اللهجات المحلية في الدراما السورية
بين كل موسم وآخر من مواسم الدراما السورية، يقدم صناع المسلسلات عملاً يحمل خصوصية لمنطقة سورية، ولا سيما من خلال اللهجة، وذلك بعدما طغت لعقود اللهجة السورية البيضاء أو الدمشقية. لم تختص الأعمال التي أظهرت بيئة معنية من خلال لهجتها بنمط أو قالب معين، سواء في الكوميديا أو الأعمال الاجتماعية أو البيئية الخالصة، فتنوعت، وكان آخرها مسلسل "الزند ذئب العاصي" الذي يعرض في الموسم الحالي.
أبرز هذه المسلسلات "ضيعة ضايعة" الذي قدم بلهجة الريف اللاذقاني، و"الخربة" الذي عالج قضايا بطريقة ساخرة بلهجة وبيئة جبل العرب والسويداء في الجنوب، وأخيراً مسلسل "الزند ذئب العاصي" الذي يقدم بلهجة تعرف محلياً باللهجة الساحلية يتوزع أهلها على عدد من المحافظات السورية وأريافها تحديداً، في كل من اللاذقية وطرطوس وحماة وحمص.
لكن، السؤال يبقى مطروحاً حول ما إذا كانت أعمال البيئة من خلال لهجاتها تؤثر على هوية الدراما، لا سيما أنها لا تقدم للجمهور السوري وحسب، بل للجمهور العربي الذي يتابع أعمال الدراما السورية بشغف، خصوصاً في الموسم الرمضاني.
يرى الكاتب والناقد الدرامي، نضال قوشحة، أن تنوّع اللهجات في المسلسلات السورية، وإبراز لهجات المناطق السورية على اختلاف ثقافاتها، حالة صحية، معللاً ذلك في حديث إلى "العربي الجديد": "هي فرصة ليتعرف السوري إلى بيئات ولهجات بلده، والمتلقي العربي إلى لهجات وبيئات غير مطروقة في الدراما السورية المعتاد عليها". ويضيف أنه "لا خوف على هوية الدراما السورية في ظل تنوع اللهجات، على العكس، فإنّ المجتمع السوري مليء بالتمايزات المختلفة، نتيجة التنوع بالأعراق والأديان والإثنيات التي أفرزت عادات وتقاليد وملامح بالمأكل والمشرب والزي ومنها اللهجة بطبيعة الحال، وهو نسيج جميل عنوانه تعدد الثقافات في حضارة واحدة هي الحضارة والهوية السورية".
يشير قوشحة إلى أنه في السابق كانت اللهجة الحلبية تظهر في بعض الأعمال، لكن كثيراً من اللهجات في محافظات رئيسية كانت غائبة، كاللهجة الحمصية مثلاً، إذ لم يقدم بها سوى عمل واحد هو "وادي السايح". ويوضح قوشحة أن الاعتقاد هو أن اللهجة التي تظهر بها الأعمال السورية هي اللهجة الدمشقية، لكن هذا خطأ، هي اللهجة البيضاء، حتى في بعض أعمال البيئة الشامية نلاحظ أنه تسود عليها اللهجة البيضاء وليست الدمشقية الصرفة، رغم أن الدمشقية محببة وجميلة.
وبعد توقف عجلة الدراما السورية أو بطئها نتيجة ظروف الحرب السورية، عاد الإنتاج الدرامي في سورية للغزارة ذاتها التي كان عليها، ما أدى لظهور أعمال متنوعة، منها ما يتناول لهجات مختلفة عن اللهجة المطروقة.