يدين المستخدمون ومنظمات حقوق الإنسان تزايد خطاب الكراهية باللغة العبرية ضد الفلسطينيين في مواقع التواصل الاجتماعي، بينما الأخيرة تمارس قيوداً غير متناسبة، وتقمع المحتوى المتضامن مع فلسطين.
في هذا السياق، رصد مركز "حملة" أكثر من 2.5 مليون حالة من الخطاب العنيف باللغة العبرية ضد الفلسطينيين على "إكس"، وهو رقم يعزوه إلى حقيقة أن المنصة ليس لديها مشرفون على المحتوى ناطقون بالعبرية. وأطلقت "إكس" العنان للمعلومات المضللة بعد التغييرات الأخيرة التي أدخلها مالك الشركة إيلون ماسك، منها جعل محتوى الحسابات أكثر انتشاراً بمجرّد الحصول على علامة التحقق الزرقاء مقابل رسوم، بغض النظر عن مصداقيتها ومن يديرها. كما تُتّهم "إكس" بالفشل في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المحتوى الذي يحرّض على الكراهية منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة.
في 10 أكتوبر/تشرين الأول، قالت "إكس"، في بيان، إنها اتخذت إجراءات ضد عشرات الآلاف من المنشورات بسبب محتواها القاسي والعنيف الذي يتضمن خطاب الكراهية. وأضافت أنها تراقب بشكل استباقي الخطاب المعادي للسامية، لكنها لم تذكر الخطاب المناهض للفلسطينيين.
ونشرت الرئيسة التنفيذية للشركة ليندا ياكارينو، في اليوم التالي، رسالة موجهة إلى مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي تييري بريتون، أوضحت فيها أن "إكس" حذفت مئات الحسابات التابعة لحماس، لكنها لم تذكر أياً من حالات خطاب الكراهية والتحريض باللغة العبرية. وأشارت أيضاً إلى أن قواعد المنصة تحظر المحتوى الذي يهدد "بإتلاف منازل المدنيين وملاجئهم، أو البنية التحتية الضرورية للأنشطة اليومية أو المدنية أو التجارية"، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه القاعدة تنطبق على كبار المسؤولين الإسرائيليين.
ونقلت صحيفة إل باييس عن مسؤول المناصرة في الاتحاد الأوروبي في "حملة"، إيتكساسو دومينغيز دي أولازابال، قوله: "على إكس، يسمحون تحت شعار حرية التعبير بكميات لا تصدق من خطاب الكراهية والخطاب العنيف الذي يأتي أيضاً من السلطات الإسرائيلية، وغالباً ما يكون مصحوباً بمعلومات مضللة".
وأوردت الصحيفة الإسبانية عن دومينغيز، وباحثة مصرية في دراسات الذكاء الاصطناعي النقدية لم تذكر اسمها، أن هذا الخلل في التوازن يحدث في سياق قوة غير متكافئة، أولاً بين المنصات الاجتماعية ومستخدميها، وثانياً بين الفلسطينيين والمؤيدين لفلسطين، والإسرائيليين.
على سبيل المثال، في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أعلنت إدارة الإنترنت التابعة لمكتب المدعي العام الإسرائيلي أنها أبلغت عن أكثر من 6200 محتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، وقالت إن حوالى 90 في المائة من طلباتها إلى منصات "ميتا" قد قُبلت.
صباح خضير، كاتبة وناشطة مصرية أميركية مقيمة في القاهرة، لديها أكثر من 33 ألف متابع على "إنستغرام". تمزج منشوراتها بين عملها وحياتها وآرائها السياسية. أوضحت أن قصصها تتلقى في المتوسط حوالى 7 آلاف مشاهدة، وهو رقم يرتفع أحياناً إلى 12 ألفاً. ومنذ بدء العدوان على قطاع غزة، بدأت خضير بمشاركة المزيد حول الوضع في فلسطين والتعبير عن تضامنها مع الفلسطينيين، لكن منشوراتها لم تكن تحصل على أكثر من 100 مشاهدة. وشرحت قائلة: "هذه مشكلة متكررة، وليست جديدة". وأضافت لـ"إل باييس": "إذا كان الأمر يتعلق بفلسطين على وجه الخصوص، فإن مستوى رؤية المحتوى الخاص بي يكون دائماً أقل بكثير. لقد تعرّض بروفايلي للهجوم سابقاً بسبب الإبلاغ عن المتحرشين الجنسيين، ومع ذلك لم يتعرّض مطلقاً للتقييد. هذا يحدث فقط عندما يتعلق الأمر بفلسطين".
مثل خضير، يؤكد مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي وعشرات المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني أن "فيسبوك" و"إنستغرام"، المملوكتين لـ"ميتا"، تفرضان رقابة غير متناسبة على المحتوى والحسابات الداعمة لفلسطين. والشكل الأكثر شيوعاً للرقابة هو الحد من ظهور مثل هذه المنشورات والحسابات. وفي حالات أخرى، يتعرّض الحساب للتقييد أو التعليق أو الحذف.
ومنذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، وثقت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أكثر من 1050 عملية إزالة وعمليات قمع أخرى لمحتوى "إنستغرام" و"فيسبوك" الذي نشره الفلسطينيون ومؤيدوهم في أكثر من 60 دولة. ورجّحت المنظمة أن يكون العدد الإجمالي أعلى من ذلك بكثير.
وخلُص تقرير خارجي حول تعامل "ميتا" مع المحتوى أثناء الحرب على غزة في مايو/أيار 2021 إلى أن تصرفاتها كان لها تأثير سلبي على حقوق الإنسان وعلى حقوق المستخدمين الفلسطينيين وقدرتهم على مشاركة المعلومات. كما أشارت إلى أن المحتوى العربي كان أكثر عرضة للإزالة "عن طريق الخطأ"، وأن معدلات الكشف الاستباقي للمحتوى الذي يُحتَمل أن يكون مخالفاً كانت أعلى بكثير بالنسبة للمحتوى العربي مقارنة بالمحتوى باللغة العبرية.