استمع إلى الملخص
- القرار أثار انقسامًا بين أعضاء الجمعية العمومية؛ حيث يؤيده البعض لحماية الصحافيين الإلكترونيين، بينما يعارضه آخرون خوفًا من انضمام منتحلي الصفة.
- نقيب الصحافيين خالد البلشي أكد أن تفعيل القرار يتطلب موافقة الجمعية العمومية ووضع قواعد صارمة لضمان حماية المهنة ومنع استغلال العضوية.
مرة أخرى فُتح النقاش القديم ــ المتجدّد في مصر حول توفير مظلة قانونية لحماية الصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، وإدراجهم في أحد جداول نقابة الصحافيين المصريين.
وقررت النقابة، في 12 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، تفعيل المادة الـ 12 من قانون النقابة بفتح طلبات القيد في جدول المنتسبين، وتشكيل لجنة لمتابعة الموضوع. وقالت النقابة إن القرار يهدف إلى "توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة".
لكن القرار أدى إلى انقسام بين أعضاء الجمعية العمومية الذين اعتبره بعضهم حماية لزملائهم من غير النقابيين، بينما اعتبر آخرون، وبينهم أعضاء في مجلس النقابة، القرار باباً لنيل غير المحترفين عضوية النقابة، وتهديداً للعمل الصحافي وفتح الباب أمام منتحلي الصفة.
البداية جاءت جراء ضغط واسع من الصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، على نقيب الصحافيين خالد البلشي، بسبب المخاطر المهنية والأمنية الجسيمة التي يتعرضون لها في عملهم، وقد تصل إلى اتهامهم "بانتحال صفة صحافي"، وهي التهمة التي يمكن توجيهها لكل صحافي يمارس مهنته من دون حصوله على عضوية نقابة الصحافيين.
وكان البلشي قد وعد، في برنامجه الانتخابي، بعلاج قضية الصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية. واستمر الضغط عليه، حتى خرج أخيراً بقرار فتح باب الانتساب لهم.
في منشور له، عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، قال البلشي إن هناك مسارين لمدّ مظلة الحماية النقابية للصحافيين العاملين بالمواقع الإلكترونية، وهما تعديل قانون الصحافة رقم 76 لسنة 1970، أو تفعيل جدول الانتساب، لكن لا يرجح المسار الأول، لذا توصل مع أعضاء مجلسه إلى إعادة تفعيل جدول الانتساب.
ينظم قانون نقابة الصحافيين رقم 76 لسنة 1970، إجراءات انضمام الصحافيين لعضوية النقابة. ويحدد الفصل الثاني من القانون في المواد من المادة الرابعة وحتى المادة العشرين، شروط العضوية والقيد في جداول النقابة. وتنص المادة الرابعة على أن ينشأ في النقابة جدول يشمل أسماء الصحافيين وتلحق به أربعة جداول فرعية، وهي: جدول الصحافيين المشتغلين، والصحافيين غير المشتغلين، والصحافيين المنتسبين، والصحافيين تحت التمرين.
بشأن المادة الـ 12 من قانون النقابة التي تسمح بفتح طلبات القيد في جدول المنتسبين، وتشكيل لجنة لوضع لائحة للقيد بالجدول، قالت النقابة، في بيانها، إن "هذا الإجراء يضمن توفير مظلة نقابية لممارسي المهنة الحقيقيين، وحماية النقابة والمهنة من منتحلي الصفة"، إذ تنص المادة الـ 12 على أنه "للجنة القيد أن تقيد في جدول الصحافيين المنتسبين، كلاً من: الصحافيين العرب الذين يعملون في صحف تصدر فيها أو وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت الشروط المنصوص… والصحافيين الأجانب المقيمين والذين يعملون في صحف تصدر فيها أو في وكالات أنباء تعمل فيها متى توافرت فيهم الشروط… والذين يسهمون مباشرة في أعمال الصحافة متى توافرت بالنسبة إليهم الشروط".
المؤيدون للقرار من أعضاء الجمعية العمومية والصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، تمسكوا بضرورة توفير الحماية النقابية لجميع العاملين في الصحافة، نقابيين أو غير نقابيين، خصوصاً أن شروط القيد في جدولي "تحت التمرين" و"المشتغلين" غير متوافقة مع واقع الصحافة الحالي، الذي يشهد تراجع دور الصحافة الورقية وانتعاش عصر الصحافة الإلكترونية. بينما القانون الصادر قبل ما يقرب من 60 عاماً لا يعترف إلا بالصحافة الورقية.
الرافضون للقرار من أعضاء الجمعية العمومية، وبعضهم انضم إلى حملة لجمع توقيعات، للمطالبة بعدم فتح باب الانتساب للصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، أعربوا عن مخاوفهم من أن هذا الإجراء قد يفتح الباب أمام منتحلي الصفة والصحافيين غير المهنيين للانضمام إلى النقابة.
أعضاء مجلس نقابة الصحافيين المصريين أنفسهم انقسموا بين مؤيد ومعارض للقرار.
ورأى عضو مجلس نقابة الصحافيين، أيمن عبد المجيد، أن فتح باب الانتساب يفتح ثغرات لاختراق جدول النقابة.
وقال عبد المجيد، في مقطع فيديو بثه عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك" لإعلان موقفه وتعليقه، بعنوان "الحقائق الغائبة في قضية (المنتسبين) ومخاطرها، ومغالطات الصحافي (الورقي) و(الإلكتروني)"، أن إعلان فتح باب الانتساب بدعوى حماية حق الصحافيين الذين يعملون في وسائط إلكترونية مغالطة وليس حماية، لأن انضمام الصحافي المحترف للنقابة عبر جدول "تحت التمرين" ثم "المشتغلين" يوفر للأعضاء جميع حقوقهم وامتيازاتهم النقابية كالبدل والحق في التصويت، وأن باب الانتساب تضمّن بالقانون ليشمل الأشخاص الذين لديهم خبرات نادرة، ويقدمون إسهامات في العمل الصحافي مثل أساتذة القانون والسياسة من كتّاب المقالات الذين يعبّرون عن آرائهم بشرط عدم احترافهم المهنة، كما تشمل المادة الصحافيين العرب والأجانب من المحترفين.
كذلك أعلنت عضوة مجلس نقابة الصحافيين، دعاء النجار، رفضها بل تبرؤها من القرار. وقالت عبر منشور على حسابها الرسمي على "فيسبوك"، إنها أعلنت رفضها فتح باب الانتساب خلال اجتماع مجلس النقابة، معتبرة أن القرار "حق يراد به باطل، لأنه يفسح المجال لدخلاء على المهنة التي لها رونقها وشموخها وهيبتها وليست باباً خلفياً لكل من هبّ ودبّ ولن تكون مهنة من لا مهنة له".
أما عضو المجلس ووكيل نقابة الصحافيين، محمود كامل، فأكد أنه خلال جلسة مجلس النقابة التي فُعّلت خلالها المادة الـ 12، جرت مناقشات عدة بين الأعضاء بدأت باعتراضات ومخاوف من الأعضاء أيمن عبد المجيد، وجمال عبد الرحيم، ودعاء النجار ومحمد خراجة، لكن المناقشات انتهت إلى الاتفاق على تفعيل المادة الـ 12.
وعبّر كامل عن تقديره لمخاوف بعض أعضاء الجمعية العمومية، ولكنه أكد أن تطبيق قرار الانتساب وفقاً للائحة منضبطة وصارمة هو الواجب لتفعيل قانون النقابة، وجزء من واجب حماية النقابة، وحماية ممارسي المهنة الحقيقيين من أي انتهاك، وكذلك حماية للجميع من ظاهرة منتحلي الصفة، مؤكداً أن القرار سيوفر حماية نقابية وقانونية للصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية حال تعرضهم لأي انتهاك بسبب ممارستهم مهنة الصحافة، وسيمكّن النقابة من مساءلتهم حال ورود أي شكاوى من مخالفات تتعلق بالمهنة.
بعد حالة الجدل الواسعة التي نشبت جراء قرار فتح باب الانتساب للصحافيين العاملين في المواقع الإلكترونية، عاد نقيب الصحافيين لطمأنة الجميع المؤيدين للقرار والمعارضين له، بأن تفعيل القرار لن يحصل إلا بموافقة الجمعية العمومية للنقابة، وإعلانه مسؤوليته الكاملة عن قرار مجلس النقابة بتفعيل المادة الـ 12 من القانون، ووضع لائحة للقيد، مشيرًا إلى أنه كان ضمن برنامجه الانتخابي، وأنه يرى ضرورة مدّ الحماية القانونية لجميع ممارسي المهنة الحقيقيين عبر قواعد صارمة تصوغها الجمعية العمومية لسد الأبواب أمام منتحلي الصفة، والمتاجرين بالعضوية.
وقال البلشي: "عهدي الذي لا يمكن أن أخلّ به أنه لن يتم أي شيء إلا بحضوركم، وبمناقشات واسعة داخل المجلس وخارجه، وفي المؤتمر العام، وبإقرار الجمعية العمومية في انعقادها لما يُتفق عليه"، مبيناً أنه "لا يضمن أحد كيف ستخرج القوانين التي يدفع لها البعض، وأن اللجوء للوائح أفضل حتى يأتي يوم تستعيد فيه النقابة قوتها وقدرتها فتغيّر ما تحتاجه من النصوص".