برنامج "مطالعات" في موسمه الثاني: الكتاب نجم المشهد

21 سبتمبر 2024
من كواليس الحلقة الأولى من الموسم الثاني مع الروائية الجزائرية إنعام بيوض (العربي 2)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **برنامج "مطالعات" الثقافي يعود بموسم جديد**: البرنامج من إعداد وتقديم الروائية نجوى بركات، يبث كل أربعاء، ويركز على مناقشة الكتب الصادرة حديثاً مع ضيوف متنوعين.
- **إدراج فقرات جديدة وتخصيص مساحة للنوفيلا**: أضاف البرنامج فقرات "نشروا"، "كتبوا"، و"قرأوا"، ويشرك الناشر والكاتب والقارئ، مع تخصيص مساحة للنوفيلا.
- **البرنامج كمنبر للمقاومة الثقافية**: انطلق البرنامج في ظل حرب غزة، مؤكداً على دور الثقافة كفعل مقاومة، مع تخصيص مساحات لشهادات الفنانين والكتاب حول فلسطين.

عاد برنامج "مطالعات" الثقافي على تلفزيون "العربي 2" (منتج منفّذ فادي عزام)، وهو فكرة وإعداد وتقديم الروائية اللبنانية نجوى بركات في موسم جديد بخيارات جديدة، وقد بثت الحلقة الأولى منه الأسبوع الماضي، ليواصل البرنامج موعده كل أربعاء عند العاشرة مساء بتوقيت القدس.
وكان البرنامج منذ حلقته الأولى في الرابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 يشق مساراً عبر 32 حلقة هي حصيلة الموسم الأول، بهوية واضحة تفيد بأن الكتاب هو بؤرة الضوء، بما يقدمه من خدمة ثقافية تمد جسراً بين المشاهد - القارئ والمنتج الإبداعي الجديد من خلال وضع الكتاب مجال نقاش، ضمن نقاش أوسع يطاول الحراك الثقافي ومؤسساته والحريات العامة والمواجهة بين الثقافي والسياسي.
فقد كانت جميع الحلقات تستقبل ضيفين وأحياناً ثلاثة لتكون الكتب الصادرة حديثاً من ناحية مفتاح الحديث، ومن ناحية ثانية لا بد من رابط مشترك بين الضيوف لتتمكن كل حلقة من إثراء ما يطرح في حقل واحد من زوايا مختلفة، كما نرصد في هذه العناوين "السيرة الذاتية ما لها وما عليها" و"أدب العائلة" و"ما بين الكردية والعربية" وغيرها، مع مجموعة من الروائيين سنان أنطون وحسن داوود وليلى العقمان وسميحة خريس وسلمى الخطيب وطارق متري وغيرهم....
في هذه الحال لم يتغير جوهر البرنامج، بل وقع تعديل تكنيكي، كما لاحظنا في الحلقة الأولى من الموسم الجديد، وقد استضافت الروائية الجزائرية إنعام بيوض للحديث عن رواية "هُوارية" تحت عنوان "محاكم ومحاكمات الأدب على وسائل التواصل".
فثمة كتاب واحد مع ضيف واحد وبالتالي قضية يطرحها الحديث عن هذا الإصدار الجديد، كما يمكن توقعه في اشتباكات أي كتاب آخر سواء مع التاريخ أو اللحظة المعاصرة أو من زاوية النظر الفكرية والجمالية.
وأبقى البرنامج في موسمه الجديد على العتبة التي تفتتح كل حلقة، وهي مادة أرشيفية تحت عنوان "قالوا"، ويظهر فيها كتاب راحلون في مقتطف مدته دقيقتان يتضمن إطلالة مكثفة على كلمات بالصوت والصورة تؤطر زمناً ماضياً لراحلين، لكن ما قيل فيه هي أفكارهم العابرة والحية.
مع الحلقة الأولى من موسم 2024 - 2025 هناك إذن 33 إطلالة حرص البرنامج عليها قبل أن يباشر كتاب معاصرون الحديث فيزجون التحية لمن رحلوا، كما شاهدنا مع طه حسين ومحمود درويش وسلمى الخضراء الجيوسي وممدوح عدوان ومحمد شكري وإميلي نصر الله وسميح القاسم ويحيى حقي وحيدر حيدر وأنسي الحاج ومحمد الماغوط وسواهم.
وأدرج البرنامج ثلاث فقرات جديدة، وهي على التوالي "نشروا" و"كتبوا" و"قرأوا"، والأولى جديدة كلياً، حيث يشرك البرنامج ضلعاً من ثالوث صناعة الكتاب المكون من المؤلف والناشر والقارئ، الذي يعطى له الحق ليقول كلمته أمام فضاء عام بوصفه شريكاً في إنتاج المعرفة، وليس كما تريد الصورة النمطية تقديمه تاجراً يتربح فقط من البيع.
نتعرف في الحلقة الأولى من الموسم الثاني إلى تخصيص دار نشر عربية حقلاً من الإصدارات تحت اسم "النوفيلا"، وهي الرواية ذات الحجم الصغير، كما في نموذج رواية "المسخ" لكافكا أو رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني. وإذا كانت النوفيلا متوافرة بين رفوف الإصدارات الروائية، فإن تولي الناشر إعطاءها رفاً خاصاً بها يشجع الكتّاب أكثر على خوض غمار هذا النوع الأدبي.
أما الفقرتان التاليتان، فقد خصص البرنامج أولاهما "كتبوا" لفقرة مسجلة مع كاتب يتحدث فيها عن إصداره الأخير، وبذا يفسح المجال لكتاب آخر يقدمه صاحبه بديلاً لفقرة "آداب أخرى" التي كانت تعنى بالكتب المترجمة، فتصبح حصة الإنتاج باللغة العربية كتابين في كل مرة، تتبعها أخيراً فقرة "قرأوا"، وهي مساحة حرة لقارئ استهواه كتاب وقدم نبذة عنه للمشاهدين وليس شرطاً أن يكون الكتاب حديثاً.
لربما ينظر أحدهم إلى أن حضور كاتبين أو أكثر مع كتبهم الجديدة يضفي حيوية من جهة، ومن جهة أخرى يستقطب عدداً أكبر من المبدعين العرب الذين يفتقرون إلى منابر إعلامية وخصوصاً المرئية منها، التي تزدحم بساعات بث تتقاسمها السياسة والترفيه.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

غير أن فرصة كتاب واحد يُقرأ ويُعد تصور نقاشي له، من زاوية نظر ثانية، يعطي الكتاب فرصة أغنى يستوفي خلالها تداول الطرح الذي يحمله بحفر أعمق في ذات الكتاب وذات الكاتب، وكذلك ما يشتبك معه من قضايا مشتركة في الفضاء المحلي والإنساني، سواء أكان أدباً أم بحثاً في اللغة والعلوم الإنسانية وما شابه.
وكان البرنامج لدى انطلاقه سابقاً بأيام قليلة حرب الإبادة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ما جعل القائمين عليه يؤكدون من مكانهم أن "مطالعات" هو معبر بالضرورة عن أن "الثقافة فعل مقاومة"، كما قالت نجوى بركات في إحدى الحلقات المبكرة، وعليه جرى على مدار الموسم الماضي تخصيص مساحات لشهادات الفنانين والكتاب حول فلسطين.
وبالمحصلة توافر طيف من فنون التشكيل والموسيقى والسينما، وفي الكتابة، وهي اللب الأساسي الذي تبدأ منه أجندة البرنامج، كانت الرواية بطبيعة الحال صاحبة الحصة الكبرى، بالنظر إلى حجمها الإنتاجي الأكبر بين صنوف الكتابة الأخرى، ثم جاءت القصة القصيرة، والشعر، والكتابة، واللغة، والتاريخ.
وعلى النهج الذي بدأ ويتواصل في موسم ثانٍ فإن أبرز ملمح للبرنامج هو القراءة الأسبوعية للكتب وإنتاج الأسئلة الثقافية من خلال النص، والمحافظة على نقطة توازن بين عمق الحوار وإيصاله عبر التلفزيون الموجود في كل البيوت لمشاهدين يتعرفون إلى الكتاب بوصفه نجم البرنامج، وما يدور في متنه وهامشه هو القضية في كل حلقة.

المساهمون