أقرّت السلطات الجزائرية بأنّ الفنان المناضل بوليفة الهادي، المعروف باسم الهادي رجب، إحدى قامات الأغنية الوطنية الملتزمة، وأصغر أعضاء الفرقة الفنية المناضلة لجبهة التحرير الوطني، التي تأسّست في العاصمة التونسية عام 1958، عاش دون حصوله على الجنسية الجزائرية حتى وفاته في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، في حادثة وصفتها السلطات "بالعار".
ووقّع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، يوم الخميس الماضي، على قرار بمنح الفنان المناضل الهادي رجب الجنسية الجزائرية، لكنّ هذا القرار جاء بعد 4 أيام من وفاته. واستنكرت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عدم حصول الفنان رجب، وهو تونسي الأصل، على الجنسية بعد استقلال الجزائر.
وقالت في برقية: "عار على أولئك الذين وقفوا في وجه منح المجاهد الراحل الهادي رجب الجنسية الجزائرية"، مشيرةً إلى غضب رئيس الجمهورية بعدما علم "بأنّ هذا المجاهد لم يكن يحمل الجنسية الجزائرية".
وأضافت: "لا أحد ببلدنا الجزائر الجميلة والكبيرة كان سيصدق للحظة أن البيروقراطية الجزائرية كانت قد حالت لسنوات دون منح المجاهد الراحل الهادي رجب الجنسية الجزائرية".
وأكّدت الوكالة أنّ تبون "قد أمر على الفور بإعادة كامل الحقوق للفقيد الهادي رجب"، و"وقع مرسوماً يقضي بمنحه الجنسية". وبالفعل سلّم مرسوم منحه الجنسية إلى عائلته يوم الخميس الماضي.
وجاء ذلك، بحسب الوكالة، بعدما أبلغت عائلة الفنان المناضل رئيس الجمهورية عن طريق مساعديه أنّ "الراحل طرق كل الأبواب للحصول على الجنسية دون جدوى، لأن آلة البيروقراطية كانت قوية جدا".
واتهمت الوكالة الجهات الإدارية المختصة بممارسة البيروقراطية وتعطيل الشؤون العامة، وأضافت: "سيتسنى للجميع اليوم فهم الحرب التي يخوضها رئيس الجمهورية ضد البيروقراطية التي تصعب الأمور على الجمهورية" واصفةً إياها بأنّها "من أكبر المخاطر التي تهدد البلاد"، بما في ذلك "تاريخنا الثري والعظيم".
وكان الفنان الجزائري بوليفة الهادي، المعروف باسم الهادي رجب، قد توفّي في 28 يناير الماضي في المستشفى العسكري وسط العاصمة الجزائرية، عن عمر يناهز 82 عاماً.
وكان الراحل قد نقل إلى المستشفى بعدما زاره وفد حكومي في بيته بقيادة وزير المجاهدين العيد ربيڨة. ويعدّ رجب إحدى قامات الأغنية الوطنية الملتزمة، وأصغر أعضاء الفرقة الفنية المناضلة لجبهة التحرير الوطني، حيث انضم إليها في عمر الرابعة عشرة، من أجل التعريف بعدالة القضية الجزائرية في المحافل الفنية الدولية.
ويعدّ الفنان الهادي رجب أحد الشهود على مجزرة ساقية سيدي يوسف الدامية (على الحدود التونسية مع الجزائر)، والتي ارتكبتها القوات الفرنسية في 8 فبراير 1958، انتقاماً من التضامن التونسي الجزائري، ممّا دفعه للالتحاق بالفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني.
وقدّم الهادي رجب، برفقة عمالقة الفن وأيقونات المسرح والتمثيل، عدداً من الأعمال المسرحية والغنائية التي تناولت كفاح الشعب الجزائري وجرائم المستعمر الفرنسي.
كذلك، شارك مع أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني في العديد من المهرجانات والتظاهرات الثقافية الدولية، للتعريف بالقضية الجزائرية. وبعد نيل الاستقلال، واصل الفنان عمله الفني والغنائي، قبل أن يعتزل بسبب تقدمه في السن.