ستتيح أعمال ترميم لمعمودية فلورنسا، وهو معلم سياحي وثقافي معروف أيضاً بتسمية معمودية سان جون ويقع مقابل كاتدرائية فلورنسا، لزائريه الاطلاع اعتباراً من أواخر فبراير/ شباك من كثب، على العمل الفسيفسائي المذهل الذي يزيّن سقفه، ومن بين ما يظهره، شيطان بثلاثة رؤوس، شكّل إلهاماً للشاعر دانتي.
وبعد ست سنوات من أعمال الترميم، سيتمكن السياح من تسلق سقالة ثُبّتت على شكل حبة فطر، وصُّممت خصيصاً لهذه المناسبة، حتى يطّلعوا من قرب على الفسيفساء التي تظهر مشاهد من الكتاب المقدس، وتمتد على مساحة ألف متر مربع، وتتميز بألوان كثيرة ولمسة ذهبية.
وتشكل الفسيفساء التي تتألف من نحو عشرة ملايين قطعة صغيرة من الرخام والزجاج والسيراميك، عملاً لثلاثة أجيال من الفنانين، بينهم تشيمابو الذي يعتبر معلّم الرسام جيوتو.
ويقول المهندس المعماري المسؤول عن مشروع الترميم، سامويل كاسيالي، في حديث إلى وكالة فرانس برس: "ستكون المرة الأولى، وآمل أن تكون الأخيرة، التي سيتمكن فيها الزائرون من الاطلاع على الفسيفساء من كثب، إذ سيعني ذلك نجاح عملية الترميم".
ويعود آخر ترميم خضع له هذا المعلم الذي تلقى معلّم الأدب الإيطالي دانتي أليغييري (1265-1321) سر المعمودية فيه عام 1266، إلى أكثر من قرن، وتحديداً بين عامي 1898 و1907.
وتقول بياتريس أغوستيني التي تشرف على فريق الترميم بأسف: "هناك حالياً شقوق في كل قسم من السقف، بالإضافة إلى انفصال قطع من الفسيفساء عنه".
شيطان ذو قرنين
ووضعت سقالة تتيح الوصول إلى سقف المعلم على شكل حبة فطر، لضرورة ترك مساحة كافية، حتى يتمكّن الزوار الذين يأتون سنوياً بالملايين، من الاستمتاع بأقدم مبنى ديني في توسكانا.
وتؤدي سقالة مثبتة في وسط المبنى إلى الفسيفساء التي تمتد على 630 متراً مربعاً ومقسمة إلى ثمانية مستويات ومغطاة بقطعة من القماش الشفاف.
واعتباراً من 24 فبراير، سيتمكن الزوار من الصعود على المنصة التي يبلغ ارتفاعها 30 متراً والاطلاع من كثب على صورة وجه المسيح وملائكة الكاروبيم والكهنة والوحوش المرعبة.
ويقال إنّ شيطاناً ذا قرنين يلتهم ثلاثة أشخاص من الخطاة يظهر بجانب رجل عارٍ يتعرض للحرق، ألهم دانتي في تجسيد الجحيم بكتابه "الكوميديا الإلهية" الشهير.
وتضررت الفسيفساء بفعل تسرب مياه الأمطار من السقف وفيضان كبير تعرضت له المنطقة عام 1966 وزلازل ضربتها.
وباشر المرممون أخيراً بجمع صور لقطع الفسيفساء المربعة التي يراوح مقاسها بين 5 إلى 20 ملليمتراً، بعدما نفضوا الغبار عنها بعناية.
أسرار صغيرة
ويتوقع أن تبلغ تكلفة ترميم هذا العمل الدقيق وحدها 4.5 ملايين يورو.
ويشكل أصل معمودية فلورنسا التي تطرّق إليها دان براون في روايته "الجحيم" موضع نقاش بين الخبراء، إذ يعتبر كثيرون أنّ هذا المعلم كان في الأساس معبداً مخصصاً للإله الروماني مارس.
وكان الانتهاء من بناء النصب بشكله الحالي عام 1128، فيما بدأ العمل على الفسيفساء عام 1225، واستغرقت تغطية أجزاء السقف الثمانية بالقطع الصغيرة 70 عاماً.
ويبدي المرممون أملاً في أن يكشف هذا العمل "مزيداً من الأسرار الصغيرة التي تخفيها معمودية فلورنسا الغامضة جداً"، على حد قول أغوستيني.
(فرانس برس)