أكّدت المبيعات التي شهدها مزاد أقامته دار كريستيز في نيويورك، أمس الخميس، الشهية المفتوحة لهواة جمع القطع الفنية، إذ بيعت مجموعةٌ من الأعمال بأسعارٍ قياسيّة، من بينها منحوتة لإدغار دوغا، وأخرى برونزيّة لبيكاسو، إضافة إلى هيكلٍ عظمي لديناصور كان مصدر وحيٍ لفيلم "جوراسيك بارك" وبيع لقاء 12 مليون دولار.
بلغ سعر بيع الهيكل العظمي 12,4 مليون دولار شاملاً النفقات، وهو لديناصور من نوع داينونيكوس أنتيروبوس أطلقت عليه تسمية "رابتور"، ويتكوّن من 126 عظمة متحجّرة ويتجاوز طوله ثلاثة أمتار. وأشارت "كريستيز" بعد المزاد إلى أنّ الهيكل كان من نصيب مزايدٍ آسيوي، لكنّها لم تفصح عن مزيد من التفاصيل.
وبات هذا الهيكل في المرتبة الثانية لأعلى هياكل الديناصورات سعراً، لكنّ ثمّة فرقاً واسعاً بينه وبين هيكل عظمي لديناصور تي-ريكس يتربّع على رأس اللائحة، بعد أن بيع مقابل 31،8 مليون دولار في العام 2020.
وأفيد بأنّ "رابتور"، الذي يتميّز بأنّه في حالةٍ جيّدة وكان معروضاً عند مدخل مقرّ "كريستيز" في مانهاتن، هو الهيكل العظميّ الأكثر اكتمالاً من هذا النوع. وكان قد اكتشف قبل سنواتٍ في وولف كانيون بولاية مونتانا الأميركيّة، وبقي مذّاك ملكاً لجهاتٍ خاصة.
ولعٌ بهياكل الديناصورات
يعد داينونيكوس أنتيروبوس أصغر وأكثر رشاقةً من "تي-ريكس"، الديناصور الذي استُلهم منه ديناصور "فيلوسيرابتور" في فيلم "جوراسيك بارك" الشهير لستيفن سبيلبرغ في العام 1993. ومع أنّهما في الواقع ينتميان إلى نوعين مختلفين، استوحى واضعو السيناريو الحقيقة العلمية بتصرّف.
كانت مبيعات الهياكل العظمية للديناصورات قد تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى محور عددٍ من المزادات، على غرار بيع "بيغ جون"، وهو أكبر هيكلٍ عظميٍّ معروف لديناصور من نوع ترايسيراتوبس، ويبلغ طوله ثمانية أمتار، وقد بيع لقاء 6,6 ملايين يورو لصالح هاوي جمعٍ أميركيّ خلال مزاد في أكتوبر/ تشرين الأوّل من العام 2020.
وتثير هذه المزادات لدى مسؤولي المتاحف وعلماء المتحجّرات أسفاً شديداً، لأنّ الأحافير تصير جزءاً من مجموعاتٍ خاصة بدلاً من أن تكون معروضة في المتاحف.
وشكّل بيع الهيكل العظمي مسك الختام لمزادٍ شهد مبيعاتٍ من النمط التقليدي المألوف، ومن أبرزها سعرٌ قياسيٌّ سجّلته منحوتةٌ لإدغار دوغا (1834-1917)، إذ بيع عمله "الراقصة الصغيرة ذات الأربعة عشر عاماً" مقابل 41,6 مليون دولار، وهو أعلى سعر تحقّقه قطعةٌ للفنان الفرنسي في مزاد.
غير أنّ هذه المنحوتة البرونزيّة الدقيقة ذات الزنجار البنّي، والتي تمثّل بالتفاصيل وبكثير من الواقعية راقصة باليه صغيرة، ليست العمل الأصليّ المعروض في المتحف الوطني للفنون في واشنطن، بل هي نسخةٌ طبق الأصل نفذها سبّاك المنحوتات الفنّيّة أدريان أوريليان إيبار بعد عشر سنواتٍ من وفاة الفنان الانطباعي الفرنسي.
وكان الرقم القياسيّ السابق لمنحوتة الراقصة الصغيرة يعود إلى نسخةٍ أخرى منها بيعت لقاء 24 مليون دولار في العام 2015، لكنّ مزاد الخميس حطّم أيضاً الرقم القياسيّ لسعر أيّ عملٍ من أعمال دوغا، والذي تحمله "راقصة ترتاح" بعد بيعها لقاء 37 مليون دولار عام 2008.
مجموعة آن باس
كانت منحوتة دوغا المباعة أمس الخميس من بين 112 قطعة من مجموعة سيّدة الأعمال الأميركيّة آن باس التي توفيت في العام 2020، والتي كانت زوجة الملياردير سيد باس وريث إمبراطوريّة نفطيّة في ولاية تكساس الأميركيّة.
عندما كانت آن باس لا تزال على قيد الحياة، كانت كل هذه الأعمال معروضةً في شقّتها الفاخرة في الجادة الخامسة في مانهاتن، ومنها لوحتان للفنان التعبيريّ الأميركي مارك روثكو (1903-1970)، بيعت إحداهما أنتايتلد-شايدس أوف رد مقابل 66,8 مليون دولار، وثلاث لوحات لكلود مونيه (1840-1926)، بيعت منها لوحة برلمان، سولاي كوشان بمبلغ 75,96 مليون دولار. وحققت القطع الاثنتي عشر ما مجموعه 363 مليون دولار.
وسُجّل رقمٌ قياسيٌّ آخر في إطار بيع قطعٍ من القرن العشرين، إذ باتت "تيت دو فام (فرناند)" لبابلو بيكاسو أغلى منحوتة برونزيّة للفنان الإسباني تباع في مزاد على الإطلاق، إذ وصل سعرها إلى 48,48 مليون دولار. وكان متحف متروبوليتان في نيويورك الجهة التي طرحت هذه القطعة في المزاد بعد أن تلقّى نسخةً أخرى من التمثال كتبرّع.
كذلك، بيعت في المزاد لوحة للأميركي من أصل أفريقيّ إرني بارنز (1938-2009)، والذي أصبح فناناً بعدما كان لاعب كرة قدم أميركية.
سبق لـ"كريستيز" أن قدّرت سعر لوحته شوغر شاك بسعرٍ يتراوح بين 150 ألف دولار و200 ألف دولار، لكنّها بيعت فعلياً بسعر أعلى بكثير بلغ 15,3 مليون دولار، وذلك بعد منافسةٍ استمرّت عشر دقائق بين 22 مزايدا.
أمّا الرسام الأميركيّ إيمانويل لوتز (من القرن التاسع عشر) فزاد رقمه القياسي عشرة أضعاف بعد بيع لوحته واشنطن كروسينغ ذا ديلاوير" مقابل 45 مليون دولار.
بالمجمل، بلغ الرقم الإجمالي لمبيعات الأمسية 831 مليون دولار أميركي.
(فرانس برس)