ها هي هيفا وهبي تستعيد نجاحها في أغنية وصفها بعض المتابعين بـ"التافهة"، لكنها برأي آخرين، مقبولة. الأغنية تجمع بين هيفا وهبي والممثل المصري أكرم حسني، بعنوان "لو كنت"، من كلمات وألحان أكرم حُسني، وتوزيع توما. تروي الأغنية تخيلات وتحول الإنسان إلى مخلوق آخر، في إطار موسيقي يتبناه الكاتب والمغني نفسه، ويحرك هيفا في كليب مصور يجمعها وحسني، وثلة من الشباب الذين يحيطون بها ويتفاعلون مع الأغنية راقصين.
تخرج هيفا وهبي في أعمالها الغنائية كل مرة عن كل ما هو سائد، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنها تظفر بالنجاح. لا تمتلك وهبي حدّاً أدنى من الصوت ليساعدها على الغناء بمهارة، بل على العكس، تستهلك الخفة بطريقة نافرة فيتداخل الغناء مع الدلع المصطنع في معظم الأغنيات التي قدمتها حتى الآن. عام 2018، أصدرت وهبي ألبوماً غنائياً كاملاً، يحمل عنوان "حوا". وكما تقول، فقد وجد صداه بين المتابعين، ونال علامة جيدة في السباق مع الإصدارات التي خرجت في الوقت نفسه، لكن معظم أغاني "حوا" لم تصل إلى الناس، وظلت أسيرة لمتابعي وهبي أو معجبيها على المواقع البديلة.
في الوقت نفسه، كانت روبي غائبة عن المشهد الغنائي، وانشغلت لسنوات سابقة بالمشاركة في أعمال درامية، نالت نصيبها من النجاح. لكنها، هذه السنة، تستعيد أنفاسها، وتخرج بإصدار يحمل ثلاث أغان، عنوانها "قلبي بلاستيك" و"حته تانيه" و"أنا لو زعلانة". كل ذلك برأي متابعي روبي، يعيدها إلى الأضواء أو الغناء، ولو بمضمون الأغاني البسيط والدخيل على عالم الكلمة واللحن.
أعمال تحقق نسبة استماع جيدة قياساً بمجموعة لا بأس بها من الأعمال الغنائية صدرت في الوقت نفسه، لكنها لم تبلغ مرتبة النجاج كاملة. ومنها، على سبيل المثال، ألبومات الفنانة أصالة نصري الخليجية، وكذلك زميلتها أنغام، لكنها لم تنل صداها الشعبي الترويجي، وظلت أسيرةً لبعض المستمعين الملتزمين، أو المعجبين بأصالة وأنغام، وأخيراً عاصي الحلاني ونوال الزغبي ونانسي عجرم، علماً أنهم جميعاً أصدروا أغاني جديدة، لكنها لم تتحوّل خلال أسابيع إلى "ترند"، أو تحقق أرقاماً قياسية، بخلاف بعض الأسماء التي تحقق أعمالها أرقاماً قياسية خلال أيام معدودة، لا بل ساعات، وهي التي تتبوأ المراتب الأولى فعلاً من حيث المنصات والمواقع، وحتى الشارع الذي يردد هذه الأغاني ويحفظها عن ظهر قلب.
ومن هؤلاء، نذكر فضل شاكر، وسعد لمجرد، ووائل كفوري، الذين لا يقومون بمجهود تسويقي كبير، كالإعلان أو تنزيل "نشر" الأغنية، لحصد نجاح مدوّ وحقيقي في كل مرة. ثمة تجاذب في سوق الغناء والإصدارات العربية في الفترة الحالية، وهو يلحق الوضع العربي عموماً التائه وسط انشغالاته السياسية والاقتصادية، وعواصم تحاول البحث عن متنفس ليس في الموسيقى، ومغنين أصبحوا في حالة ضياع أمام اللحاق بالركب التقني للأغاني أو الأفلام، أو أي منتج فني يصدرونه، وبين البحث عن محتوى أو مضمون يبقيهم في دائرة الضوء والاستمرار.