أجل غير مسمى. وفي بيان لاحق، أعلنت أن هذا الإغلاق سيستمر حتى أكتوبر/ تشرين الأول المقبل.
كان هذا الإغلاق موضوعاً لسجال مُحتدم في وسائل الإعلام البريطانية خلال الفترة الماضية، إذ وُجهت الاتهامات الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين والمشاركين فيها بالتخريب والعنف وتعطيل المؤسسات، منذ اللحظة الأولى للاعتراض على الإبادة الجماعية. وقد أصبح من المعتاد عقب المسيرات الداعمة لفلسطين أن تُسلط الصحافة الضوء على أي تجاوز، حتى لو كان هذا التجاوز مجرد كتابات وعلامات طلاء على الجدران. أما إذا تعرضت هذه المسيرات الاحتجاجية لأشخاص يهود أو ممتلكات لهم، فالأمر يختلف حينها، إذ يُستدعى على الفور إرث المظلومية المتراكم، من دون الإشارة غالباً إلى ما يرتكبه الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة من جرائم.