"لا أريد التعريف بنفسي كغجري"، هذا ما يقوله يونس ظاهر في حديث مع "العربي الجديد"، وهو مواطن في إقليم كردستان من فئة الغجر التي تواجه تمييزاً اجتماعياً، ممّا يجعلهم معزولين عن بقية مكونات المجتمع العراقي.
في الوقت الحالي، يسكن يونس ظاهر في مجمع رزكاري السكني بمحافظة دهوك، شمالي العراق، والذي بني للغجر، وذلك بعد أن قرّرت حكومة إقليم كردستان العراق توطين حوالي 300 عائلة في المجمع الذي يحتوي على مدرسة ومركز صحي صغير، ويقع في منطقة متطرفة في إحدى ضواحي مدينة دهوك الحدودية مع تركيا وسورية وإيران.
ويتحدث الغجر في إقليم كردستان باللغة الكردية، ويدينون بالدين الإسلامي، ويقيمون الشعائر الدينية من الصيام والصلاة والزكاة.
يعيش اليوم قرابة ثلاثين ألف مواطن غجري في كردستان العراق في مجمعات خاصة بهم، بحسب أرقام شبه رسمية غير مُحدّثة منذ سنوات. ولا تخلو النظرة الاجتماعية إليهم من التمييز.
ويزاول الغجر بالمجمل مهناً وحرفاً يدوية تقليدية، كالحياكة وصناعة أسرّة الأطفال وحدادة السكاكين وغزل الصوف، ومن هنا يفضلون أن يطلق عليهم تسمية "أوسطه" بدل الغجر، إذ يعتقدون أن امتهانهم لهذه الحرف تاريخياً جعلهم حرفيين، وكلمة "أوسطه" تدل على من يتقن الصنعة.
وبهدف التعريف بهم، أطلقت هيئة الثقافة في محافظة دهوك، مؤخراً، مهرجاناً حول الغجر، وعلى الرغم من مواجهته لعقبات عديدة، ورفض بعض الشخصيات الغجرية لإقامته من الأساس، لعدم رغبتهم في تصويرهم على أنهم مختلفون عن بقية فئات المجتمع.
يقول المتحدث باسم هيئة الثقافة، حسن عارف، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الهيئة جازفت وخاضت تجربة إنشاء مهرجان معنيّ بالغجر، على ما فيه من محاذير". مضيفاً أن "المهرجان نجح نجاحاً غير متوقع وشهد إقبالاً كبيراً، خاصة أنّه أوّل مهرجان يعرّف بهذه الفئة الاجتماعية الموجودة في كردستان".
ويشير عارف إلى أنّ نجاح النسخة الأولى التي دامت يومين، دفع بالهيئة إلى اتخاذ قرار بتحويل المهرجان إلى مناسبة تقام سنوياً، وتضمّ فعاليات ومسابقات تتطرّق إلى حياة الغجر وعاداتهم ومطبخهم.
ويقول رئيس مؤسسة كردستان لحقوق الإنسان، هوشيار مالو، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن "جزءاً من الغجر لا يمتلكون الجنسية العراقية، على الرغم من أن وجودهم سابق على تأسيس الدولة العراقية"، مضيفاً: "لا يزال الغجر في العراق لا يتمتعون بكل حقوقهم، ومنها الحق بالسكن".
أما من الناحية السياسية فيقول مالو: "لم يتم التعامل مع الغجر باعتبارهم أقلية، فهم لا يمتلكون تمثيلاً سياسياً في مجلس البرلمان أو مجالس المحافظات، ولم يرد ذكرهم في الدستور، لذلك حرموا من حقهم في التمثيل السياسي". كذلك، من الناحية الاجتماعية لا يزال إشهار الانتماء إلى هذه المجموعة بمثابة "وصمة عار" لدى فئات عديدة في المجتمع العراقي، وفقاً لمالو.