تستعد قناة دوجد (مطر) الروسية ذات التوجهات الليبرالية المعارضة لعملية انتقال جديدة، بعد أن قررت السلطات اللاتفية إلغاء ترخيصها اعتباراً من 8 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بسبب ما اعتبرته مواقف مؤيدة لموسكو التي تشنّ حرباً على أوكرانيا منذ 24 فبراير/ شباط الماضي.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مديرة القناة ناتاليا سيندييفا، اليوم الثلاثاء، مواصلة البث عبر "يوتيوب" وعزمها استخراج ترخيص جديد في بلد آخر، أرجع المجلس الوطني لوسائل الإعلام الإلكترونية في لاتفيا قراره إلى "تهديد الأمن القومي والنظام العام".
وتفاقم الوضع بين القناة الروسية والسلطات اللاتفية بعد أن أعرب أحد مذيعي "دوجد" عن أمله أن تكون مشاركة المشاهدين عبر القناة للمعلومات حول مشكلات الجيش الروسي قد ساعدت في حلها، وتغريم القناة بسبب عرض خريطة تظهر شبه جزيرة القرم كجزء من روسيا، وغيرهما من مواقف.
ومن اللافت أن حظر قناة روسية معارضة جاء هذه المرة من قبل سلطات دولة تعرف، شأنها في ذلك شأن غيرها من جمهوريات البلطيق الثلاث، بمواقف متشددة حيال روسيا والحرب على أوكرانيا، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت الواقعة تصب في مصلحة الكرملين وتصويره الأمر وكأن حدود حرية التعبير في بلدان الاتحاد الأوروبي لا تختلف عنها في أي دولة أخرى.
وكتب الصحافي الروسي المستقل إيليا جيغوليوف، على حسابه في "فيسبوك": "كان من الصعب اختراع هدية أفضل من ذلك لدعاية الدولة. تشتري أوروبا الغاز، ممولة أعمال القتال في أوكرانيا، والآن تلحق ضربات بالصحافيين المعارضين، مساعدةً ديوان الرئاسة الروسية".
من جانب آخر، اعتبر رئيس تحرير مجلة روسيا في السياسة العالمية فيودور لوكيانوف أن الموقف المتناقض مع قناة دوجد يعكس استقراراً لوضع الحرب الباردة متكاملة الأركان التي لا يمكن أن تكون فيها "نغمات نصفية أيديولوجية"، حيث يجب اختيار الطرف بشكل واضح وجازم.
وكتب لوكيانوف في مقال له بصحيفة فزغلياد الإلكترونية الموالية للكرملين: "أشكال المواجهة الفكرية الأيديولوجية ستختلف، بالطبع، عن الحرب الباردة الأولى. تغيرت بيئة الاتصالات كثيراً، هذه الحقيقة تمخضت عن الافتراض أن النموذج السابق غير وارد، ولكن هذا الاعتقاد خاطئ. حتى إعادة التصميم الأكثر حرفية لا تغير جوهر المنتج".
وعلى صعيد رسمي، اعتبر الناطق الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن إلغاء ترخيص "دوجد" في لاتفيا يعد مثالاً للأوهام، قائلاً في تصريحات صحافية: "هناك من يرون طوال الوقت أن الوضع في مكان ما أفضل من وطنهم. هناك من يبدو لهم طوال الوقت أن هناك حرية في مكان ما وانعدام الحرية في الوطن. هذا خير مثال يظهر خطأ مثل هذه الأوهام".
وكان المجلس الوطني لوسائل الإعلام الإلكترونية في لاتفيا قد منح "دوجد" ترخيص البث في يونيو/ حزيران الماضي، وذلك بعد نحو ثلاثة أشهر على حجب القناة في روسيا في 1 مارس/ آذار الماضي، بعد أيام معدودة على بدء الحرب في أوكرانيا.
واتهمت النيابة العامة الروسية "دوجد" بنشر معلومات كاذبة حول أعمال العسكريين الروس في أوكرانيا، بينما أعلنت القناة في 3 مارس/ آذار عن تعليق عملها بشكل مؤقت بسبب قانون الملاحقة الجنائية بحق من ينشر أخباراً كاذبة حول الجيش الروسي.