قبل أقل من ثلاثة أشهر على موعد الانتخابات العراقية المبكرة، المقررة في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، صعّدت مختلف القوى السياسية في البلاد من حملاتها الإعلامية على منصات التواصل بطرق مختلفة، أبرزها الجيوش الإلكترونية التابعة للأحزاب والقوى السياسية والتي، عادةً، ما تنسّق هجماتها على الخصوم بشكلٍ منظّم. إذ بات لكلّ جهة سياسيّة في العراق جيشها الخاص على موقعي "تويتر" و"فيسبوك" والتي يمكن كشفها عبر التغريدات والمنشورات المستنسخة، بهدف الظفر بـ"الترند" على مستوى العراق، ما يتسبّب بتغييب الرأي العام الشعبي العراقي.
يرى مراقبون وسياسيون أنّ نظام الدوائر المتعددة، وحصر عدة أحزاب بعشرات المرشحين في دائرة واحدة لا تحتمل أكثر من 4 فائزين، شجّع على تنامي هذه الظاهرة، متوقعين تصاعدها بشكل أكبر. وبحسب سياسيين، فإنّ تنافس القوى السياسية لم يقتصر على "الجيوش الإلكترونية" بل تستخدم أيضاً أساليب أخرى لاستهداف الخصوم. وقالت القيادية في تحالف "عزم" في محافظة ديالى شرقي البلاد، نجاة الطائي، في تصريح صحافي، إنّ "قوى غير معلنة" تستهدف تحالفها من خلال 3 طرق، هي عرقلة التواصل بين المرشحين والناخبين، واستهداف الموظفين العاملين في التحالف، فضلاً عن تشكيل "جيوش إلكترونية" تقوم بـ "بث الشائعات والأكاذيب والافتراءات".
ويعتبر عضو البرلمان العراقي، بدر الزيادي، أنّ "المال السياسي بدأ بالنزول إلى الشارع ويمكن ملاحظة ذلك بقوة، ووصل إلى مواقع التواصل". ويضيف الزيادي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "وجود لجان مخصصة لمراقبة حرب التسقيط الإعلامية بين الكتل والأحزاب صار ضرورياً، وظاهرة الجيوش الإلكترونية باتت مقرفة وسيئة للغاية". ويطالب الأمن العراقي بـ"التحرك إزاء ظاهرة الجيوش الإلكترونية التي تعمل مقابل أموال. فإنّ ذلك يؤشر إلى وجود علامات سلبية، ويجب على الأجهزة المعنية متابعتها ومحاسبتها وإحالة العاملين فيها إلى القضاء" على حد قوله، موضحاً أنّ البلاد فيها "جيوش إلكترونية مدعومة من الخارج والداخل، ومن الأحزاب السياسية". ويؤكد ضرورة أن "يكون للبرلمان والحكومة ومفوضية الانتخابات دور واضح لمحاسبة هذه "الجيوش"، لأنّ بقاءها دون محاسبة سيزيد من عدد العاملين فيها"، بحسب رأيه.
بدوره، يؤكّد الناشط، علي الوتار، أنّ "الترند العراقي على موقع تويتر مصادَر منذ أشهر ولا يمكن أن تجد رأياً عراقياً فيه، بل كلّه عبارة عن هاشتاغات (وسوم) تابعة لمليشيات أو أحزاب، وبعضه للأسف طائفي أو عنصري. وهو من ضمن أجواء الانتخابات التي تُعرض فيها بضائع الأحزاب وليس لديها غير بضاعة الطائفية، فقد فشلت في كلّ شيء آخر". يضيف لـ"العربي الجديد" أنّ "العراقيين يجب أن يفهموا حقيقة تلك الجيوش وهذه الوسوم حتى لا ينخرطوا أو يتفاعلوا معها، بل أن يعتبروها مليشيات افتراضية مثل أسلحة المليشيات المنتشرة في الواقع".
ويعلّق عضو البرلمان السابق، حامد المطلك، على ذلك بالقول إنّ "نشاط الجيوش الإلكترونية أصبح أمراً خطيراً للغاية على أمن وسلامة المجتمع وحتى العملية السياسية في البلاد"، موضحاً لـ"العربي الجديد" أنّ "التنافس بين بعض الأطراف وصل إلى حدّ الاغتيال". يؤكّد المطلك في حديثه أنّ "عوامل الفساد تجذرت في معظم القوى السياسية، فيما يفترض أن تكون الانتخابات حرة ونزيهة وعادلة دون أي تدخل، سواء كان من السلطة أو المال الفاسد أو السلاح المتفلّت". ويعتبر أنّ "البلاد تسير نحو الخراب السياسي على الرغم من إصرار الحكومة على إجراء انتخابات حرة وعادلة".
ويشير المطلك إلى أنّ "عمل الجيوش الإلكترونية يبدو واضحاً في المرحلة الحالية، إذ تستهدف القوى السياسية بعضها البعض حين تتقاطع فيما بينها". ويلفت إلى أنّ مثل هذه "الجيوش" سيؤثر على قناعات الناخبين، لأنّها ستقوم بتشويه سمعة بعض الشخصيات، لا سيما أنّها تمتلك دعماً مالياً كبيراً من قبل بعض السياسيين" مؤكداً "غياب المشروع الوطني، والإرادة السياسية، والإرادة العراقية الوطنية، لأنّ المصالح هي التي تحرك السياسيين" بحسب وصفه.