قبل أربعين عاماً، طرح مايكل جاكسون ألبوم "ثريلر" الذي أصبح أكثر الألبومات مبيعاً على الإطلاق، ليرسي معه أسلوباً هجيناً في موسيقى البوب استحال معياراً مذاك. وبيعت "أكثر من مائة مليون" نسخة من "ثريلر" الذي طُرح في نوفمبر/تشرين الثاني 1982، بحسب شركة سوني وورثة جاكسون.
كان لهذا الألبوم الفضل في إعطاء لقب "ملك البوب" لجاكسون. إلا أنّ صورة هذا النجم تبدّلت ولم تعد كما هي إلّا لمعجبيه، بعدما عرض عمل وثائقي لاقى معارضة من ورثة جاكسون، تناول اتهامات طاولته باعتدائه جنسياً على أطفال، وهو ما نفاه خلال حياته ولم يُدن به مطلقاً.
ومع ذلك، شكّل ألبوم "ثريلر" علامة بارز في التاريخ الموسيقي. واستوحي ألبوم "دون إف إم" للمغني ذي ويكند الذي صدر أوائل عام 2022 من ألبوم جاكسون الشهير. وقال المغني الكندي، في تصريح إلى مجلة جي كيو: "أنا معجب بمايكل، فهو شخص مذهل. وعندما انطلقت في عالم الموسيقى، كنت أطمح لأن أحقق ما أنجزه".
يعود التنوع الموسيقي في ألبوم "ثريلر" إلى التعاون بين مايكل جاكسون والمنتج كوينسي جونز الذي سبق أن أنتج لجاكسون ألبوم "أوف ذي وول" سنة 1979. في البداية، تواصل جاكسون مع جونز لمساعدته في العثور على منتج، فما كان من "كيو"، وهو لقب كان فرانك سيناترا يطلقه على جونز، إلا أن طرح نفسه للعمل مع المغني.
يشير الفرنسي أوليفييه كاشان، مؤلف كتابي "مايكل جاكسون، حياة البوب" و"مايكل جاكسون، التحولات الموسيقية"، إلى أنّ "شركة الإنتاج كانت تعارض مشاركة كوينسي جونز في ألبوم أوف ذي وول بسبب نظرتها السلبية لمنتج ذي خلفية خاصة بموسيقى الجاز التي كانت تُعتبر آنذاك غير مربحة في قطاع الموسيقى".
إلا أنّ التعاون بين جونز وجاكسون اللذين أنتجا سوياً ألبوم "ثريلر" أحدث شرارة لنجاح الألبوم، بالمعنى الفعلي والمجازي.
وقال جونز لمجلة رولينغ ستون: "استغرق إنجاز أغنية بيت إت خمسة أيام وليالٍ من العمل المتواصل، من دون أخذ قسط من الراحة، لدرجة أنّ مكبرات الصوت في الاستوديو سخنت واشتعلت". وشارك في الأغنية عازف الغيتار ستيف لوكاثر، كما سُجلت مشاركة العازف إدي فان هالن في الألبوم، وبذلك كان "ثريلر" يضمّ أغاني تحوي مقاطع موسيقية صاخبة، بالإضافة إلى ضمّه دويتو عنوانه "ذا غيرل إز ماين" جمع مايكل جاكسون وبول ماكارتني.
واستُخدمت في أغنية "وانا بي ستارتين سامثينغ" موسيقى الراب ومقاطع موسيقية من أغنية "سول ماكوسا" لعازف الساكسفون مانو ديبانغو الذي يشكل أحد أبرز الأسماء في موسيقى الأفرو جاز، ما فتح الباب أمام سلسلة من الدعاوى القضائية المرتبطة بالسرقة الأدبية انتهت بتسوية مالية.
وتزامناً مع الذكرى الأربعين لصدوره، يُطرح اليوم ألبوم "ثريلر 40"، إذ سيضم أعمالاً غير مسبوقة لجاكسون. أما الألبوم الأساسي الذي يضم تسع أغان فجرى تصوير عدد منها عام 1983.
إلا أنّ قناة إم تي في الموسيقية الوليدة آنذاك، والتي كانت تبث أغنيات روك خاصة بمغنين بيض، رفضت حينها عرض أغنية "بيلي جين" لجاكسون. وهدّد وولتر يتنيكوف، رئيس الشركة المسؤولة عن أعمال جاكسون، "المسؤولين في إم تي في بإدانتهم علناً على أنّهم عنصريون ومنعهم من حيازة أعمال مصوّرة لفناني روك يتولى إدارة أعمالهم"، بحسب ما يوضح كاشان. وقد ربح يتنيكوف المعركة.
إلا أنّ موقف يتنيكوف أتى بالرفض عقب اقتراح جاكسون في نهاية عام 1983 تصوير فيديو مدته 14 دقيقة تقريباً لأغنية "ثريلر" من إخراج جون لانديس الذي تولى إنجاز فيلم "ذا بلوز براذرز". ويشير أوليفييه كاشان إلى أنّ يتنيكوف "لم يكن يرى سبباً لإنفاق نحو مليون دولار، وهو مبلغ لم يُنفَق سابقاً لعمل مصوّر، فيما ألبوم ثريلر يتصدّر جداول التصنيفات، إلا أنّ مايكل جاكسون كان يتمتع برؤية معيّنة وكان عنيداً".
وأقيم عرضٌ أوّل للعمل المصوّر في إحدى دور السينما في لوس أنجليس أمام كوكبة من النجوم. وفي العمل، يتحوّل جاكسون إلى رجل ذئب مدة أربع دقائق قبل انطلاق الأغنية. ثم يخرج موتى أحياء من قبورهم، على خلفية صوت فينسنت برايس، الاسم البارز في أفلام الرعب خلال خمسينيات القرن الفائت وستينياته. وبذلك، أحدث "ثريلر" ثورة أخرى بين موسيقى البوب وأفلام الرعب.
(فرانس برس)