أصدرت جماعة الحوثيين في اليمن قراراً بمنع صرف وسائل تنظيم الأسرة إلا وفق شروط مشددة، مما أثار استياء وسخطاً وسخرية واسعة بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد الذين اشتكوا من التضييق على المواطنين والانتهاكات بحق النساء وخياراتهن وقراراتهن بشأن الإنجاب.
الناشطون نشروا مذكرتين رسميتين صادرتين عن وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، توجه بمنع صرف وسائل تنظيم الأسرة إلا وفق شروط مشددة. ووجهت إحدى المذكرتين بإلغاء العمل بـ"قلاب المشورة" (دليل إرشادات حول وسائل منع الحمل) من المرافق الصحية بحجة تعارضه مع "الهوية الإيمانية"، مشيرة إلى أن "دليلاً وطنياً" لتنظيم الأسرة قيد الإعداد. وشددت المذكرة الثانية على منع صرف وسائل تنظيم الأسرة إلا بموافقة الزوج على استخدام الزوجة لها، وإرفاق البطاقة العائلية أو عقد الزواج، وإلزام الزوج بالتواجد، فضلاً عن توثيق خطي من الزوج بالموافقة.
وربط المدوّنون القرار الحوثي بتعميم أصدره النظام الإيراني بحظر وسائل منع الحمل للنساء، منتصف يناير/كانون الثاني الحالي، يتماشى مع سياسة المرشد الإيراني علي خامنئي، لزيادة عدد المواليد. وأطلقوا وسوماً أبرزها "#اللولب" و"#اللولب_يأخر (يؤخر)_النصر"، للسخرية من قرار الحوثيين. واعتبر الحراك النسوي اليمني الخطوة انتهاكاً مباشراً لحريات وحقوق النساء وصحتهن الإنجابية.
منع بيع #وسائل_منع_الحمل بدون موافقة الزوج ومنع استخدام قلاب المشورة (دليل يحتوي على معلومات عن وسائل منع الحمل) في كل المرافق الصحية الواقعة تحت سيطرة الحوثي. هذه الخطوة تعد انتهاك مباشر لحريات وحقوق النساء وصحتهن الإنجابية! #اجسادنا_ملكنا pic.twitter.com/KPBSSLmGb5
— YFM | الحراك النسوي اليمني (@YemeniFeministM) January 28, 2021
وعلّق عبد الله الدعيس: "وزارة الصحة بدل ما تركز في الأوبئة المنتشرة وداء الكلب والكوليرا والحميات وفيروس كورونا جالسين يدوروا بعد اللولب". وأضاف "في بلد يعاني من أعلى نسبة فقر وبطالة في العالم، وفي نفس الوقت أعلى نسبة خصوبة في العالم، تجي حكومتنا الموقرة تمنع أساليب منع الحمل لأنه يتنافى مع الهوية الإيمانية". وكتب أسامة محمود "#الحوثي_جماعة_إرهابيه أخذت اليمنيين رهائن تحت سيطرتها بقوة السلاح وتمارس ضدهم أبشع الانتهاكات، بعد أكثر من خمس سنوات حرب تريد أن تتحكم اليوم في الأجهزة التناسلية لليمنيين! هذه ليست مزحة وليست كلاماً للمماحكات سياسية". وغرد صالح أبو عسر "المبدأ الخميني في منع اللولب نابع من مبدأ: أفقر اليمني أكثر، وحين يصبح أكثر فقراً لن يتمكن من تعليم أبنائه، وحينها يصبح معدماً وجاهلاً، حينها يمكنك أن تحكمه بسهولة، وتمرر عليه خرافاتك ببساطة أكثر".
سابقاً أصدرت جماعة الحوثيين قراراً يمنع النساء من مزاولة العمل، وأقدمت على مداهمة بعض المطاعم في صنعاء وإرغام العاملات على ترك وظائفهن، فضلاً عن منعها إقامة حفلات التخرج المختلطة وإلزام الجامعات ومعاهد اللغة باتخاذ إجراءات فصل بين الجنسين. وخصص أئمة المساجد في المناطق الخاضعة لسيطرة جماة الحوثيين خطبة يوم الجمعة الماضي لمهاجمة النساء، معتبرين عملها في مجالات غير مدارس الفتيات والتطبيب النسائي أمراً غير مقبول.
من جانبها، انتقدت "منظمة العفو الدولية" (أمنستي) قرار جماعة الحوثيين، واصفة إياه بالمخزي والتمييزي. وأكدت عبر "تويتر" أنها "تقف مع كل النساء في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن في اليمن".
إن قرار السلطات الحوثية بمنع النساء من العمل في المطاعم هو مخزي وتمييزي. نقف مع كل النساء في كفاحهن ونضالهن من أجل حقوقهن في #اليمن pic.twitter.com/w2FA4ROorD
— منظمة العفو الدولية (@AmnestyAR) January 29, 2021
والأسبوع الماضي، أغلق المسلحون الحوثيون مطعماً للوجبات السريعة في صنعاء، بعد تحريض مارسه أنصار الجماعة بذريعة حمله لاسم المثليين. ونشر عبد الرحمن العابد، وهو مذيع تلفزيوني من أنصار الحوثيين، تدوينة على موقع "فيسبوك" قال فيها إن "المحل يحمل اسم (قوس قزح)، وترتاده فتيات وشباب من المثليين وبعض البسطاء ممن لا يعرفون هدف وشعار وألوان المثليين". يعتبر علم قوس قزح الرمز الأكثر ارتباطا بالمثليين والمتحولين جنسياً ومزدوجي الجنس "إل جي بي تي".
وخلال الأسبوع الماضي، أفاد ناشطون محليون في العاصمة صنعاء بشن الحوثيين حملة مصادرة المانيكان النسائية (المجسمات البلاستيكية) من محلات الملابس، بذريعة تنافي عرضها مع التعاليم الإسلامية. ولاقت الحملة الحوثية سخطاً وسخرية في أوساط اليمنيين.
تجدر الإشارة إلى أن حملة واسعة انطلقت خلال الأسابيع الماضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن، لتأييد قرار واشنطن تصنيف جماعة الحوثيين منظمة إرهابية. ودشنت الحملة على موقعي "فيسبوك" و"تويتر" عبر وسمي "#الحوثي_منظمة_إرهابية" و#HouthiTerrorismInYemen. وشارك في الحملة مئات الإعلاميين والسياسيين والناشطين والمدونين اليمنيين، مسلطين الضوء على انتهاكات جماعة الحوثيين بحقهم.