خسرت منصة نتفليكس 200 ألف مشترك في أنحاء العالم كافة، في الربع الأول من العام، مقارنة بنهاية عام 2021، وهي سابقة منذ أكثر من عشر سنوات، وبالتالي انخفض سعر أسهمها أكثر من 24 في المائة في التبادلات الإلكترونية، بعد إغلاق وول ستريت الثلاثاء.
وأوضحت منصة نتفليكس الأميركية العملاقة للبث التدفقي أن هذا التراجع مرتبط أساساً بصعوبة الحصول على مشتركين جدد في كل مناطق العالم، بالإضافة إلى تعليق الخدمة في روسيا. وأضافت في بيان أرباحها: "أعطت جائحة كوفيد-19 صورة ضبابية، من خلال تضخيم نمونا في 2020، ما دفعنا إلى الاعتقاد أن معظم نمونا المتباطئ عام 2021 كان بسبب تقدم كوفيد-19".
وتوقّعت "نتفليكس" أن تكسب 2.5 مليون مشترك إضافي، وكان المحللون يتوقعون عدداً أكبر حتى، لكنها خسرت بدلاً من ذلك بعضاً منهم، ما أدى إلى انخفاض مجموع الاشتراكات إلى 221.64 مليوناً. وأوضحت المجموعة التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً: "سبّب تعليق خدمتنا في روسيا والانخفاض المستمر في عدد المشتركين الروس خسارة صافية بلغت 700 ألف اشتراك. ولولا ذلك، لكان لدينا 500 ألف اشتراك إضافي" مقارنة بالربع الماضي.
وحققت "نتفليكس" إيرادات بلغت 7.9 مليارات دولار، في الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار، أي 10 في المائة أكثر من الفترة نفسها العام الماضي، ويعزى ذلك خصوصاً إلى زيادة عدد المشتركين على أساس سنوي (6.7%) وزيادة كلفة اشتراكاتها. لكن أرباحها الصافية بلغت 1.6 مليار دولار، مقارنة بـ1.7 مليار في الربع الأول من عام 2021.
وقال المحلل لدى "إي ماركيتير" روس بينيس، إن خسارة "نتفليكس" مشتركين "أمر مهم جداً بالنسبة إلى شركة كانت تكسب مشتركين بشكل ثابت على مدى عقد". وأضاف أنه "مع انخفاض الاشتراكات وضعف آفاق النمو، سيتعين على المجموعة الاعتماد أكثر على الخدمات الثانوية، مثل ألعاب الفيديو أو المنتجات المشتقة، في محاولة لزيادة عائداتها"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.
ألعاب الفيديو
في مارس الماضي، أعلنت "نتفليكس" إطلاق سلسلة ألعاب فيديو لمشتركيها حول العالم، في ظل سعيها لتنويع منتجاتها والاستثمار في سوق ألعاب الفيديو المدرّة لأرباح طائلة. واثنتان من الألعاب التي طرحتها الشبكة مستوحتان من عالم سلسلة الرعب الخيالية العلمية "أمور غريبة" Stranger Things، فيما الألعاب الثلاث الباقية "شوتينغ هوبس" و"كارد بلاست" و"تيتر أب" ألعاب ورق أو خفّة، وبات بإمكان المشتركين في العالم أجمع المزودين أجهزة لوحية أو هواتف ذكية تعمل بنظام تشغيل "أندرويد"، التابع لمجموعة غوغل، تحميل الألعاب مجاناً من أجهزتهم واللعب من دون إعلانات.
واشترت "نتفليكس"، في سبتمبر/أيلول، أول استوديو لها لألعاب الفيديو، واسمه "نايت سكول استوديو"، وتعاقدت الصيف الماضي مع مايك فيردو الذي عمل سابقاً في شركة "إلكترونيك آرتس" وفيسبوك، للإشراف على أنشطتها في مجال ألعاب الفيديو.
وتفوق قيمة سوق ألعاب الفيديو في العالم 300 مليار دولار، وفق أرقام نشرتها شركة "أكسنتشر" العام الماضي.
ترسانة 2022
قدمت الشركة توقعات قاتمة للربع الثاني، إذ توقعت أن تفقد مليوني مشترك، رغم عودة مسلسلات مرتقبة بشدة مثل "أمور غريبة" Stranger Things، و"أوزارك" Ozark، والظهور الأول لفيلم "الرجل الرمادي" The Gray Man من بطولة كريس إيفانز ورايان غوسلينغ. وتتوقع وول ستريت بلوغ مشتركي "نتفليكس" 227 مليوناً في الربع الثاني، وفقاً لبيانات الشركة المالية "رفينيتيف".
وتطلق المجموعة الأميركية العملاقة في مجال البث التدفقي التي رسخت نفسها على مرّ السنين لاعباً رئيسياً في السينما، بفضل سلسلة أعمال ناجحة مثل "لا تنظروا إلى السماء" Don't Look Up في 2021 و"روما" Rome في 2018 و"ذا باور أوف ذا دوغ" The Power of the Dog في 2021، أكثر من 80 فيلماً روائياً طويلاً خلال العام الحالي. وتضم أفلام "نتفليكس" الدولية أسماءً كبيرة في هوليوود في الإخراج والتمثيل، بينهم جيسيكا شاستين وجود أباتو وغييرمو ديل تورو ودانييل كريغ.
مشاركة الحسابات
بالإضافة إلى الخطط المدعومة بالإعلانات، تتطلع الشركة أيضاً إلى تحقيق إيرادات إضافية من العملاء الذين يشاركون حساباتهم مع الأصدقاء أو العائلة خارج منازلهم. وأعلنت، الشهر الماضي، أنها تسعى لفرض رسوم على مشتركيها الذين يشاركون حساباتهم مع أشخاص لا يقيمون في المنزل نفسه. وبدأت حينها بتقديم خيار إضافة حتى شخصين إلى "الحسابات الفرعية"، مقابل رسوم شهرية تراوح بين دولارين و3 دولارات أميركية، في تشيلي وكوستاريكا وبيرو.
وقالت مديرة الابتكارات في "نتفليكس" تشنغيي لونغ: "نلاحظ أن الأشخاص لديهم خيارات ترفيهية متنوعة، لذا نحرص على أن تكون أي ميزات جديدة مرنة ومفيدة لمشتركينا الذين تموّل اشتراكاتهم مسلسلاتها وأفلامنا الرائعة". وأضافت لونغ أن الشركة تدرس طرقاً ليشارك الأشخاص حساباتهم "خارج منازلهم، بينما يدفعون أكثر قليلاً". وأشارت إلى أن "نتفليكس" ستدرس فائدة النموذج الجديد في الدول الثلاث، قبل إجراء تغييرات في أي مكان آخر.
وقد أعلنت سابقاً زيادة ما بين دولار واحد ودولارين على اشتراكاتها الشهرية في الولايات المتحدة.
ويكلف الاشتراك في الرزمة الأساسية حالياً 9.99 دولارات أميركية، وصولاً إلى الاشتراك الأغلى، وقيمته 19.99 دولاراً أميركياً.
تضارب الأحداث
نمت عائدات "نتفليكس" في الربع الأول عشرة في المائة إلى 7.87 مليارات دولار، وهو ما يقلّ قليلاً عن توقعات وول ستريت. وسجلت أرباحاً صافية للسهم الواحد بلغت 3.53 دولارات، متجاوزة توقعات وول ستريت عند 2.89 دولار. وكان من المتوقع أن تعترف خدمة البث المهيمنة في العالم بتباطؤ نموها، وسط منافسة شديدة من منافسين راسخين مثل "أمازون دوت كوم"، وشركات إعلامية تقليدية كـ "والت ديزني" و"وارنر براذرز ديسكفري" المشكلة حديثاً، ووافدين جدد ذوي ملاءة مالية كبيرة مثل "آبل".
وأنفقت خدمات البث 50 مليار دولار على محتوى جديد العام الماضي، في محاولة لجذب المشتركين أو الاحتفاظ بهم، وفقاً لشركة الأبحاث "أمبير أناليسيز". وهذه زيادة بنسبة 50 في المائة عن 2019، عندما أُطلق عدد من خدمات البث الجديدة، ما يشير إلى التصعيد السريع لما يُسمى "حروب البث".
أشارت "نتفليكس" إلى أنه على الرغم من المنافسة الشديدة، ظلت حصتها من مشاهدة التلفزيون في الولايات المتحدة ثابتة، وهي علامة على رضا المشتركين والاحتفاظ بهم. وشددت الشركة قائلة: "نريد زيادة هذه الحصة بشكل أسرع".
وخدمات البث ليست الشكل الوحيد للترفيه الذي يقضي فيه الأشخاص وقتهم؛ فقد كشفت أحدث دراسة استقصائية عن اتجاهات الوسائط الرقمية من شركة "ديلويت"، في أواخر مارس، أن الجيل "زِد"، أي الذين تراوح أعمارهم بين 14 و25 عاماً، يقضي وقتاً أطول في ممارسة الألعاب من مشاهدة الأفلام أو المسلسلات التلفزيونية في المنزل، أو حتى الاستماع إلى الموسيقى.
وقالت غالبية من الجيل "زد" وجيل "الألفية" ممن شملهم الاستطلاع، إنها تقضي وقتاً أطول في مشاهدة مقاطع الفيديو التي أنشأها مستخدمون مثل تلك الموجودة على "تيك توك" و"يوتيوب"، مقارنة بمشاهدة الأفلام أو العروض على البث المباشر.