ثلاثة أسئلة عن أجهزة البيجر وطريقة تفجيرها

19 سبتمبر 2024
البيجر جهازٌ لاسلكي صغير يُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- جهاز البيجر هو جهاز لاسلكي صغير يُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة والتنبيهات، وكان شائعاً قبل الهواتف المحمولة.
- حزب الله استورد شحنة من ألف جهاز بيجر، والتي تم اختراقها وزرع متفجرات فيها من قبل الاستخبارات الإسرائيلية.
- الهجوم تم بتفجير الأجهزة عن بعد، إما بإغراق ترددات الراديو أو باستخدام طائرات بدون طيار، مما أدى إلى انفجارات قوية وسريعة.

بعد ساعات من انفجار أجهزة النداء الآلي أو البيجر (Pager)، التي كانت بحوزة عناصر من حزب الله، باتت الرواية الاولية واضحة لطريقة حصول هذه الانفجارات المتزامنة بين آلاف الأجهزة. نجيب في ما يلي عن ثلاثة أسئلة تقنية مرتبطة بالهجوم.

ما هو جهاز البيجر؟

بحسب بيان أصدرته منظمة سمكس (مقرها بيروت، وتُعنى بتعزيز الحقوق الرقمية في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا) فإنّ جهاز النداء (Pager) هو "جهازٌ لاسلكي صغير يُستخدم لاستقبال الرسائل القصيرة أو التنبيهات. كان يستخدم على نطاقٍ واسع قبل شيوع الهواتف المحمولة، لا سيما في الثمانينيات والتسعينيات، وكان يُفضّل استخدامه من قبل الأطباء والمستجيبين لحالات الطوارئ ورجال الأعمال بسبب موثوقيّته في استقبال الإشعارات العاجلة".
يتميز البيجر بعدم الحاجة لاتصال مباشر بالمكالمات الصوتية، ما يجعله مفيداً في مواقف معينة مثل الحالات الطارئة أو العمل في الأماكن التي يصعب فيها الحصول على تغطية جيدة للهواتف المحمولة.
يشرح مدير التكنولوجيا وأمن المعلومات في مجموعة فضاءات ميديا أيمن قدورة أن هذه الأجهزة تعمل على ترددات الراديو، مثل جهاز اللاسلكي أو الراديو في السيارة أو المنزل، "هناك هوائيات موزعة تعمل بتردد معين. الأجهزة تكون مرتبطة ببعضها البعض على هذا التردد، وكل جهاز له رمز تعريفي خاص به".

كيف وصلت أجهزة البيجر إلى لبنان؟

بحسب ما قال مصدر مقرب من حزب الله، لوكالة فرانس برس فإن "أجهزة الإشعار التي انفجرت وصلت عبر شحنة استوردها الحزب مؤخراً تحتوي على ألف جهاز"، يبدو أنه "تم اختراقها من المصدر". ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين ومن جنسيات أخرى قولهم إن الاستخبارات الإسرائيلية تمكنت من اعتراض أجهزة الاتصال قبل وصولها إلى لبنان ووضعت كميات صغيرة من المتفجرات وصاعقا إلى جانب البطارية. وقالت هذه المصادر إن حزب الله اشترى أكثر من ثلاثة آلاف جهاز من طراز "إي آر924" من شركة غولد أبولو التايوانية.
إلا ان شركة غولد أبولو التايوانية أكدت الأربعاء أن أجهزة الاتصال من صنع شريكها المجري. وقالت الشركة في بيان إنها تقيم "شراكة طويلة الأمد" مع شركة بي إيه سي ومقرها في بودابست لاستخدام علامتها التجارية مضيفة أن الطراز المذكور في تقارير إعلامية "تصنّعه وتبيعه بي إيه سي".
وقال مؤسس شركة غولد أبوللو هسو تشينغ كوانغ  للصحافيين في مقر الشركة بمدينة نيو تايبه شمال تايوان اليوم الأربعاء "المنتج ليس تابعا لنا. إنه فقط يحمل علامتنا التجارية". وكان العنوان المذكور لشركة بي. إيه. سي للاستشارات في بودابست عبارة عن مبنى صغير يقع في شارع معظمه سكني في ضاحية نائية. ووجد اسم الشركة مكتوباً على ورقة إيه 4 على الباب الزجاجي. وتتنوع أنشطة شركة بي.إيه.سي المسجلة، من نشر ألعاب الكمبيوتر إلى استشارات تكنولوجيا المعلومات إلى استخراج النفط الخام.

كيف حصل الهجوم؟

يشرح قدورة: "بعدما تأكد موضوع زرع المتفجرات داخل الأجهزة، ظهرت سيناريوهات لآلية تفجيرها في وقت متزامن. أولاً فإن تنفيذ هذه العملية في الوقت نفسه لآلاف الأجهزة يدل على وجود تحكم خارجي عن بعد". لكن كيف يحدث هذا التحكم الخارجي؟ هناك احتمالان بحسب قدورة: الأول والأكثر ترجيحاً يتمثل في إغراق ترددات الراديو المستخدمة للتواصل بين الأجهزة، بكمية هائلة من الرسائل، ما أدى إلى الضغط على الأجهزة، أي أن قدرة المعالجة باتت غير قادرة على التحمل، "ما أدى إلى سخونة البطارية. وكانت شرارة واحدة من البطارية التي سخنت بدرجة معينة كافية لتفعيل الانفجار داخل الجهاز. هذا هو الاحتمال الأكبر... أما فرضية الثانية فهي أن طائرات بدون طيار مرت فوق المنطقة التي كانت تعمل فيها هذه الأجهزة وقامت بتفجيرها عن بعد". ويضيف أن تعقيدات العملية، لم تكن باختراق ترددات الراديو والسيطرة عليها، بل هذه هي المرحلة الأسهل من العملية، "لكن الأصعب كان في كيفية وصول الأجهزة، وكيفية زرع المتفجرات فيها، وكيفية دخولها إلى لبنان من دون أن يلاحظها أحد، دون أن يتم كشفها أو الشك فيها".

تكنولوجيا
التحديثات الحية

من جهته كتب تشارلز ليستر الخبير لدى معهد الشرق الأوسط (MEI) على منصة إكس، أنه "وفقا لتسجيلات الفيديو... من المؤكد أنه تم إخفاء عبوة بلاستيكية متفجرة صغيرة بجانب بطارية يتم تشغيلها من بعد عن طريق إرسال رسالة". وهذا يعني في رأيه أن "جهاز الموساد (الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية المسؤولة عن العمليات الخاصة) اخترق سلسلة التوريد".
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز فإنّ حزب الله طلب الأجهزة من شركة "غولد أبولو"، لكنّ تم التلاعب بهذه الأجهزة قبل وصولها إلى لبنان. وكانت معظم الأجهزة من طراز AR924 للشركة، بالإضافة إلى ثلاثة نماذج أخرى من "غولد أبولو" التي كانت ضمن الشحنة. وزُرعت كمية من المتفجرات، تتراوح بين أوقية إلى أوقيتين، بجانب البطارية في كل جهاز نداء، وفقًا لما قاله اثنان من المسؤولين الأميركيين للصحيفة. كما تم تفيعل مفتاح في الجهاز للتفجير عن بعد.
في الساعة 3:30 مساءً بتوقيت بيروت، تلقت أجهزة النداء، رسالة بدت وكأنها قادمة من قيادة حزب الله، وفقًا لما ذكره مسؤولان. لكن في الواقع، قامت الرسالة بتفعيل المتفجرات.
وذكر خبراء مستقلون في مجال الأمن السيبراني لصحيفة نيويورك تايمز، الذين درسوا لقطات الهجمات، أنه من الواضح أن قوة وسرعة الانفجارات ناتجة عن نوع معين من المواد المتفجرة. وقال ميكو هيبونين، أخصائي الأبحاث في شركة البرمجيات WithSecure ومستشار مكافحة الجريمة الإلكترونية في "يوروبول": "من المحتمل أن هذه الأجهزة تم تعديلها بطريقة ما لتسبب هذا النوع من الانفجارات، حجم وقوة الانفجار يشيران إلى أنه لم يكن مجرد تفجير البطارية".

المساهمون