لا تزال الهوة قائمة بين المحطات التلفزيونية والمنصات المخصصة لبث المسلسلات والبرامج عبر شبكة الإنترنت، والسبب هو البحث عن وسائل لجذب المشاهد وضرورة المتابعة أو التفاعل مع برامج الطرفين وإنتاجاتهما. والواضح أن معظم الفضائيات العربية تفتقر إلى دراسة التوجهات الخاصة بالجمهور، وبعضها يحاول أن يعيد تجارب بعض البرامج التلفزيونية التي شهدت تفاعلاً ومتابعة جماهيرية عالية، من دون الأخذ بالاعتبار المتغيرات التي طرأت على عالم البرامج وواقع المحطات في السنوات الأخيرة.
من دون سابق إنذار، أعلنت شبكة "أم بي سي" وقف تصوير برنامج "آرابز غوت تالنت" في بيروت بعد تصوير حلقتين فقط من الموسم الجديد، بينما تشير المعلومات إلى نيتها نقل الإنتاج كاملاً إلى السعودية كما حصل مع برنامج "توب شيف". وأكدت مصادر، من مكتب المحطة في العاصمة اللبنانية بيروت، أن معظم البرامج التي كانت تنتج وتصور في بيروت أو دبي انتقلت إلى السعودية.
ويبدو أن برنامج "مواهب العرب" سينطلق هذا الموسم من داخل المملكة العربية السعودية، في انتظار القرار النهائي بالانتقال، وتبليغ فريق العمل من تقنيين وفنانين بمواعيد التصوير. وكان برنامج "توب شيف"، الذي عُرض لسنوات على "أم بي سي"، قد انتقل لينقذ في السعودية، بعد محطتين له بداية في بيروت ثم دبي. واليوم يحط داخل المملكة، على أن يبدأ عرض الموسم الجديد في سبتمبر/أيلول المقبل.
السؤال هو: هل تكفي إعادة التجربة السعودية في هذا النوع من البرامج لإحيائه من جديد؟ ومن يفسر آلية العمل الجديد إن كانت الأفضلية للمتبارين السعوديين، وهذه المرة من داخل المملكة؟ الإجابة تكمن عند المنتج السعودي، بضمان كمية الإعلانات والرعاية التجارية لمثل هذه الأعمال، وهذا محفز لاستمرارها وإعادة جدولتها ضمن الدورات الفصلية للمحطة.
لكن في السياق، يبدو واضحاً أنّ هذا النوع من البرامج الخاص بالمواهب انتهى أو تراجع لأسباب عدة، منها صعود المواقع البديلة التي تسمح للهواة أو للمواهب بالتوجه إلى الناس مباشرة وضمان النجاح عبر عدد المتابعين وأرقام نسب المشاهدة.
في كل حال، لم توفر المحطات التلفزيونية مساهمتها إلى حد كبير في تبني مشاريع درامية بميزانيات ضخمة. إذ يبدو أنه حتى 2023، تفيض مفكرة الدراما العربية المشتركة بمزيد من الإنتاجات الطويلة (90 حلقة) والقصيرة (10 حلقات) الخاصة بمنصات بث المحتوى الترفيهي عبر الإنترنت، فيما لم تهمل المحطات بالطبع الشراكة والبحث عن إنتاجات خاصة بموسم الدراما في شهر رمضان، وهذا ما يضمن لها تحقيق نسبة متابعة أكبر من باقي أشهر السنة.
ويبدو أن الأفق الجديد لهجرة الدراما العربية إلى تركيا تحوّل إلى هدف تنافسي بين المحطات الفضائية العربية. فالإمارات العربية المتحدة، بعد المملكة العربية السعودية، تسعى لإنتاج مجموعة من المسلسلات الخاصة بمحطتي دبي وأبو ظبي في تركيا قريباً، بعد نجاح التجربة قبل سنتين مع "أم بي سي"، عبر مجموعة من المسلسلات التي حققت نسبة مشاهدة جيدة وعائدات إعلانية كبيرة.