استمع إلى الملخص
- أعربت منتجة الفيلم عن خيبة أملها، مشيرة إلى أن الفيلم لا يزال لديه فرصة للتأهل لجائزة أفضل فيلم وثائقي في الأوسكار مع عروض قادمة في مهرجانات دولية.
- يروي الفيلم قصة صمود الأطفال في مناطق النزاع، وحاز على دعم دولي وجوائز، مما يعزز دوره كأداة ثقافية ودبلوماسية.
في خطوة مفاجئة أعلنت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام إلغاء اختيار فيلم "حلوة يا أرضي" لتمثيل الأردن في الدورة 97 من جوائز الأوسكار لعام 2025 عن فئة أفضل فيلم دولي.
وجاء هذا القرار بعد ضغوط دبلوماسية من أذربيجان التي اعتبرت أن الفيلم الذي يصوّر حياة طفل أرمني في منطقة ناغورنو كاراباخ، يُظهر "تحيّزاً" إلى صالح الأرمن في الصراع الطويل بين أذربيجان وأرمينيا. وأكدت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في بيانها أن سحب الترشيح جاء استجابة للضغوط الدبلوماسية، لكنها شددت على التزامها المستمر بدعم السينما الأردنية وعرض الأفلام في المهرجانات الدولية. وذكرت الهيئة أن "حلوة يا أرضي" تلقى منحة تطوير من صندوق الأردن للأفلام في عام 2021، وحقق نجاحاً بارزاً في مهرجان عمّان السينمائي الدولي، حيث فاز بجائزتي لجنة التحكيم والجمهور.
خيبة أمل لمنتجي الفيلم
في حديث مع "العربي الجديد"، أعربت منتجة الفيلم عزة حوراني عن خيبة أملها قائلة: "لقد كانت فرحتنا قصيرة. بعد عرضه العالمي في مهرجان شفيلد للأفلام الوثائقية واحتفاله بالجوائز التي حققها في مهرجان عمّان السينمائي، تم اختيار حلوة يا أرضي لتمثيل الأردن في الأوسكار، لكن لم يمض وقت طويل حتى تعرضنا لضغوط دبلوماسية أدت إلى سحب الفيلم."
وأضافت: "من المحزن أن يتم إسكات قصة عاطفية وإنسانية عن حب طفل لوطنه وعائلته، لكن هذا الحاجز لن يوقفنا. نحن ممتنون للأكاديمية التي أتاحت للفيلم فرصة الترشح عن فئة أفضل فيلم وثائقي، وسنواصل السعي لإيصال هذه القصة إلى العالم لأن كل طفل يستحق أن يحلم بسلام".
"حلوة يا أرضي": قصة مؤثرة عن الصمود
فيلم "حلوة يا أرضي" من إخراج سارين هيرابديان، ويُعد أول عمل طويل لها، بعد فيلمها الوثائقي القصير السابق "لم ننتهِ بعد الذي حصل" على تقدير دولي. يقدم الفيلم قصة مؤثرة عن رحلة الطفل فريج، البالغ من العمر 11 عاماً، والذي يحلم بأن يصبح طبيب أسنان في قريته في إقليم آرتساخ، حيث يعيش وسط النزاعات المستمرة. تتابع كاميرا هيرابديان حياة فريج وأسرته وهم يواجهون الواقع المدمر للصراعات، وتكشف عن صمود الأطفال في مواجهة الحرب.
وعرض "حلوة يا أرضي" للمرة الأولى في مهرجان شفيلد للأفلام الوثائقية في المملكة المتحدة، وحاز دعم مؤسسات دولية بارزة مثل "آرتي" والصندوق العربي للثقافة والفنون (آفاق)، كما حصل على ثلاث جوائز خلال عرضه في مهرجان عمّان السينمائي الدولي، ومنها جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين (FIPRESCI) لأفضل فيلم وثائقي عربي.
وقدم الفيلم من خلال قصة فريج منظوراً عميقاً لواقع الأطفال في مناطق النزاع، ونجح في توثيق الصدمة المتوارثة بين الأجيال، حيث يرسم رحلة طفل في مسيرة نموه وسط حياة مليئة بمخاوف الحرب. يسأل فريج في نهاية الفيلم: "هل سيكون لهذا الفيلم نهاية سعيدة أم مأساوية يموت فيها البطل؟"، في تعبير مؤلم عن مستقبل أطفال يعيشون بين تهديدات النزاع.
ورحبت وزارة الخارجية الأذربيجانية في بيان بقرار الأردن، مؤكداً أن سحب الفيلم يُعد "خطوة إيجابية للحفاظ على الروابط الدبلوماسية والتعاون المستمر" بين الدولتين. وأضاف البيان أن أذربيجان تقدر هذا الموقف، وترى فيه دليلاً على "تفهم الأردن للحساسيات المرتبطة بالصراع في كاراباخ وتأثيره على الاستقرار في المنطقة".
مستقبل الفيلم في جوائز الأوسكار
ورغم سحب الفيلم من فئة الأفلام الدولية، لا تزال الفرصة متاحة أمام "حلوة يا أرضي" للتأهل إلى المنافسة على جائزة أفضل فيلم وثائقي، بشرط استيفاء متطلبات التأهيل اللازمة. ومن المقرر عرض الفيلم لأول مرة في أميركا الشمالية ضمن مهرجان DOC NYC في نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، مع عرض مؤهل في لوس أنجليس يبدأ في 29 من الشهر نفسه، مما يعزز فرصته في مواصلة مسيرته نحو الأوسكار.
وستعلن أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة القائمة الطويلة للأفلام المؤهلة إلى الأوسكار في 17 ديسمبر/ كانون الأول المقبل، في حين سيتم الكشف عن الأفلام النهائية المرشحة في 17 يناير/ كانون الثاني المقبل، على أن يُقام حفل توزيع الجوائز في 3 مارس/ آذار 2025.
وقدمت الأردن سابقاً تسعة أفلام للمنافسة على جائزة الأوسكار في فئة أفضل فيلم دولي، وكان "فيلم حلوة يا أرضي" آخر هذه المحاولات قبل سحبه. تعكس هذه المشاركة المستمرة جهود الأردن الدؤوبة في تعزيز صناعة الأفلام الوطنية على الساحة العالمية، وتقديم قصص تحمل رسائل إنسانية وثقافية قوية، تتجاوز الحدود وتضيء على تعقيدات المنطقة.
وفي ظل الحساسيات الجيوسياسية، يبرز "حلوة يا أرضي" الدور المعقد للسينما أداةً ثقافيةً ودبلوماسية، وليذكرنا بقوة القصص في ردم الفجوات وتعزيز التعاطف، وكسر الحواجز وتوسيع حدود الفهم والتواصل بين الثقافات.