أخيراً أنهت وزارة الثقافة المصرية أعمال ترميم قصر الجزيرة منطقة الزمالك غرب القاهرة، الذي يعد جزءاً مهماً من فندق ماريوت الشهير في مصر، الجارية منذ أكثر من 36 عاماً. كان المشروع مسنداً إلى شركة المقاولات العامة المصرية "حسن علام"، التي تسلّمت العمل في المشروع عام 1988 بتكلفة تتجاوز 50 مليون جنيه (نحو مليون دولار)، ثم طلبت زيادات لإنهاء الترميم، بلغت أخيراً نحو عشرة ملايين جنيه (200 ألف دولار). جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة تدخّل لتسلّم المشروع المتعثر ترميمه، وسُحِب المشروع من "حسن علام" وأُسند إلى الجهاز، بميزانية مضاعفة.
تكلفة أعلى خمسة أضعاف
طالب الجهاز في البداية بمبلغ 85 مليون جنيه (مليون و650 ألف دولار تقريباً) لإنهاء الأعمال المعلقة، والتي كانت الشركة قد قدرتها سابقاً بـ10 ملايين جنيه فقط. لاحقاً طلب الجهاز زيادة الميزانية في المرحلة الأولى بمقدار 15 مليون جنيه (300 ألف دولار)، لتصل التكلفة إلى 100 مليون جنيه (مليوني دولار)، ثم رفعها مجدداً إلى حوالي 200 مليون جنيه (أربعة ملايين دولار). وارتفعت أخيراً تكلفة ترميم قصر الجزيرة التاريخي من 50 مليون جنيه عام 1988 إلى أكثر من 413 مليون جنيه (8 ملايين و300 ألف دولار تقريباً)، وفقاً لدراسة نهائية قدمها جهاز الخدمة الوطنية.
أثار هذا الارتفاع أزمة داخل وزارة الثقافة التي أعلنت عدم قدرتها على توفير هذه التكلفة المبالَغ فيها. وللتغلب على المشكلة، عرض الجهاز على الوزارة الحصول على قرض من بنك الاستثمار القومي لتمويل المشروع، متعهداً بالتدخل لتسهيل الحصول على القرض اللازم لإتمام أعمال الترميم.
قالت مصادر لـ"العربي الجديد" إنه خلال العقود الثلاثة الماضية، تباطأت شركة "حسن علام" في تنفيذ أعمال الترميم، مكتفيةً بإجراء ترميمات جزئية لأجزاء محدودة من المبنى من دون استكمال المراحل الثلاث المتفق عليها مع وزارة الثقافة. أبدت الوزارة استياءها مراراً بسبب التأخر في إنجاز المشروع وتسليم المبنى لهيئة الفنون التشكيلية المشرفة على القصر. وفي عام 2020، وبعد مرور أكثر من 30 عاماً على بدء المشروع، تعهدت "حسن علام" باستكمال كل مراحل الترميم خلال ستة أشهر، مطالبةً بزيادة قدرها 30 مليون جنيه فوق العشرة ملايين المتبقية من مستحقاتها. وبهذا ارتفعت التكلفة الإجمالية إلى 80 مليون جنيه، إلا أن الشركة لم تلتزم بالتنفيذ، مما دفع الوزارة إلى سحب المشروع منها.
تاريخ قصر الجزيرة
قصر الجزيرة واحد من أبرز القصور الملكية المصرية التي تعود إلى أسرة محمد علي. يقع القصر في حي الزمالك على نهر النيل غرب القاهرة، وقد صممه المعماري الألماني كارل فون ديبتش بتكليف من الخديوي إسماعيل ليكون مقر إقامة لكبار الشخصيات الدولية خلال افتتاح قناة السويس عام 1869. في عام 1889 اشتراه بول درانت باشا والقائد أوبليت، وبحلول عام 1906 تحوّل إلى فندق قصر الجزيرة الفخم. وخلال الحرب العالمية الأولى استخدم القصر مستشفىً أسترالياً عامّاً.
يضم القصر لوحات وتماثيل باهظة الثمن من أعمال أشهر النحاتين والرسامين الأوروبيين، ويستوحي تصميمه من الطراز الشرقي والفن الإسلامي. وتتميز تصاميمه الداخلية بأقمشة وأثاث ومشغولات مستوحاة من مدارس فرنسية وألمانية وإيطالية. من أبرز مقتنيات القصر نافورة معدنية مشغولة، سلم رخامي، ست ساعات جدارية قديمة، لوحات فنية، منها لوحة للإمبراطورة أوجيني، طاولة رخامية تعود لعهد الملك لويس الرابع عشر. وفي عام 1962 جرى تأميم القصر وتحويله إلى فندق باسم "عمر الخيام"، وفي بداية السبعينيات تولّت شركة ماريوت العالمية إدارته، ليظل حتى اليوم أحد أجمل فنادق القاهرة وأكثرها فخامة.