غيّب الموت، الاثنين، الفنان محمد الأمين، الذي يعد أحد أهم وأشهر المغنين في تاريخ السودان، عن عمر ناهز ثمانين عاماً.
وتوفيّ الراحل، المعروف بين محبيه باسم "الباشكاتب" في أحد مستشفيات الولايات المتحدة الأميركية التي غادر إليها بعد اندلاع الحرب في السودان في الخامس عشر من إبريل/ نيسان الماضي.
ولد محمد الأمين بمدينة ود مدني، وسط السودان، في أربعينيات القرن الماضي، قبل أن ينتقل إلى العاصمة الخرطوم لتنطلق شهرته الواسعة بعد تسجيله عدداً من الأغاني للإذاعة السودانية.
خلال مسيرته الفنية تعاون مع عدد من الشعراء، أبرزهم ابن مدينته الصحافي الراحل فضل الله محمد الذي غنى عدداً من قصائده الثورية مثل "أكتوبر واحد وعشرين" و"الجريدة" و"ما ممكن تسافر"، كذلك غنى أشعاراً من هاشم صديق وعمر محمود خالد وغيرهم الكثيرون.
وشارك الأمين في العديد من المهرجات العالمية، وساهم بشكل كبير في تصدير الأغنية السودانية، ومنحته رئاسة الجمهورية في العام 2014 وسام الجدارة تقديراً لجهوده في مجال الغناء.
عقب وفاته، نعى مجلس السيادة السوداني الفنان محمد الأمين، مشدداً على أنّه رمز من رموز الفن والثقافة، والذي لعب دوراً مميزاً في إثراء الأغنية السودانية بالعديد من الألحان والأغاني الخالدة. كما اتصل رئيس المجلس عبد الفتاح البرهان بعائلة الراحل المقيمة في الولايات المتحدة مقدماً تعزيته.
أمّا تجمع المهنيين السودانيين، فقد أصدر بياناً افتتحه بعبارة: "وداعاً طائر الأحلام" مشيداً بالإرث الموسيقي والغنائي الرفيع الذي تركه الراحل.
وأضاف البيان أنّ الراحل "لم يسجن نفسه" في لون غنائي محدد، بل ساهم بصورة كبيرة في رفع الحس الوطني بغنائه لأوبريت الملحمة "قصة ثورة أكتوبر" و"المتاريس" وغيرها. كذلك ذكّر البيان بوقوف الفنان إلى جانب ثورة ديسمبر في السودان، و"كلماته المبكية" بعد صعوده مسرح اعتصام القيادة العامة وغنائه للثورة.
وتابع التجمع: "يُمثل محمد الأمين بإسهاماتهِ الموسيقية والوطنية ذاكرةً للسودان والسودانيين، تُعبر عن الإنسان والمكان، وهو فخرٌ وطني أسهم في سعيهم للحرية والسلام والعدالة".
وقال الناقد رامي محكر في حديث مع "العربي الجديد" إنّ "رحيل الأمين ليس رحيلاً عادياً، فهو الوحيد من جيل الفنانين الكبار الذي استطاع أن يعتلي مسارح السودان جامعاً أجيالاً مختلفة، ورابطاً بينها".
وأضاف محكر: "بالرغم من انتماء الأمين للمدرسة الكلاسيكية في الغناء من حيث الاهتمام بالموسيقى والألحان والمقدمات الموسيقية، إلا أن ذلك لم يكن عائقاً في وصوله إلى الجيل الحالي المتمرد على كل قديم، فقد تنوعت أعماله بين النضال والثورة والعاطفة وعشق الوطن"، مبيناً أنّ "أثره الفني سيظل خالداً من جيل إلى جيل".
ونعى العديد من المستخدمين على منصات التواصل الاجتماعي في السودان المغني الراحل، وكتب حاكم إقليم دارفور منّي أركو منّاوي عبر حسابه على "إكس": "فارقنا النوّار اليوم مخلفاً وراءه فراغاً عريضاً، تاركاً لنا مدرسة فنية متفردة، وما كان محمد الأمين، الباشكاتب إلّا وجداناً سودانياً سليماً، التزم رسالته التي وهب حياته لأجلها، فارقتنا وما زلنا نتعلم من الأيام، لترقد بسلام".