اختتم مهرجان الفحيص، الذي يرفع شعاره السنوي "الأردن تاريخ وحضارة"، برنامج دورته الـ31، بعد خمسة أيام من الفعاليات الفنية والثقافية والفلكلورية، ميزها الحضور الجماهيري للفعاليات التي أقيمت في محيط المدينة (على بعد 16 كم شمال العاصمة عمّان).
وجرى تقليص مدة المهرجان هذا العام لقلة الدعم المادي وصغر سعة المسرح الرئيسي للفعاليات الجماهيرية، بسبب التعديلات الحاصلة على مسرح المهرجان في ساحة مدرسة دير الروم الأرثوذكس، إذ يستوعب بوضعه الحالي 2500 شخص فقط، إلا أن الفعاليات حظيت بحضور جماهيري ومتابعة إعلامية.
ورد المدير التنفيذي للمهرجان أيمن سماوي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، نجاح الفعاليات جماهيرياً إلى ثقة الجمهور بما يقدمه المهرجان من "برنامج يراعي أذواق جمهوره من العائلات الأردنية". حيث يعرف عنه تقديمه برنامجاً نوعياً يستهدف فيه عناصر التراث والفلكلور والمكان.
وقال: "كنا حريصين على عدم انقطاع إقامة المهرجان، على الرغم من التحديات التي واجهتنا، ونجاحنا هذا العام يمنحنا مساحة للتفكير في حلول مختلفة لإقامة الدورة المقبلة صيف العام 2024، تعالج مسألة سعة المسرح، منها تشييد مسرح جديد بسعة 7 آلاف شخص على أطراف المدينة، في حال حصلنا على الدعم الكافي، خاصة أن مهرجاننا ليس ربحياً وغير تابع لأي جهة حكومية، ويتولى نادي شباب الفحيص الرياضي الاجتماعي تنظيمه سنوياً، ويتلقى ميزانية المهرجان من بعض الرعاة والداعمين".
وعلى مدى خمسة أيام، قدم المهرجان، بشقيه الثقافي والفني، برنامجاً متوازناً، فاحتفى باسم رئيس الوزراء الأردني السابق الراحل عبد السلام المجالي، وأقام ندوة تكريمية له باعتباره "شخصية المهرجان"، كما كرم في "ليلة الرواد" دكتور الفلسفة أحمد ماضي، والمفكر والباحث هُمام غصيب.
وشهد ركن الطفل ومعرض المنتوجات والمأكولات الشعبية والحرف اليدوية إقبالاً من العائلات، التي تفاعلت مع ورشة "فن الماندالا" (فن البهجة) المتعلق بالحياة والطاقة الإيجابية، وزارت العائلات معرض ذوي الاحتياجات الخاصة من الأطفال المصابين بالتوحد، لعرض إبداعاتهم في مجالات الرسم والموسيقى والمشغولات اليدوية.
وجماهيرياً، بدا لافتاً اقتصار مشاركة نجوم الحفلات الغنائية على أربعة مغنين لبنانيين، ثلاثة منهم يشاركون للمرة الأولى، وهم: وائل جسار وجوزيف عطية وهادي خليل، فيما شارك وليد توفيق للمرة الثانية بعد مشاركته الأولى عام 2018. وهو الأمر الذي ردته إدارة المهرجان إلى مغالاة بعض المغنيين العرب في أجورهم.
وكان لافتاً غناء الفنان وليد توفيق في المهرجان بعد يوم من وفاة ابن شقيقه في مدينة طرابلس اللبنانية، وفسر وليد الأمر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، بضرورة الإيفاء بالتزاماته الفنية تجاه المهرجان وجمهوره، وتجاه فرقته الموسيقية التي تعتبر مثل هذه الحفلات مصدر رزقها الوحيد، فضلاً عن صعوبة تأمين إدارة المهرجان فناناً بديلاً قبل يوم من موعد الحفل.
وقال: "قرار إلغاء الحفل كان سيعود بالضرر علينا جميعاً، فقررت التحامل على آلامي والغناء لإسعاد جمهوري، وبث الفرح للجمهور الذي أحبني وأراد حضوري، وهذا ما كان".
وعلى هامش مشاركته في مهرجان الفحيص، كشف الفنان اللبناني جوزيف عطية عن تحضيره أغنية جديدة باللهجة الأردنية البيضاء بعنوان "ارحمني"، يتعاون فيها مع الشاعر الغنائي الأردني ضياء عشا والملحن عمر الخير، بعد نجاح تجربته السابقة بالغناء باللهجة الأردنية مع الشاعر الغنائي الأردني إيهاب غيث والملحن محمد شعث في أغنية "إلا الجفا".
وحول الفرق بين حضور الفنان في المهرجانات الكبرى والحفلات التي تقام في أماكن السهر، اعتبر جوزيف، في حديثه مع "العربي الجديد"، أن الجمهور هو الأساس، وهو يتعاطى مع محبة الجمهور باختلاف المكان الذي سيغني فيه، وقال: "بلا شك، التحضير للغناء في المهرجانات يحتاج استعدادا مختلفا، فأنا غنيت سابقاً في مهرجان جرش، واليوم أغني في مهرجان الفحيص، بالتأكيد كل فنان سيكون له الشرف بالغناء في المهرجانات الكبيرة والعريقة، والاستعداد أكبر من ناحية عدد أعضاء الفرقة، خاصة أن اللقاء بجمهور المهرجانات يكون سنوياً، وفي كلا الحالتين، أنا أقدم كل جهدي وإحساسي بحب لمن يحضرني".
ورفض جوزيف الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في أعماله، معتبراً أن فكرة تقديم عمل مصنوع من الألف إلى الياء من خلال التقنية الرقمية يفقد الفنان إحساسه بالكلمة واللحن والموسيقى، وقال: "لن أنجر إلى تقديم أعمال فنية بلا روح، والأفكار المشغولة بالذكاء الاصطناعي التي استمعت إليها مؤخراً تفتقر إلى الصدق في الكلام واللحن، كما أن هناك تشويها واضحا لصوت الفنان، وأجد أن هذه الموضة ستختفي ولن تستمر".
وشارك في إحياء سهرات المهرجان الفنية أيضاً الفنانون الأردنيون: جهاد سركيس، وسعد أبو تاية، وسائد حتر، وهيثم إلياس، وغادة عباسي، ومحمود سلطان، ورامي شفيق، وحسام ووسام اللوزي، كما عرضت المسرحية الكوميدية "هونها بتهون" للفنان حسين طبيشات.