بعد حالة من الهدوء الحذر شهدتها أروقة نقابة الصحافيين المصريين على مدار أشهر، منذ فوز خالد البلشي بمقعد النقيب في الانتخابات التي أجريت في مارس/ آذار الماضي على حساب المرشح المقرب من الحكومة رئيس تحرير صحيفة الأخبار القومية خالد ميري، ظهرت ملامح أزمة جديدة تحتدم بين أعضاء مجلس النقابة العامة الحالي.
خلال الفترة الماضية زادت وتعمقت الخلافات بين أعضاء المجلس، والتي بدت كصراع كبير بين جبهتين، ويمثل الجبهة المعارضة وكيل نقابة الصحافيين ورئيس لجنة الشُعب والروابط محمود كامل الذي اعتاد الفوز بأعلى الأصوات في الانتخابات، إذ يقدم نفسه باعتباره ممثلًا للصوت المعارض داخل المجلس، مقابل رئيس تحرير مجلة روز اليوسف الحكومية أيمن عبد المجيد، وهو السكرتير العام السابق للنقابة ورئيس لجنة المعاشات الحالي ومحسوب على جبهة المقربين من الحكومة.
تجددت الأزمة بين الطرفين بعدما طالب محمود كامل، عبر "فيسبوك"، مساء السبت الماضي، بمراجعة قرارات المجلس السابق للنقابة بقيادة ضياء رشوان الذي يرأس الهيئة العامة للاستعلامات التابعة لرئاسة الجمهورية، ومحاسبة من يثبت تورطه في أي مخالفات.
وكشف كامل، في منشوراته، عن تقدمه بمذكرتين رسميتين إلى مجلس النقابة، للمطالبة بالتحقيق في ما وصفه بمخالفات إدارية ومالية وقع فيها أعضاء في مجلس النقابة السابق، وبتغيير بعض قواعد اتخاذ القرارات، لا سيما المالية منها.
وطالب في المذكرة الأولى بتشكيل لجنة تحقيق نقابية بشكل عاجل في واقعة قرار المجلس الذي وقّعه السكرتير العام السابق وعضو المجلس الحالي أيمن عبد المجيد، العام الماضي، وهو ما وصفه بالقرار المخالف للقانون بإعادة قيد زميلين شُطبا قبل نحو 8 سنوات سبقت قرار إعادة قيدهما، وأشار إلى أن القرار كشف عنه خلال المراجعة الإدارية التي يجريها المجلس الحالي، بمعرفة السكرتير العام الحالي جمال عبد الرحيم. وأكد كامل على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية والنقابية والتأديبية ضد من يثبت تورطه في اتخاذ هذا القرار، مع تصحيح الوضع وفقاً للقانون، بالإضافة إلى إصدار قرار من مجلس النقابة يلزم المجلس والمجالس القادمة باعتماد توقيعين على كل البيانات والإجراءات والقرارات خصوصاً المالية، وذلك للنقيب والسكرتير العام بصفتهما.
أما المذكرة الثانية، فطالب فيها بالتحقيق في وقائع صرف سلفة مالية لعدد من الزملاء، وصرف بدل التدريب خلال السنوات الماضية لعدد من غير المستحقين، سواء ممن انتقلوا لجدول غير المشتغلين أو الزملاء المسافرين خارج البلاد، وهي الحالات التي اكتشفها السكرتير العام الحالي وعرضها على مجلس النقابة خلال اجتماعي المجلس الماضيين. كما طالب بالإسراع في تنفيذ قرار المجلس بانتداب مراقب حسابات خارجي لمراجعة كل الإجراءات المالية التي تمت خلال السنوات الماضية، وذلك تنفيذاً لقرارات الجمعية العمومية بمراجعة ميزانية العام الماضي بعد رفضها.
الأزمة الحالية بين محمود كامل وأيمن عبد المجيد ليست الأولى، إذ دارت معركة كبيرة بين الطرفين في وقت تشكيل مجلس النقابة الحالي عقب الانتخابات. فعبد المجيد اتهم كامل بمحاولات تهميشه ومنعه من ترؤس لجان أو ممارسة نشاط حقيقي في المجلس. بينما أكد كامل وقتها أن ذلك التهميش مارسه عبد المجيد والمجلس السابق ضده وضد المعارضين منهم على مدار 4 سنوات مضت.
وانتقد عدد من الصحافيين نشر كامل المذكرتين على صفحته في "فيسبوك"، معتبرين أن نشر أخبار المهنة يجب أن يكون في المجمعات السرية الخاصة بها، وليس على الملأ من الجمهور، وهو ما رد عليه وكيل النقابة في منشور على صفحته، قال فيه: "أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين هم أصحاب السلطة الأعلى على مجلس النقابة، واعتدت خلال 8 سنوات خلال عضويتي بمجلس النقابة على الشفافية معكم، في عرض كل ما يدور داخل النقابة، وهو الأمر الذي عاهدتكم وعاهدت نفسي عليه بأن أظل عيناً لكم أياً كان النقيب، وأياً كان تشكيل المجلس"، وأضاف: "نشرت وقائع كارثية تستدعي تعامل المجلس معها بشكل عاجل، حتى ألزم مجلس النقابة علانية بالتحقيق الفوري في كل ما تم ذكره، وأعتبر أننا مهنة نشر بالمقام الأول وعلينا دعم نشر المعلومات على أوسع نطاق، وليس التضييق عليها ومنعها من الظهور للناس".
وما إن نشر كامل البيانات على صفحته، حتى تلقى العشرات من التعليقات المناهضة، والتي تتهمه بالانضمام لجماعة الإخوان المسلمين والعمل لصالحها، الأمر الذي رد عليه بمنشور جديد، اتهم فيه أصحاب تلك التعليقات بأنهم "لجان إلكترونية مأجورة" وتتعمد تشويهه وإفراغ الموضوع الذي أثاره من مضمونه.
وكان التيار المعارض قد تمكن من حصد نصف عدد مقاعد مجلس نقابة الصحافيين في الانتخابات الأخيرة (6 مقاعد)، لأول مرة منذ سنوات، لتتحقق له ومعه النقيب الأغلبية في التصويت على القرارات.
وتضم تلك الجبهة السكرتير العام جمال عبد الرحيم، ووكيل النقابة ورئيس لجنة القيد هشام يونس، ووكيل النقابة للتسويات وتطوير المهنة والتدريب محمد سعد عبد الحفيظ، ورئيس لجنة الرعاية الصحية والاجتماعية وممثل النقابة في صندوق التكافل والسكرتير العام المساعد محمد الجارحي، وأمين الصندوق ورئيس اللجنة الاقتصادية محمد خراجة.
بينما تضم الجبهة المقربة من الحكومة كلاً من رئيس لجنة المعاشات وعضو لجنة القيد أيمن عبد المجيد ، ووكيل النقابة ورئيس لجنة التشريعات إبراهيم أبو كيلة، ووكيل النقابة ورئيس لجنتي الشؤون العربية والمتابعة وعضو لجنة القيد حسين الزناتي، ووكيل النقابة ورئيس لجنة الخدمات والتكنولوجيا وعضو لجنة القيد الاستئنافي محمد يحيى يوسف، ورئيس لجنة الإسكان وعضو لجنة القيد الاستئنافي عبد الرؤوف خليفة، ورئيسة لجنتي المرأة والنشاط وممثلة النقابة لدى صندوق التكافل والسكرتيرة العامة المساعدة دعاء النجار.