- استشهاد 141 صحافيًا فلسطينيًا وإصابة العشرات خلال الحرب، مع تجارب مروعة للصحافيين مثل اقتحام مجمع الشفاء الطبي وتعرضهم لاعتداءات وحشية.
- تدمير أكثر من 200 مقر ومكتب لمؤسسات صحافية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، مما يدل على استراتيجية ممنهجة لإضعاف التغطية الإعلامية، مع التأكيد على ضرورة ملاحقة الاحتلال دوليًا لحماية الصحافيين.
يجيء اليوم العالمي لحرية الصحافة مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، في ظل واقع هو الأسوأ عالمياً، نظراً إلى الانتهاكات المستمرة بحق الصحافيين الفلسطينيين، وتوقف عمل عشرات المؤسسات الإعلامية المحلية عن العمل؛ إذ عمد الاحتلال إلى استهداف غالبية المؤسسات الإعلامية، وقصف مقارها، أو سيارات البث التابعة لها.
لا ينسى الصحافي الفلسطيني، محمد قريقع، تفاصيل الاعتداء الذي تعرض له هو ومجموعة من الصحافيين الفلسطينيين خلال ثاني اقتحام نفذته قوات الاحتلال الإسرائيلي لمجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة. يحتفظ الصحافي الفلسطيني، وعشرات الصحافيين في القطاع الذي يعيش على وقع حربٍ إسرائيلية مدمرة، يوشك شهرها السابع على الانتهاء، بذكريات سيئة نتيجة الاستهداف الإسرائيلي المتكرر. فمنذ بداية حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استشهد 141 صحافياً فلسطينياً، وأصيب العشرات غيرهم، إضافة إلى عمليات الاعتقال التي طاولت عدداً منهم.
يلفت محمد قريقع في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن اليوم العالمي لحرية الصحافة، يتزامن هذا العام مع تحديات شتى يعيشها الصحافي الفلسطيني، خصوصاً مع استمرار عدوان الاحتلال الإسرائيلي. يستحضر قريقع ما واجهه في مجمع الشفاء الطبي خلال الاقتحام الثاني له قبل نحو شهرين، إذ أوقف بشكل يتنافى مع القيم والأخلاق الإنسانية، والاتفاقات التي تحفظ حقوق الصحافيين. يقول: "لقد تعرضنا إلى اعتداء وحشي وغير مسبوق بأعقاب البنادق، بعدها أجبرنا على خلع ملابسنا والخروج عراة تحت النار، فيما جرى اعتقال آخرين. كما عن تعرضنا إلى استهدافات سابقة خلال تغطيتنا الميدانية للأحداث، رغم ارتداءنا سترة الصحافة". يشير إلى أنّهم تعرضوا إلى استهدافات عدة خلال التغطية الميدانية، على الرغم من ارتدائهم السترة الصحافية، التي لم تحمهم من الاستهداف، في ظل تجاهل إسرائيلي للقوانين الدولية التي تكفل الحق في العمل الصحافي.
يفوق عدد الصحافيين الذين قتلتهم القوات الإسرائيلية في قطاع غزة خلال أوّل شهرين من العدوان عدد الصحافيين الذين قتلوا في الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، وكذلك الحرب الكورية. وفقاً لمؤسسة منتدى الحرية، ومقرها واشنطن، فقد 69 صحافياً حياتهم خلال سنوات الحرب العالمية الثانية الست، التي أودت بحياة عشرات الملايين من البشر.
أما المصور الصحافي أحمد الدنف، فيقول إنّ "اليوم العالمي لحرية الصحافة يبدو يوماً عادياً، في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها والعمل الميداني المحفوف بالخطر". ويتابع الدنف في حديث إلى "العربي الجديد" إن "الصحافي في غزة يواجه العديد من المخاطر، منها التعرض المباشر إلى نيران الصراع، وأيضاً الضغط العاطفي والنفسي الناتج عن مشاهدة الدمار والخسائر البشرية، في الوقت الذي يتطلب فيه العمل جاهزية ذهنية وجسدية". ويشير إلى أن معاناة الصحافي الفلسطيني تتمثل في السيطرة على المشاعر في ظل المشاهد التي يصورها وينقلها، إضافة إلى بعده عن العائلة، ما ينعكس بسوء نفسياً عليه. وبحسب المصور الصحافي، فإن هناك أشكالاً متنوعة للمعاناة تتمثل في نقص الإمكانيات، وصعوبة الحصول على المعلومات، والوصول إلى الإنترنت، في ظل تدمير البنية التحتية للقطاع خلال الحرب الحالية. كما يلفت إلى أن العدوان أظهر حجم المخاطر المتمثلة في صعوبة الحركة لتغطية الأحداث، في ظل عمليات القصف الإسرائيلية المتواصلة التي تستهدف الصحافيين الفلسطينيين.
ويؤكد نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، أن الاحتلال الإسرائيلي، وضمن حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، عمد إلى تدمير الحياة الصحافية في القطاع. ويقول الأسطل لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال دمّر منذ بداية الحرب على قطاع غزة أكثر من 200 مقر ومكتب تتبع لمؤسسات صحافية وشركات إنتاج وقنوات محلية وإذاعات وصحف محلية ووكالات أنباء، لافتاً إلى أنّ ذلك أدى لتوقف عمل عشرات المؤسسات الصحافية، وحوّل ساحات المستشفيات إلى ميدان عمل للصحافيين. ويرى الأسطل أن تدمير المؤسسات الصحافية جاء استمراراً لنهج الاحتلال الإسرائيلي في تدمير الحياة المدنية والبنية التحتية، وهو أمر يهدف إلى إضعاف التغطية الصحافية لحرب الإبادة على القطاع. كما يشدد على أن المطلوب هو المضي قدماً في ملاحقة الاحتلال بمختلف المحاكم والمؤسسات الأممية الدولية.