الجنسية للإنتاج الأوّل لكن الفيلم أهمّ

24 مايو 2024
كريم عينوز: له أصلٌ جزائري لكنّ إنتاج أفلامه أجنبي (ستفان كاردينالي/Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يُثار الجدل حول ما يُحدد جنسية الفيلم السينمائي: هل هي جنسية المخرج أم الجهة الإنتاجية الأكثر مساهمة مالياً؟ ويُطرح السؤال بشكل متكرر دون إيجاد إجابات جديدة، خاصة في ظل تصنيف الأفلام في المهرجانات الدولية.
- تؤثر جنسية الفيلم في كيفية مشاهدته وتقييمه نقدياً، مع وجود تساؤلات حول ما إذا كان تحديد الجنسية مسبقاً يُعد تلاعباً بالمشاهدة والتقييم. يُظهر بعض النقاد عدم اهتمام بجنسية الفيلم، بينما يُعطي آخرون أهمية للبلدان المشاركة في الإنتاج.
- تُنتج الغالبية العظمى من الأفلام "العربية" بتمويل أجنبي، مما يُعيد طرح السؤال حول أهمية الجنسية في الإنتاج السينمائي. مع ذلك، يُبرز بعض المخرجين العرب قدرتهم على فرض رؤيتهم السينمائية على الإنتاج الأجنبي، مما يُشير إلى أن جوهر الفيلم يظل أهم من جنسية الإنتاج.

 

مُجدّداً، يُطرح سؤال جنسية فيلمٍ سينمائي: أترتبط بجنسية المخرج ـ المخرجة، أم بجهة الإنتاج؟ ماذا لو أنّ الإنتاج مدفوعٌ من جهاتٍ عدّة: ألن تمنحُ الجهةُ الأكثر دفعاً جنسيتها للفيلم؟ ماذا عن النصّ وشخصياته وحكاياته، والأمكنة الشاهدة على أفعالٍ وحالاتٍ ومسارات، واللغة المستخدمة في الحوارات؟ والمخرج ـ المخرجة، إنْ يحصل كلّ منهما على جنسيةٍ أخرى، غير تلك المولودَين فيها أو المتحدِّرَين منها، أيظلّ فيلماهما عربيّين؟

المسألة، بالنسبة إلى كثيرين وكثيرات، محسومة: الجهة الإنتاجية التي تدفع أكثر تملك "حقّ" منح الفيلم جنسيتها. هذا بسيطٌ ومنطقي. لكنّ اختيار مهرجانٍ سينمائي دولي، إنْ يُصنَّف فئة أولى أو ثانية أو أي فئة أخرى، أفلاماً "عربية" تحديداً، يدفع إلى إعادة طرح السؤال نفسه، والإجابات مُكرّرة ومتشابهة، وتفقد كلّ جديدٍ، وتشي كأنْ لا أهمية إطلاقاً لإعادة طرح هذا السؤال.

لكنْ، فعلياً: إلى أي مدى يُمكن لجنسيةِ فيلمٍ أنْ تؤثّر في مشاهدته وقراءته نقدياً، ثم مناقشة مخرجه ـ مخرجته، وأي عامل ـ عاملة فيه؟ ألن يُعتَبر تحديد الجنسية قبل المُشاهدة "تلاعباً" في فعل المُشاهدة، فالقراءة والنقاش؟ هل يجعلُ إعلانُ جنسيةِ فيلمٍ في كتابةٍ أو تعليق (فيسبوك)، بمنحهما (الإعلان والجنسية) حيّزاً كبيراً أو صغيراً، كلَّ مشاهدةٍ وقراءة محكومة سلفاً برأي أو قرار (زملاء وزميلات يقعون في هذا المطبّ، أحياناً)، وإنْ يكمن الرأي والقرار في اللاوعي؟

 

موقف
التحديثات الحية

 

غالباً، يُظهِر زملاء وزميلات عدم اهتمام بتلك الجنسية، إنْ تكن للمخرج ـ المخرجة أو لفيلمٍ لهما. لكنّ آخرين وأخريات يذكرون أسماء البلدان المشاركة في الإنتاج، والبعض غير منتبهٍ إلى أهمية الترتيب، لأنّ التسلسل يُفترض به أنْ يذكر الجهات بحسب حجم المشاركة الإنتاجية لكلّ جهة. أمّا الأفلام الـ"عربيّة"، فغالبيتها (لن أذكر الساحقة، رغم أنّها ساحقة) مُنتجةٌ بأموال غربيّة، أكثر بكثير من تلك التي تُدفََع في البلدان الأصليّة لمخرجيها ومخرجاتها.

أفلامٌ "عربية" معروضة للمرة الأولى دولياً في الدورة الـ77 (14 ـ 25 مايو/أيار 2024) لمهرجان "كانّ"، معظمها ذو إنتاج أجنبيّ. هذا غير لاغٍ اهتمامها بمسائل وحالات وأفراد وحكايات عربية، لكنّ السؤال المطروح يتعلّق بـ"جنسيةٍ" لا أكثر، إنْ تكن الجنسيّة مهمّة في المُشاهدة والقراءة والنقاش. الأهمية منبثقةٌ من كيفية جعل نصٍّ فيلماً متكاملاً، من دون تناسي أنّ الإنتاج الأجنبي إمّا يتدخّل في هذه الكيفية وإمّا لا، فهناك مخرجون ومخرجات عربٌ عديدون يرفضون كلّياً تدخّلاً كهذا، ويفرضون ما يبغون قوله سينمائياً على المنتج الأجنبي.

أمثلةٌ على ذلك؟ كريم عينوز برازيلي ذو أصل جزائري، وMotel Destino (المسابقة الرسمية) مُنتَجٌ بأموال برازيلية وفرنسية وألمانية. "الجميع يحبّون تودا" للمغربي الفرنسي نبيل عيوش، المُشارك في إنتاجه مع جهات فرنسية (Cannes Premiere). "شرق 12" للمصرية هالة القوصي مموّل من جهة هولندية، إضافة إلى مصر وقطر (نصف شهر السينمائيين). "رفعت عيني للسما" للمصريين ندى رياض وأيمن الأمير حاصلٌ على إنتاج من فرنسا والدنمارك، إلى قطر والسعودية. لكنّ "أسبوع النقاد" يضع مصر أولاً.

الجنسية للإنتاج الأوّل، لكنّ الفيلم أهمّ.

المساهمون