أظهرت دراسة جديدة، أنّ صغار التيروصورات، تمتعت بالقدرة على الطيران في خلال دقائق بعد فقسها مباشرة، لكنّ قدراتها على الطيران قد تكون مختلفة عن التيروصورات البالغة. التيروصورات هي الزواحف الطائرة، المرتبطة بالديناصورات، التي عاشت إلى جانبها، وتشمل أكبر حيوان طائر معروف على الإطلاق.
وعلى مدار 150 مليون سنة، كانت التيروصورات أولى الزواحف التي تمكنت من تطوير قدرات ناجحة على الطيران، قبل الطيور والخفافيش. مع ذلك، فإنّ التفاصيل الأساسية لأصلها التطوري، وكيف اكتسبت قدرتها على الطيران، ظلت لغزاً يحاول علماء الحفريات الفقارية حله منذ 200 عام.
عاشت هذه الكائنات خلال عصور الترياسي والجوراسي والطباشيري (من 228 إلى 66 مليون سنة). ونظراً إلى ندرة بيض وأجنة التيروصورات المتحجرة، وصعوبة التمييز بين صغار التيروصورات، والبالغة منها، لم يتضح ما إذا كانت التيروصورات حديثة الفقس قادرة على الطيران.
في الدراسة التي نشرت يوم 22 يوليو/ تموز الحالي، في دورية "نايتشر - ساينتفك ريبورتس" أفاد باحثون من جامعتي "بورتسموث" و"بريستول" البريطانيتين، أنّ تحليلاً جديداً لعظام الأجنحة المتحجرة في التيروصورات الجنينية والحديثة الفقس والبالغة، يشير إلى أن عظام صغار التيروصور كانت قوية ورشيقة منذ البداية وقت الفقس، وأقوى من عظام العديد من التيروصورات البالغة، ما يعني أنّها كانت قوية بما يكفي للطيران.
كانت التيروصورات أولى الزواحف التي تمكنت من تطوير قدرات ناجحة على الطيران، قبل الطيور والخفافيش
تضم التيروصورات أكبر حيوان طائر معروف على الإطلاق، واسمه "كويتزالكوتلس" كما تميّز بإبهامه الذي مكّنه من تسلق الأشجار.
لا يعرف العلماء إلّا القليل نسبياً عن التاريخ المبكر لحياة التيروصورات، بما في ذلك ما إذا كانت صغارها يمكن أن تستخدم أجنحتها في الطيران، أو في الحركة على الأرض فقط، ما قد يعني أنّها بقيت تحت رعاية الأبوين، حتى أصبحت جاهزة للطيران.
لكنّ النتائج الجديدة التي تعرضها الدراسة الحالية، تشير بوضوح إلى أنّ صغار التيروصورات تمتعت بالاستقلال المبكر، أو "النضج المبكر" عن غيرها من الزواحف.
من أمثلة الأدلة على ذلك، العثور على أغشية طيران على أجنحة التيروصور الجنيني، واكتشاف حدث صغير من فصيلة التيرانودون، كان قادراً على الطيران لمسافات طويلة قبل وصوله إلى حجم البلوغ بوقت طويل.
وقال المؤلف المشارك في الدراسة، مارك ويتون، من جامعة "بورتسموث" إنّه على الرغم من معرفتنا عن التيروصورات لأكثر من قرنين من الزمان، لم تتوافر لدينا سوى أحافير لأجنة وفراخها. وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد" إنّه وفريقه ليسوا أول من يقول بهذه الفرضية الخاصة بقدرة صغار التيروصورات على الطيران.
ووفق ويتون، ما زال الفريق يحاول فهم المراحل المبكرة من حياة هذه الحيوانات. وفي رحلة البحث هذه، وجدوا أنّ هذه الكائنات الصغيرة التي يبلغ طول جناحيها 25 سم، كانت قوية جداً وقادرة على الطيران، وكانت عظامها قوية بما يكفي لتحمّل الرفرفة والإقلاع، إذ تشكّلت أجنحتها بشكل مثالي لتزويدها بالطاقة.
عظام العضد الصغيرة كانت أقوى بشكل مدهش من ذات العظمة لدى البالغة
قارن الباحثون قياسات الأجنة المتحجرة للصغار والبالغة في نوعين من التيروصورات، ثم حلّلوا الأجنحة وقوة عظام الأجنحة وما يمكن أن تحمله. على وجه الخصوص، ركزوا على عظمة واحدة من عظام الجناح، هي عظمة العضد. عُثِر على هذا العظم في الأطراف التي تستخدمها التيروصورات للانطلاق، وتقدم معلومات أساسية عما إذا كان التيروصور قادراً على الصعود من الأرض.
وجد الفريق أنّ عظام العضد الصغيرة كانت أقوى بشكل مدهش من ذات العظمة لدى البالغة. كانت للفراخ أيضاً أجنحة أقصر وأوسع من البالغة، ما يشير إلى أنها، ربما، كانت قادرة على تغيير الاتجاه والسرعة برشاقة، إن لم تكن قادرة أيضاً على الطيران لمسافات طويلة.
يقترح الفريق أنّ قدرة الطيران هذه ربما ساعدت الصغار، ليس فقط في الهرب من الحيوانات المفترسة، لكن أيضاً في مطاردة الفريسة الصعبة، مثل الحشرات... كلّ ذلك في أثناء التنقل في نباتات كثيفة. وربما كانت التيروصورات البالغة الأقل قدرة على المناورة بسبب حجمها، قد اتجهت بعد ذلك إلى موائل مفتوحة أكثر، ما يعني أنّ أنواع التيروصورات عاشت في موائل طبيعية مختلفة عن بعضها.