اتهم الكاتب السوري محمد ماشطة منتج مسلسل "حضور لموكب الغياب" سيف عبد العزيز بالسطو على العمل وسرقته على مراحل قبل نسبه لنفسه، من دون أي اعتبارات أخلاقية لها علاقة بالمهنة، حسب تعبير ماشطة. وأكد هذا الأخير في حواره مع "العربي الجديد" لجوءه إلى القضاء الأردني لإثبات حقوقه، فضلاً عن التواصل مع التلفزيون القطري كونه الجهة الوحيدة التي تعرض المسلسل في رمضان، لمعالجة الخلل الذي أصاب العمل وتصحيحه.
يروي ماشطة أصل قصة تعاونه مع المنتج سيف عبد العزيز قائلاً: "في مارس/ آذار 2020، اتصل بي صديق مقيم في ألمانيا، وقال لي إنّه يعمل في شركة إنتاج سينمائي ألمانية جديدة لديها فيلم سينمائي بعنوان (وردة مخملية)، وترغب الشركة بالتعاقد معي لإجراء معالجة درامية له. أرسل الصديق لي نصاً محشواً في مائتي صفحة بلا هوامش، عانيت الكثير الكثير حتى استطعت إنجاز قراءته، وكتبت تقريراً بأنّ هذا النص يحتاج إلى نسف كامل، وبأنّ على الشركة أن تتبنى رؤية فنية جديدة كلياً لبناء سيناريو هذا الفيلم".
ويشير ماشطة إلى حدوث تجاذبات بين الطرفين حول رؤيته الخاصة في إعادة بناء وكتابة الفيلم، أدت إلى اقتراحه تأليف مسلسل تلفزيوني يحوي قصة "نوير"، بطلة الفيلم، لكن الشخصية مقرونة بأحداث وشخصيات رئيسية بطولية، تخصّ أمة وشعوب المنطقة عموماً، وترصد جوانب مرتبطة بالقضية الفلسطينية.
يقول ماشطة: "أعجب المنتج بالفكرة، وأرسل لي موافقته وحماسه للبدء في العمل، فبدأت دراسة تاريخ المنطقة منذ عشرينيات القرن الماضي وصولاً إلى الحرب الأهلية اللبنانية، وهي النقطة التي تنتهي عندها أحداث الجزء الأول من المسلسل. قدمت له ملفاً بالمعالجة التي تتضمن دراسة جوانب من نشاط العصابات الصهيونية زمن الانتداب، وتواطؤ الأخير معها ضد الفلسطينيين، مروراً باستعراض واقع الأمة العربية في معظم أقطارها وبدء مرحلة الثورات والانقلابات العسكرية على الأنظمة الملكية، وتصدر أنظمة عسكرية المشهد العام، في الوقت الذي كانت فلسطين تُسرق على مراحل، كما فعل المنتج هذا بمسلسلي، إذ سرقه على مراحل. الرجل بات سعيداً جداً ومتحمساً لإنتاج هذا العمل، وبات يتحدث عن فلسطين كثيراً ويعتقد نفسه محرراً لها، بعدما كان مشروعه، وردة مخملية، مقتصراً على قصة حياة السيدة نوير فقط! أسميت ملف المعالجة: مسلسل حضور لموكب الغياب، ووضعت للمنتج مقترحاً ثانياً للعنوان أسميته: في حضرة نوير، وتم الاتفاق على اعتماد عنوان: حضور لموكب الغياب، الذي نسف وردته المخملية بكلّ الكوارث التي وردت فيه".
ويشير الكاتب إلى أنّ المنتج اليوم صار يزعم أنّه صاحب هذا العنوان، وصاحب الشخصيات البطولية في المسلسل مثل "كايد الحيفاوي" التي لعبها جهاد عبدو، "وليد السواس" التي لعبها منذر رياحنة، "داليا الصهيونية" التي لعبتها جفرا يونس، "فارس" التي لعبها نوار بلبل، "جابر" التي لعبها إياد حوراني، "ياسر" التي لعبها خالد الغويري، "أميمة" التي لعبتها عهد ديب، "سكينة" التي لعبتها رشا بلال، "جولييت" التي لعبتها ريم علي، "نوير" التي لعبتها ديمة بياعة وهي الشخصية التي عولجت معالجة خاصة واستثنائية، ويقول: "بعدما أضفت كلّ هذه الشخصيات إلى القصة الأصلية وكتابة الفكرة والنص والسيناريو، وضع منتج العمل اسمه عليه كمؤلف وكاتب سيناريو وحوار، وبقيت أنا معالجاً درامياً".
وحول قبوله العمل في المسلسل من دون حفظ حقوقه، لفت إلى أنّ المنتج عينه مديراً لشركة الإنتاج، وبناءً على ذلك، سافر إلى الأردن بهدف تنظيم الشركة وتعيين إداراتها ومؤسساتها الخدمية والإدارية والمالية، ويضيف: "بمجرد أن أنهيت الاستطلاعات اللازمة لاختيار موقع التصوير، وعينت كامل فريق العمل من فنيين وفنانين خلال أربعة أشهر مضنية من التعب والسهر والحرص على مصالح الشركة، فوجئت بالمنتج يطلب مني عدم زيارة موقع التصوير، وعدم التعاطي مع الإدارات التي شكلتها بنفسي وأديرها بحكم موقعي. اتضح لي حينها كامل المخطط الذي بناه بمساعدة أشخاص وجدوا فيه مصالحهم، ففضلوا المال على أصول المهنة وأخلاقها وعلى الصداقة الطويلة، ولم يكن لديهم أدنى وفاء تجاه الشخص الذي عينهم في مراكزهم".
وعن تفسيره الموقف الذي دفع المنتج للطلب منه عدم زيارة موقع التصوير، يوضح ماشطة: "كان يريد التعدي على حقوقي كمؤلف ويشوه العمل ويزور الوثيقة التاريخية التي يستند العمل إليها، والتي بنيت عليها أحداث عملي، وبالطبع لن يروقه أو يروقهم وجودي في التصوير أثناء تنفيذ هذه القرصنة، ما اضطرني للاستقالة وتركهم على أمل أن يستعيد المنتج رشده ويتراجع، لكنّ هذا لم يحصل، بل ازداد عتواً وجرأةً حتى وصل به الحال إلى سرقة العمل وتسجيله باسمه كمؤلف، فيما اعتبرني أنا مجرد معالج درامي له".
أما كيفية اكتشافه تسجيل المسلسل باسم المنتج، فيقول ماشطة: "بمحض الصدفة، وفي شهر فبراير/ شباط الماضي، بينما كان محاميّ الخاص يجمع بيناته لرفع دعوى ضد المنتج بتهمة التعدي على حقوق المؤلف بالتشويه والتحوير والتعديل، اكتشفنا أن العمل مسجل في المكتبة الوطنية في الأردن باسم ابنة شقيق المنتج! وعند مطابقة تاريخ الوثيقة في المكتبة الوطنية مع تواريخ تسليم الحلقات من قبلي للمنتج عبر المراسلات الإلكترونية، تبين أنّ النص مسجل في المكتبة الوطنية عندما لم أكن حينها قد سلمتهم سوى 22 حلقة من المسلسل".
وثمّن ماشطة موقف بعض الفنانين والمثقفين الذين ساندوه عبر مواقع التواصل في قضيته ضد منتج المسلسل، مثل أمل عرفة وعماد نجار وعثمان جحا وايمان السعيد وهاني نديم وتيسير إدريس وسيف الصفدي، ومنهم من هم مشاركون في العمل مثل ديمة بياعة وريم علي وجفرا يونس، قائلاً: "لم يكن موقفهم قائماً على نصرة زميل لهم، بقدر كونهم يعرفون الحقيقة المطلقة، ومنهم من تواصلت معم ليكونوا أبطالاً في المسلسل واعتذروا لتضارب أوقات التصوير مع أعمالهم الأخرى".
واستهجن ماشطة موقف الفنانين مازن الناطور وجهاد عبدو، اللذين رشحهما للعمل بنفسه، قائلاً: "هما يعرفان الحقيقة، ومازن كان يكتب، طوال فترة تصوير مشاهده، أنّ العمل من تأليفي وإخراج سيف الصمادي، ثم قبيل الإعلان عن عرض العمل بشهر، توقف كلياً عن ذكر اسمينا رغم ترويجه العمل في أكثر من موضع. أما في ما يخص جهاد عبدو، فللأسف يبدو لي أنّ الرجل خارج نطاق التغطية وربما لديه أسبابه أيضاً".
وفي تعليقه على انسحاب الفنانة السورية سمر سامي من المسلسل قبل بداية تصوير مشاهدها، قال ماشطة إنّها انسحبت لسببين: "الأول: الفوضى العارمة التي كانت تسود نظام العمل في الشركة، والثاني: استقالتي من الشركة، إذ كنت أشكل للست سمر ضامناً جيداً، باحترام اسمها وتقديم أجندة عمل لها خالية من الفوضى والجهل المسيطرين على أداء الشركة".
وعن موقفه القانوني الحالي، كشف ماشطة أنّه رفع دعوة قضائية ضد المنتج سيف عبد العزيز لحفظ حقوقه الأدبية والمادية في الأردن، كون المنتج أردنياً وجرى تصوير العمل في الأردن، فضلاً عن مخاطبة المؤسسة القطرية للإعلام، كون التلفزيون القطري هو الشاشة الوحيدة التي تعرض المسلسل حالياً.