يتقن كارلوس فاسكيس لعبة الفيديو القتالية "مورتال كومبات" رغم عدم قدرته على رؤية القتال على الشاشة لأنّه شخص مكفوف، إذ يستند إلى الصوت ليطلق اللكمات والركلات والمراوغات. وفاسكيس، المقيم في تكساس الأميركية، واحد من مجموعة أشخاص يرفعون الصوت مطالبين بأن يتمّكن الأشخاص ذوو الإعاقة من الوصول إلى ألعاب الفيديو بشكل أفضل.
وعن السبب الذي دفعه إلى لعب "مورتال كومبات"، قال فاسكيس متحدثاً لوكالة "فرانس برس": "هنالك شخصيتان إحداهما على يمين الشاشة وأخرى على يسارها تتقاتلان، وينبغي عليك فقط أن تحفظ الأزرار".
وفيما كانت مسألة تسهيلات استخدام اللعبة لذوي الإعاقات مُهملة من الشركة المطوّرة، أصبحت هذه الفكرة في مقدمة اهتماماتها، إذ تدفعها أسباب مالية وأخلاقية لتتيحها أمام مزيد من اللاعبين، في صناعة تبلغ قيمتها مليارات الدولارات الأميركية.
وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ أكثر من مليار شخص يعانون شكلاً من أشكال الإعاقة. وتقدّر شركة "مايكروسوفت" التي تملك علامة "إكس بوكس" التجارية وخدمة بث الألعاب بتقنية الحوسبة السحابية الخاصة بها أنّ عدد اللاعبين من ذوي الإعاقة يبلغ نحو 400 مليون.
ولفتت براعة فاسكيس في اللعب انتباه استوديو "نيذرريلم استوديوز" المملوك لشركة "وارنر براذرز إنترأكتيف إنترتينمنت" الذي طوّر لعبة "مورتال كومبات". وبناءً على اقتراح قدّمته الشركة، أضاف الاستوديو إشارات صوتية هدفها مساعدة اللاعبين المكفوفين على تحديد الأشياء التي يستطيعون التفاعل معها في اللعبة.
ويأخذ صانعو الألعاب في الاعتبار التسهيلات الخاصة بذوي الإعاقات عند تصميمهم برمجياتها، إذ يضيفون إعدادات تهدف إلى جعل الملعب بوضعية تتناسب معهم. ويمكن إدخال تعديلات على الألعاب، للسماح للذكاء الاصطناعي أو للاعبين آخرين بتقديم أي مساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة عند الحاجة. كذلك، من الممكن بناء الخيارات المُدرجة في الألعاب بطريقة تتيح تجاوز المشكلات التي لا يستطيع اللاعب ذو الإعاقة حلّها.
وقال رئيس قسم المبادرات في شركة "يوبيسوفت" الفرنسية المتخصصة في ألعاب الفيديو، دافيد تيسران، إنّ "المقاربة التي نتبعها هي محاولة جعل إمكانية الوصول إلى الألعاب جزءاً لا يتجزأ من عمل كلّ موظف في الشركة". وأضاف لـ"فرانس برس": "نريد التأكد من أنّ الجميع يفهم أنّ التسهيلات الموجهة للاعبين ذوي الإعاقة جزء من مهامهم".
ونُظّم في مارس/آذار الاحتفال السنوي الثاني لتوزيع جوائز ألعاب الفيديو الخاصة بتقنيات مساعدة الأشخاص ذوي الإعاقة، ومُنحت هذه المكافآت على أساس أيّ من الألعاب توفّر أفضل تكيّف للأشخاص ذوي الإعاقة. ومن بين الألعاب التي حازت جوائز لعبة سباقات السيارات "فورزا هورايزون 5"، وهي أوّل لعبة تدعم لغة الإشارة الأميركية والبريطانية.
وقال كريس روبنسون، وهو لاعب من الأشخاص الصمّ مقيم في شيكاغو، يقدّم أحد البرامج على قناة "ديف غيمرز تي في"، عبر موقع "تويتش" المتخصص ببث ألعاب الفيديو، إنّ "الأمور حالياً أفضل بكثير من ما كانت عليه منذ عقود، لأنّ الألعاب يمكن إصلاحها عبر تحديثات". ولاقت ميزات مرئية وصوتية مفيدة أُدخلت إلى إصدارات الألعاب الحديثة، من بينها "لاست أوف أس بارت 2" و "غارديانز أوف ذا غالاكسي" و"فار كراسي 6"، تنويهات من اللاعبين ذوي الإعاقة.
وعلى الرغم من التقدّم المُحرز على هذا الصعيد، فإنّ لاعبين معوقين تحدثت إليهم الوكالة الفرنسية اجتمعوا على ضرورة تحقيق مزيد من الإنجازات، معربين على رغبتهم في أن يلقوا آذاناً صاغية. وذكر روبنسون مثلاً أنّ اعتماد خط أكبر في الكتابات التي تمر على الشاشة وفي الإشارات البصرية يُحدث فرقاً كبيراً لدى اللاعبين الصمّ.
ورأى سولاي ويلر، وهو لاعب أصم يبلغ 16 عاماً، أنّ "التحدي الآخر الذي يواجهه يتمثل في التواصل مع لاعبين آخرين ليست لديهم مشاكل سمعية". ويشاهد آلاف الأشخاص عبر الإنترنت ويلر وهو يمارس ألعاباً قتالية، من بينها "فورتنايت" و"أبيكس ليجندز". وينتظر المراهق بفارغ الصبر عرض محادثات تُجرى أثناء الألعاب التي يتنافس فيها لاعبون، كتعليقات في الوقت الفعلي خلال اللعب.
وقال رئيس شركة "هيتكليك" الفرنسية الناشئة المتخصصة في تصميم معدات تمكّن الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية من اللعب على مستوى تنافسي، دافيد كومباريو، إنّ لوازم المعدات الخاصة باللاعبين الذين يستخدمون أياديهم بشكل محدود نادرة.
تصنّع "مايكروسوفت" وحدة تحكم تكيفيّة خاصة بالألعاب التي صممتها "إكس بوكس"، يبلغ سعرها مائة دولار قبل إضافة التكاليف المرتبطة بمواصفات يطلبها كل زبون. وأشار كومباريو إلى أنّ شركتي "سوني" و"نينتندو" المنافستين لا توفّران وحدة تحكم مماثلة لتلك التي تقدّمها "إكس بوكس".
وعلى الرغم من أنّ المنصات الإلكترونية تستقطب مجموعة متنوعة من اللاعبين، فإنّ هؤلاء قد يتعرضون لسيل من الإهانات والتعليقات المسيئة من "متصيدين" و "كارهين"، وفق ما أكد اللاعب المراهق ويلر. وقال: "لن أسمح لهم أن يضيّعوا وقتي. أختار معاركي بحكمة خلال المضيّ قدماً في حياتي".